الشيخ جعفر السبحاني ..
[ويمكن تقسم الموضوع إلى الآتي : أ - عِلْمه تعالى بالجُزْئِيات ] :
أنَّه تعالى عالم بما مضى وما يأْتي وما هو كائن وما في الكون من الأسرار والرموز. يقول سبحانه : {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} [الأنعام: 59].
ويقول سبحانه : {قُلْ إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَيَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} [آل عمران: 29].
ويقول سبحانه : {اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ} [الرعد: 8].
وقال تعالى : {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ} [ق: 16].
وقال عزَّ مِنْ قائل : {عَالِمِ الْغَيْبِ لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَلَا أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} [سبأ: 3].
كلمات الإِمام علي ( عليه السَّلام ) في علمه تعالى بالجزئيات :
قال أمير المؤمنين ( عليه السَّلام ) : « لا يَعْزُبُ عَنْهُ عَدَدُ قَطْرِ السَّماءِ ، ولا نُجُومُها ولا سَوافي الريحِ في الهواء ، ولا دَبيبُ النَّملِ على الصَّفا ، ولا مَقيلُ الذَّرِّ في الليلةِ الظَّلْماءِ ، يَعْلَمُ مساقِطَ الأورَاقِ ، وخَفِيَّ الأحداق » (1).
وقال ( عليه السَّلام ) : « الحَمْدُ لله الذي يَعْلَمُ عجيجَ الوحوشِ في الفَلَوات ، ومعاصي العبادِ في الخَلَوات ، واختلافَ الحينانِ في البحارِ الغامِرات ، وتلاطُمَ الماء بالرياح العاصفات » (2).
وقال ( عليه السَّلام ) : « قد عِلِمَ السرائرَ ، وخَبَرَ الضمائرَ ، له الإِحاطة بكُلّ شَيْء » (3).
إلى غير ذلك من الآيات [والأحاديث] الدَّالة على عِلْمه تعالى بالجُزْئِيات.
[ ب - رفعة التَّعبير القرآني عن سعة علمه ] :
إِنَّ من المفاهيم المُعْضِلَة هو تصور مفهوم اللامتناهي بحقيقته وواقعيته ، فإنَّ الإِنسان لم يزل يتعامل في حياته مع الأمور المحدودة ولذلك أصبح تصور اللامتناهي أمراً مشكلاً في غاية الصعوبة عليه. فهذه المنظومة بما فيها من السَّيَّارات جُزْءٌ من مَجَرَّتِنا الواسعة ومع ذلك فالجزء والكُلُّ متناهيان من حيث الذرّات والمركبات. وإنَّ أكبر عدد تعارف الإِنسان العادي على استخدامه في حياته هو رقم المليار الذي يتألف من رقم واحد أمامه تسعة أصفار.
ثم إِنَّ الحضارة البشرية بسبب تكاملها في العلوم الرياضية توصلت إلى ما يسمى بالأرقام النجومية ومع ذلك فإنَّ كل ما توصل إليه الإِنسان من الأرقام حتى النجومية لا يتجاوز كونه عدداً متناهياً ، والقرآن الكريم عندما يريد بيان علمه سبحانه من حيث كونه لا متناهياً ، لا يستخدم الأرقام والأعداد الرياضية وحتى النجومية لانتهائها إلى حدٍّ ما ، بل يأتي بمثال رائع يبين سعة علمه ويقول : {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [لقمان: 27].
أنظر إلى هذا التعبير الرائع الذي يفوق كل التعابير فلا تجد أيَّ رقم رياضي يصوِّر سعةَ علمه سبحانه يعادل قوله: { مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ }. ولو قال أحدٌ إِنَّ مقدار علمه هو العدد الواحد أمامه مئات الأصفار لما أفاد أيضاً ما يفيده قوله : { مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ } وبذلك تقف على حقيقة قوله سبحانه : {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا} [الإسراء: 85] ، فإنه يعبر عن مَحْدُودِيَّة المقاييس والمعايير البشرية كما يُعَبِّر عن قِلّةِ عِلْمِ الإِنسان وضآلةِ معارفه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ نهج البلاغة ، خطبة 178.
2 ـ نهج البلاغة ، خطبة 198.
3 ـ نهج البلاغة ، خطبة 86.
محمود حيدر
السيد محمد باقر الصدر
السيد محمد حسين الطهراني
الشيخ د .أحمد الوائلي
الشهيد مرتضى مطهري
السيد منير الخباز القطيفي
الشيخ علي آل محسن
نحو مدينة الرضا
أصوات المنشدين تتفاعل في مديح الإمام الرضا على منصة يوتيوب
البقيع امتحان العاشقين
الشيخ موسى المياميين يحيي ذكرى استشهاد الصادق في مسجد الخضر
فرقة حماة الصلاة تقدم أنشودة "الفتى الموالي" في ذكرى شهادة الصادق
عبيدٌ لسيّد واحد: مؤرخ أمريكي يكشف أسرار العبودية في الخليج والتناقضات الإنكليزية
مَن يؤمِنُ بعد بأسطورة العلمنة؟
مرثية الجشي في الإمام الصادق
الشيخ العرادي يدعو إلى تعزيز الجماعة الصالحة في المجتمع
اليقين الرياضي والمنطق الوضعي (٣)