علمٌ وفكر

التكرار المتباعد يعزز الذاكرة


المترجم : أبو طه / عدنان أحمد الحاجي

مقدمة المترجم
أكثرنا يشتكي من ضعف الذاكرة ولذا يواجه مشاكل في تذكر أي شيء في حياته بما فيه التذكر القصير أو الطويل المدى. وضعف التذكر يبدو أكثر بروزًا في تذكر ما يقرأه الشخص ولا سيما طلاب المدارس والجامعات أو  القراء  عمومًا إذ يعانون من مشاكل الاحتفاظ ب (استبقاء)  المعلومة بل ربما أكثر يعانون من استرجاعها حين الحاجة إليها.
هناك طرق متعددة يوصى بها لتعزيز استبقاء المعلومة ومنها التكرار المتباعد (إعادة مراجعتها على فواصل زمنية محددة) ولعل هناك أساليب متعددة أخرى لتكرار التعلم المتباعد تُطلب في مظانها.

***النص***
تواريخ التأخر عن النوم  ليلًا  مع كتاب مدرسي من ٦٠٠ صفحة وعبوات (كراتين) متعددة من علب مشروب الطاقة ريد بول Red Bull أشياء مألوفة لكثير من الناس سواء أكانوا في المدرسة أو الجامعة أو العمل، نجد أنفسنا جميعًا في حالات يجب أن نتعلم فيها مقدارًا هائلاً من المعلومات في فترة زمنية قصيرة جدًّا.
في هذه الحالات، يلجأ جميعنا تقريبًا إلى أسلوب الدراسة القديم في قراءة كامل الكتاب المدرسي مرارًا وتكرارًا على أمل أن يبقى بعضه في الذاكرة.
ومع ذلك، فإن طريقة الدراسة هذه ليست مملة ومتكررة فحسب، بل إنها غير فعالة أيضًا. إنها غير متوافقة تمامًا مع طريقة عمل أدمغتنا، وفقًا لعلوم الأعصاب الأساسي وأبحاث علم النفس.
ولحسن الحظ، فإن هذا البحث نفسه قد مهد الطريق لأساليب دراسية بديلة تعمل مع وليس ضد دماغنا. ومن بين هذه الأساليب،  التكرار المتباعد هو أحد أكثر الطرق إثارة للاهتمام. يمكن أن يساعدك لو أردت أن تحاول تعلم لغة جديدة، أو أردت أن تتذكر تشريح الجهاز العضلي الهيكلي بأكمله، أو التحضير لامتحان كبير.

التكرار المتباعد
طريقة بسيطة للقيام بالتكرار المتباعد هو استخدام البطاقات التعليمية المنظمة في صندوق. قم بإعداد جدول زمني لموعد مراجعة البطاقات في كل قسم من الأقسام في الصندوق الخاص بك. إذا أجبت على بطاقة بشكل صحيح، قم بوضعها في قسم ستقوم بمعاودة زيارته بشكل أقل في المستقبل، بينما إذا قمت بإجابة خاطئة، فانقل البطاقة إلى قسم مجدول  للزيارات المتكررة.
يمكنك إعداد هذا النظام بنفسك، على الرغم من أن البرنامج الكومبيوتري  software متاح حاليًّا للتعامل مع تنظيم البطاقات تلقائيًّا لماذا هذه الطريقة فعالة؟ من خلال الاستفادة من الطريقة التي تَطَور بها دماغنا.
يوتيوب
https://youtu.be/33DIo8iU7ws

معرفة الدماغ
شيء بطبيعته معقد وغامض مثل الدماغ حيث يصعب وصفه بالمعنى الحرفي. لو سألنا "كيف يعمل الدماغ؟"، فمن المحتمل أن نقول شيئًا على غرار "الكمبيوتر العضوي". فليس من المستغرب، حيث نعيش في عالم رقمي، أن نربط بين الاثنين بسهولة.
ومع ذلك، من السهل نسيان أن هناك أيضًا اختلافات جوهرية في كيف يعالج المعلوماتويخزنها كل من الدماغ  والكومبيوتر.
تخزن أجهزة الكمبيوتر أي معلومات يطلب منها تخزينها. كاميرا الفيديو صممت لهدف وحيد هو التقاط معلومات الضوء والصوت ضمن مجال الرؤية، عندما يُطلب منها ذلك. ولكن، الدماغ شيء ليس لدينا إلا سيطرة  مباشرة  قليلة جدًّا عليه. لذلك ليس لديك المزيد من السيطرة المباشرة على كمية المعلومات من الكتب المدرسية التي يمكنك تذكرها مقارنة بما يمكنك السيطرة عليه من ضغط دمك.
الاختلاف الرئيسي الثاني بين الدماغ والكمبيوتر هو كيف تُعالج المعلومات. من المغري أن تفكر في أن المعلومات تُخزن في ذاكرتنا كملفات منفصلة في مكان ما في الدماغ، كالكاميرا. قد نتخيل أنه عندما نتذكر حدثًا في حياتنا أو جزءًا من المعلومات التي درسناها، فإننا "نفتح" هذا الملف.
لكن العلوم تخبرنا أن هذا غير صحيح.  "الذاكرة" لا توجد في أي مكان واحد في الدماغ، ولكنها سمة بارزة للعديد من الأجزاء المختلفة من الدماغ التي تقوم  بإرسال اشارات كهربية عبر محور الخلية ( firing) بطريقة معينة. عندما نتعلم شيئًا، فإنه  لا يُخزن في مكان واحد، بل يتم انتشاره على الفور في العديد من مناطق الدماغ المختلفة.
وأخيرًا،  الدماغ  له محدوديات لا يمكن التغلب عليها، على الأقل في الوقت الحالي. لقد أظهرت الدراسات باستمرار أننا لا يمكننا سوى تذكر خمس إلى سبع جزئيات جديدة من المعلومات في وقت واحد. إنه بحث رائع، ولكن له أيضًا دلالات عملية على كيف ينبغي علينا أن نتعلم.

تحسين وظائف دماغك
أي نهج فعال للتعلم يجب تطويره مع الأخذ في الاعتبار محدودية الدماغ المتأصلة. لو كنا نعلم أن الدماغ لا يستطيع تخزين الكثير من المعلومات في غضون فترة زمنية قصيرة، فإن "مواصلة الدراسة" كارثة محققة.
وبالمثل، نحن نعرف أن الدماغ يخزن بشكل تفضيلي (انتقائي) المعلومات التي يراها مهمة. إنه يعزز ويوطد ذكريات الأشياء التي يواجهها بانتظام وبشكل متكرر. لذا فإن التكرار المتباعد -  مراجعة المعلومات بانتظام على فترات زمنية محددة - أمر منطقي للغاية.
التكرار المتباعد بسيط ولكنه فعال للغاية لأنه يعزز طريقة عمل دماغك رويدًا رويدًا. فهو يقصر التعلم على أن يكون ذا مجهود، وعلى غرار العضلات، يستجيب الدماغ لهذا التحفيز من خلال تقوية الروابط بين الخلايا العصبية. ومن خلال تباعد الفواصل الزمنية، يمكنك زيادة تمرين هذه الروابط في كل مرة. وهذه تنتج اسبقاءً دائمًا طويل الأمد للمعرفة، وفي تجربتي، بمجرد أن يبدأ الناس في استخدام هذه الطريقة، فإنهم سيقسمون (سيحلفون) بها (يقدسونها).

اعمل  بذكاء لا بجهد
الطريقة التي نفكر بها عن الصحة قد أحدثت ثورة في الدلائل المتنامية على كيف يعمل جسمنا. ومع ذلك، فإن الطريقة التي يقارب بها معظمنا التعلم لا تزال هي نفسها كما كانت منذ قرون. إن التكرار المتباعد هو مجرد إحدى الطرق التي يمكننا من خلالها أن نصبح متعلمين معتمدين على الأدلة، مما يسمح لنا بتعلم  المزيد في وقت أقل.

عن الكاتب
جيمس غوبتا (@ gupta_james)   طالب طب في جامعة ليدز ، والرئيس التنفيذي لشركة Synap ، وهي منصة تعليمية على الإنترنت تأخذ بالتكرار المتباعد وأساليب التعلم الأخرى.
يوتيوب (من خارج النص)
https://youtu.be/XpaGbzCWVv8
المصدر
https://www.google.com/amp/s/amp.theguardian.com/education/2016/jan/23/spaced-repetition-a-hack-to-make-your-brain-store-information

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد

مواقيت الصلاة