مقالات

الزهراء (ع) بضعة الرسول (ص) (2)

 

السيد منير الخباز
إذن الله تبارك وتعالى خص فاطمة بفضائل ومناقب، ومنها أن قلبها موطن تأويل القرآن، ولم يجعل الفضيلة لغيرها من الحجج المعصومين إكرامًا لها، وإعظامًا لشأنها وهذا ما عبر عنه الحسن العسكري: ”فاطمة حجة علينا“.
قد يحتاج الأفضل إلى المفضول في بعض أبواب العلم، مثلاً: موسى ابن عمران، والخضر، موسى ابن عمران أفضل من الخضر، وحجة زمانه، وإمام زمانه، إمام حتى على الخضر، لكن الله تبارك وتعالى جعل الخضر بابًا من أبواب علم موسى، مع أن موسى أفضل منه، وهو إمام عليه، لكن الله جعل الخضر بابًا من أبواب العلم للنبي موسى، هناك علوم أخذها موسى من الخضر، مع أنه إمامه وأفضل منه.
هذه خواص يعطيها الله تبارك وتعالى لبعض عباده إكراما لشأنهم، كذلك مع أن الإمام علي إمام على فاطمة، وأفضل منها، ولكن مع ذلك هو نفس رسول الله ولكن مع ذلك جعل الله فاطمة بابًا من أبواب العلم لعلي بن أبي طالب، فهذا العلم وهو علم التأويل، لم يأخذه من النبي، ولا أخذه بالعلم اللادوني، وإنما أخذ هذا العلم - علم التأويل - من لسان فاطمة فأصبحت فاطمة حجة عليه لأنه أخذ العلم منها، وكانت حجة على أولاده لأن هذا العلم وصل إليهم عن طريقها، فهي حجة عليهم في هذا العلم العظيم، ألا وهو علم تأويل القرآن.
 

المعنى الثالث:
”يرضى الله لرضاها ويغضب لغضبها“ هذا التعبير ورد أيضا في خطبة الحسين عندما خرج من مكة المكرمة، قال: «رضا الله رضانا أهل البيت، نصبر على بلائه ويوفينا أجور الصابرين» يقول العلماء: هذا التعبير إشارة إلى مدلول أعظم من العصمة، هناك عصمة، وهناك مرآتية، والمرآتية أعظم درجة من العصمة، لو كان الرسول يريد أن يفهم الأمة أن فاطمة معصومة لقال: لا ترضى إلا بما يرضى الله، ولا تغضب إلا على ما يغضب الله، لكنه قال: ”يرضى الله لرضاها“ يعني أن رضا الله دائر مدار رضاها، وهذا أعظم من العصمة، وغضب الله دائر مدار غضبها، هذا التعبير دوران رضا الله مدار رضاها، إشارة إلى مرتبة المرآتية وهي أعلى مرتبة من العصمة، يعني أن فاطمة مرآة لله، يعرف من رضاها رضا الله، يعرف من غضبها غضب الله، يعرف من ميولها ما يريده الله تبارك وتعالى، فاطمة مرآة صافية لله تبارك وتعالى، من رضاها ينعكس رضاه، من إرادتها تنعكس إرادته، إرادتها مندكة في إرادته، فهي مظهر له، مظهر لرضاه، مظهر لإرادته، مظهر لعلمه وحكمته تبارك وتعالى.
هذه المرأة العظيمة، الجليلة، سيدة نساء العالمين، أما ترضين أن تكوني سيدة نساء العالمين؟ قالت: يا رسول الله ومريم؟ قال: مريم سيدة نساء عالمها، وأنت سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين.
هذه السيدة العظيمة سميت بالزهراء لأن وجهها كان يزهر نورا
هي النور من نور وبالنور زوجت
فنور  علي  قد  غشى نور فاطم
وما  زال في الأدوار يشرق نورها   
 تبارك   رب  فيهما  جمع  الخير
فأولدها    نجما    وأعقبها   بدرا
ومن أجل ذلك النور سميت الزهرا


وكانت حبيبة أمها خديجة، وأقرب الناس إلى أبيها وإلى أمها، وفي المرض الذي مرضته خديجة وتوفيت فيه استدعتها وكانت صغيرة، قالت لها: بنية إن عندي طلبًا من أبيك أستحي أن أقوله له، فأنت قوليه لأبيك حتى يلبي لي هذا الطلب، قالت: قولي يا أماه، قالت: إني أريد من أبيك المصطفى قميصه الذي يلبسه إذا نزل عليه الوحي، أريد أن يكفنني به كي يقيني من وحشة القبر ومن ظلمته، جاءت فاطمة إلى النبي قالت: يا رسول الله، أمي تريد قميصك الذي تلبسه عندما ينزل عليك الوحي، تريد أن تكفن به، قال: إن الله أنزل لها كفنًا من الجنة، وأعد لها بيتًا في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب، قال: هي مع ذلك تريد قميصك، قال: إن شاء الله، أعطاها قميصه الذي يلبسه عندما ينزل عليه الوحي، أعطاه لخديجة تكفن به.
كانت أم أيمن إلى جانب خديجة في مرضها الذي توفيت فيه، وهذه أم أيمن كانت مصاحبة لبيت رسول الله، منذ أن كان النبي صغيرًا هي مصاحبة لآمنة بنت وهب، بعد ذلك صارت مصاحبة لفاطمة بنت أسد ومصاحبة لخديجة بنت خويلد، قريبة من بيت آل رسول الله، أم أيمن جاءت عند خديجة فرأتها تبكي، قالت: ما يبكيك يا خديجة وأنت أم المؤمنين، ونصرت رسول الله، وبذلت ما عندك في سبيله، قالت: ما أبكي لنفسي، قالت: لم تبكين؟ قالت: أبكي لحبيبتي فاطمة، فهي ستبقى يتيمة من بعدي وهي صغيرة السن، قالت لها: أبوها إلى جانبها، رسول الله يرعاها ويعطف عليها، قالت: ما لهذا بكيت، وإنما تذكرت ليلة زفافها، من عادة البنت إذا زفت إلى زوجها، وخرجت من بيت أبيها تلتفت إلى أمها، وتعانق أمها إلى صدرها وتودعها، وابنتي فاطمة ليلة زفافها تلتفت يمينا شمالًا فلا ترى أمها إلى جانبها، فينكسر خاطرها، ويتأثر قلبها، وأنا أبكي لهذه الصورة، قالت: لا عليك أنا أقوم مقامك في تلك الليلة، أنا أحل محلك تلك الليلة.

في ليلة زفاف فاطمة إلى أمير المؤمنين، لما أرادت أن تخرج فاطمة من الدار - دار رسول الله - وإذا بأم أيمن أقبلت، ضمتها إلى صدرها، قبلتها وقالت: هذه القبلة نيابة عن أمك خديجة، ثم أخرجت بيديها قرطين جميلين علقتهما على أذني فاطمة، قالت: فاطمة هذان القرطان هدية من أمك خديجة، وأنا الواسطة في هذين القرطين يا فاطمة، حافظي على هذين القرطين فهذه هدية ثمينة، أريد أن أدخل عليك وأرى هاذي القرطين في أذنيك دائمًا.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد

مواقيت الصلاة