مقالات

من معين الزهراء (عليها السلام)

 

يقول الإمام الخميني (قده) مخاطبًا زوجة ولده السيد أحمد عندما طلبت منه أن يكتب شيئًا عن سيدة نساء العالمين (عليها السلام): "ابنتي العزيزة فاطمة.. تريدين من عجوز بائس، خالي الوفاض من المعارف والمعالم الإلهيّة، ما لا يستطيع العرفاء الكبار والفلاسفة العظام الاقتراب منه. وماذا يستطيع المرء أن يقول أو يدرك حول شخصيّة تتمتّع بآلاف الأبعاد الإلهيّة، يعجز عن تبيان كلٍّ منها القلم واللّسان؟!".
- ونشير هنا إلى بعدين من هذه الأبعاد الإلهية:

البعد الأول: الزهراء (عليها السلام) وعلاقتها بالله عز وجل:
يصل مقام قربها المعنوي مقام الأولياء وأولي العزم من الأنبياء (عليهم السلام) وهي في مصاف الأئمة الأطهار من أهل البيت (عليهم السلام) وطبقا لتعبير الإمام الخميني (قده) : "إن جميع خصال النبيين والأولياء والصديقين (عليهم السلام) ومقاماتهم التي بلغوها بما اشتملت عليه من مضامين مجتمعة في سيدة نساء العالمين (عليها السلام)"؛ ومظهر ذلك تجلى في التسبيح المعروف باسمها (عليها السلام)، وقصته المعروفة من أنه هبة إلهية للسيدة الزهراء (عليها السلام) وقد ورد أنه سئل الإمام الصادق (عليه السلام) عن قول الله تعالى:﴿يأيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكراً كثير﴾ ما حد الذكر؟، فقال (عليه السلام): «من سبح في عقب كل فريضة تسبيح فاطمة عليها السلام فقد ذكر الله ذكراً كثيرا».

البعد الثاني: جهاد الزهراء (عليها السلام):
لا شك في أن المعارف الدينية هي من أهم تلك الأبعاد التي تحدث عنها الإمام الخميني في وصف سيدة نساء العالمين (عليها السلام). وبما أن خطبة الزهراء (عليها السلام) في مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله) بعد وفاته جمعت في عظمة المضمون وجزالة الألفاظ وعمق المعارف الكثير, نسلط الضوء على بعض ما اشتملت عليها كلماتها تلك:
1- المعارف الالهية: ابتدأت الزهراء (عليها السلام) ببث ما يرتبط بالمعارف الواجبة على كل مسلم فيما يرجع الى معرفة الله وذاته وصفاته وأفعاله، فهو: "وحده لا شريك له، كلمة جعل الإخلاص تأويلها... ، الممتنع من الأبصار رؤيته، ... ابتدع الأشياء لا من شيء كان قبلها، ...، من غير حاجة منه إلى تكوينها،... ثم جعل الثواب على طاعته، ووضع العقاب على معصيته، ذيادةً لعباده عن نقمته، وحياشة منه إلى جنته".
2- المعارف النبويّة: لم تصل معرفة المسلمين بالنبي (صلى الله عليه وآله) إلى تمامها وكمالها فأرادت الزهراء (عليها السلام) أن تكشف لهم ما خفي عنهم ابتداء من الاختيار والاصطفاء الإلهي للنبي (صلى الله عليه وآله) قبل أن يخلق الخلق، ثم عرضت لهم ما يرونه من ثمرة جهاد النبي (صلى الله عليه وآله) طيلة حياته:"وأشهد أن أبي محمدًا صلى الله عليه وآله عبده ورسوله، اختاره وانتجبه قبل أن أرسله، وسماه قبل أن اجتبله، واصطفاه قبل أن ابتعثه، ... فأنار الله بمحمدٍ صلى الله عليه وآله ظلمها، ... وقام في الناس بالهداية، وأنقذهم من الغواية، وبصرهم من العماية، ...، قد حُفّ بالملائكة الأبرار ورضوان الرب الغفار، ومجاورة الملك الجبار".
3- التكاليف الإلهية على الناس: وتعميقًا لمعرفة الناس بما فرض الله عليهم من تكاليف، خاطبت السيدة الزهراء (عليها السلام) الناس بحكمة التشريعات الإلهية:"أنتم عباد الله نصب أمره ونهيه... فجعل الله الإيمان تطهيراً لكم من الشرك، والصلاة تنزيهاً لكم عن الكبر، والزكاة تزكية للنفس ونماءً في الرزق، والصيام تثبيتاً للإخلاص، والحج تشييداً للدين، والعدل تنسيقاً للقلوب، وطاعتنا نظاماً للملة، وإمامتنا أماناً من الفرقة، والجهاد عزاً للإسلام".
4- المعارف الولائية: ولأن أخطر ما كان يجب على الناس أن لا يغفلوا عنه بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله) هو الارتباط بأهل البيت (عليهم السلام) فإن الزهراء كشفت عن أن باب معاداة أهل البيت (عليهم السلام) سببه أهل النفاق الذين اتخذوا معاداة أهل البيت (عليهم السلام) شعارا:"فلما اختار الله لنبيه دار أنبيائه ومأوى أصفيائه، ظهر فيكم حسيكة النفاق، وسمل جلباب الدين، ونطق كاظم الغاوين، ونبغ خامل الأقلين...، وأطلع الشيطان رأسه من مغرزه، هاتفاً بكم، فألفاكم لدعوته مستجيبين، وللغرة فيه ملاحظين...، هذا والعهد قريب، والكلم رحيب، والجرح لما يندمل، والرسول لما يقبر، ابتداراً زعمتم خوف الفتنة: أَلاَ فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ هيهات منكم!وكيف بكم؟ وأنّى تؤفكون؟ وكتاب الله بين أظهركم، أموره ظاهرة، وأحكامه زاهرة، وأعلامه باهرة، وزواجره لائحة، وأوامره واضحة، قد خلّفتموه وراء ظهوركم، أرغبة عنه تريدون، أم بغيره تحكمون بئس للظالمين بدلاً".
ـــــــ
شبكة المعارف الإسلامية

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد

مواقيت الصلاة