مقالات

المؤذّنون أمناء المؤمنين...

 

الإمام الخميني "قدس سره"

روى الشيخ الصدوق رضوان الله عليه، في كتابه (مَن لا يحضره الفقيه)، عن عبد الله بن عليّ، قال:
***
«حملتُ متاعي من البصرة إلى مصر، فقدمتُها. فبينا أنا في بعض الطريق، فاذا أنا بشيخٍ طويلٍ شديدِ الأُدْمَة -أي: شديد السّمرة- أبيضِ الرأس واللّحية، عليه طِمْران: أحدهما أسود والآخر أبيض. فقلتُ: مَن هذا؟
قالوا: بلال، مولى رسول اللهِ، فأخذتُ ألواحي فأتيتُه..».

أقول: الظاهر، أن الراوي، وهو عبد الله بن عليّ كان تاجراً، وقوله: «أخذت ألواحي فأتيته»، ممّا يلفتُ النظرَ إلى أن المسلمين، في الصدر الأول، كانوا حريصين على أخذ العلم والحديث. فهذا الرجل التاجر -في حين أنه كان يدور البلدان في تجارته- فإنّ له ألواحاً معدّة لكتابة الحديث، كمُتعلِّم مستعدّ للدراسة، وبمجرّد أن عرف بلالاً، أخذ ألواحه، وأسرع في حضور مجلس الدرس.

قال: «..فأتيتُه فسلّمتُ عليه، فقلتُ له: السلام عليك أيها الشيخ.
فقال: وعليك السلام.
فقلت: يرحمك الله، حدّثني بما سمعتَ من رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم. فقال: وما يُدريك مَن أنا؟
فقلت: أنت بلال، مؤذِّنُ رسول الله.

قال: فبكى، وبكيتُ، حتّى اجتمعَ الناسُ علينا ونحن نبكي».
أقول: الظاهر، أن بلالاً لمّا سمع اسمَ رسول الله، تذكّر تلك الأيام الذهبية، ومَثَلَ له رسول الله بسيمائه الملكوتيّ، وتجدّدت له خواطرُ اللّطف والمحبّة التي كانت له من رسول الله، فبكى حتّى أبكى الرجلَ التاجرَ أيضاً، وانجذب الناسُ إليه ينظرون ويتفكّرون في أمره.
«ثمّ قال (بلال): يا غلام، من أيّ البلاد أنت؟
قلت: من أهل العراق.

قال: بَخٍ بَخ. ثمّ سكتَ ساعةً. ثمّ قال: اكتُبْ يا أخا أهلِ العراق:
بسم الله الرحمن الرحيم. سمعتُ رسولَ الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، يقول: (المؤذِّنون أمناءُ المؤمنينَ على صلاتِهم، وصومِهم، ولحومِهم، ودمائهم. لا يسألون اللهَ عزّ وجلّ إلا أعطاهم، ولا يَشفعون في شيءٍ إلا شُفِّعُوا)...».

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد

مواقيت الصلاة