فجر الجمعة

السيد الحسن: الشخص المؤمن يتعاطى مع الأفكار من خلال قوة الإيمان لأنه يفهم الوجود


تحدث سماحة السيد كامل الحسن في خطبة الجمعة 27 يوليو عن معنى "القوة والركن الشديد"، و قواعد التفكير الإيجابي والتي أكد من خلالها على ضرورة اللجوء إلى الله في الأزمات وأن التفكر في عظمة الخالق من أفضل العبادات.

وقال إمام جمعة جامع الإمام الباقر بصفوى: "الإنسان تواجهه حالات ضغوط وأزمات في حياته بحيث أن هذه الأزمات تتراكم يوما بعد يوم، طبيعة الإنسان  هكذا خلقه الله ضمن قوانين وسنن"، وأضاف: المؤمن يواجه هذه التراكمات التي تواجهه بالاستناد إلى ركن شديد".

وأوضح أن الركن الشديد الذي يعتمد عليه الانسان هو الله وأن من أبرز مصاديق الاستناد الله ومن بعده الأصدقاء والأصحاب والعشيرة والمنطق العقلي والواقعي عند الانسان، وأشار إلى أن ضعيف الإيمان عندما تواجهه المصاعب والمحن فأنه يلجأ إلى الانتحار كما هو حاصل في المجتمعات الكافرة، أو إلى طريق التحايل في الدنيا عن طريق الدين أو بالتحايل على الناس.

وذكر سماحته قصة نبي الله لوط عليه السلام حينما دخل قومه على بيته بعزم مهاجمة ضيوفه وقول النبي بأنه لو كان لديه عشيرة وأو صحب لما تجرأوا بالهجوم على داره، مشيرا إلى أن ذلك لا يعني أن نبي الله لوط غافل عن الالتجاء على الله وإنما ذلك من الأخذ بالأسباب ولا ينافي طلب العون من الله.

وأكد السيد الحسن أن "الذي يعتمد على الله في حياته لا يمكن أن يهزم ولا يمكن أن يخسر، في كل الحالات هو معتمد على قوة ليس لها مثيل".

وبين أن التفسير الباطني للركن الشديد والقوة في الآية "لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد" لدى الشيعة هو قائم آل محمد وأصحابه الـ 313 بناء على ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله، ولفت السيد الحسن إلى أن لوطا عليه السلام كان يقصد أن هذه الشخصية لو كانت  بجانبه لاستطاع تطبيق حكومة العدل الإلهي.

وسلط الضوء على إشكال أن زمن النبي لوط متقدم على زمن الإمام الحجة فكيف يكون مقصوده من القوة صاحب الزمان؟، حيث بين أن ذلك هو تفكير قاصر مادي الدنيوي تركز على الزمن الماضي والحاضر والمستقبل بينما في العالم العلوي لا يوجد أزمنة بل تنطوي كل هذه في أمر واحد والأمور كلها واضحة.

وقال السيد الحسن: "لا يمكن أن يعيش الإنسان ضعيفًا في إيمانه، بمجرد أن تواجهه صعوبات يفشل، فهناك أبواب السماء  مفتوحة وهناك أركان الوجود، وهناك من يدعو لك في ظهر الغيب"، وأضاف: " القرآن يريد أن يعطي درسًا للمجتمعات والشعوب أنكم في الحالات الصعبة فيما تواجهونه في أمور دينكم ودنياكم فإن عليكم أن تستندوا إلى قوة وركن شديد هو الله تعالى والتوسل بوليه القائم".

وفي القسم الثاني من خطبة الجمعة، تحدث سماحته عن قواعد التفكير الإيجابي حيث أشار إلى أنه إذا أراد الانسان أن يكون تفكيره استراتيجيا، ويمتلك تفكيرا صحيحا مطابقا للتشخيص الواقعي يجب أن يمتلك قواعد وأسسًا.

وذكر السيد الحسن أنه لابد من التمييز بين التفكير السطحي والعميق والمستنير، وأوضح ان الفكر السطحي يبحث في قشور القضايا، أما التفكير العميق فيقلب القضية لمعرفة النقاط السلبية فيها ونقاط القوة والضعف، والتفكير المستنير يربط القضية الحالية بالماضي والتاريخ.

وعدد قواعد التفكير الإيجابي والتي من على رأسها التفكير في عظمة الخالق والتي تعد من أفضل العبادات، وعدم التفكير في ذات الله لأن الانسان محدود وعاجز عن الوصول إلى المطلق، ومعرفة كون المعلومة تنطلق من أسس سليمة أو فاسدة، وأيضا التفكير في الخير وترك التفكير في الشر.

وأشار إلى أن التفكير المادي يعتبر النهضة في كثرة الإنتاج الصناعي والراحة في الوسائل المادية وهو تفكير خاطئ لأن الأساس خاطئ، بينما الإسلام يقول إن النهضة هي الأخذ بالأسباب للوصول للسعادة الأبدية.

واعتبر أن الرأسمالية والاشتراكية والديموقراطية الحديثة تفكيرها وأساساها خاطئ لأنها تعتمد على الماديات، مشيرا إلى أن الفكر السليم هو الذي يحمل قواعد فكرية سليمة معتمدة على القرآن الكريم.

وقال السيد الحسن: "الشخص الذي يعتقد أنه يمتلك أسباب القوة يجهل فلسفة الوجود، يجهل فلسفة خلق الانسان، يجهل فلسفة الكون ويتعاطى مع غيره لأنه قوي، بينما الشخص المؤمن يتعاطى مع الأفكار من خلال قوة الإيمان لأنه يفهم الوجود والحياة والانسان جيدا لذا لا يمكن أن يهزم في الوجود"، وأضاف: إياك أن تعتمد على ظنون أو أوهام أو تمنيات، ليكن دائما تفكيرك تفكيرا مستنيرا عميقا وإياك أن تملك تفكيرا سطحيا، العقول تتفاوت من خلال الفكر السليم والمعرفة، حتى الأجر والثواب يعتمد على الفكر.. الأساس هو الفكر والعقل".

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد

مواقيت الصلاة