يتعرض العالم الإسلامي - اليوم - لغزو ثقافي واسع من ناحية الغرب يهدد سلامة بنيتنا الثقافية والعقائدية والأخلاقية، وإذا لم نبادر ونتدارك مواقعنا الثقافية في هذا الغزو، فإن الخطر قريب منّا، وبشكل خاص من شرائح الشباب في المجتمع.
إن الغرب استطاع للأسف، أن يكسر الحواجز التي تفصلنا عنه ثقافياً وحضارياً بالآليات الخبرية، والإعلامية الفضائية، وشبكات الإنترنت، والصحافة المتطورة التي تطبع في عدة عواصم في وقت واحد.
ودخل الغرب بهذه العملية الاقتحامية عقر دورنا ومخادع نوم أبنائنا وبناتنا، ومن دون أي حاجز يذكر، كما لو كان السد يتهاوى أمام تدفق السيول المخربة، فتدخل السيول بقدرة تخريبية عالية دور الناس وممتلكاتهم ثم محلاتهم، وتسلب منهم كل قدرة على حجز هذا التدفق المخرب ومنعه.
إن الذي يجري اليوم في الأوساط الثقافية في العالم الإسلامي هو الكارثة الثقافية بعينها، لو لم يتداركها المسلمون بوعي، وتخطيط دقيق للحد من خسائرها، وبالتالي السيطرة عليها.
إن الانفتاح الثقافي والحضاري القائم فعلًا ليس عملًا ثقافياً وحضارياً (حواريّاً) متبادلًا بين ثقافتين وحضارتين، كما يأمرنا القرآن بالحوار، وتبادل الأفكار، والثقافات، وإنما هو اكتساح ثقافي. وليس من الصحيح أن نخدع أنفسنا في هذه الكارثة الثقافية التي تحل بأبنائنا وبناتنا، ونسبغ عليها عناوين وهميّة من قبيل الحوار والانفتاح، فإن الإسلام لا يمنع من الحوار والانفتاح، بل يأمر بهما، ولكن الذي يجري اليوم هو شيء آخر، يختلف عن الحوار والانفتاح السياسي تماماً.
إن الذي يجري في الوسط الثقافي، في العلاقة بيننا وبين الغرب هو تماماً ما يجري في الأسواق التجارية في العلاقة الاقتصادية بيننا وبين الدول الصناعية، وفي مواقع النفوذ السياسي بيننا وبين الدول الكبرى في العلاقة السياسية، والنفوذ السياسي.
وهذا الذي يجري اليوم في نظام العولمة الجديد، سياسيًّا واقتصاديًّا وثقافيًّا، ليس من مقولة الانفتاح المتكافئ، وتبادل العلاقات السياسية والاقتصادية والثقافية، وإنما هو من نوع الاجتياح السياسي والثقافي والاقتصادي.
وهذا الاجتياح الثقافي، يهددنا إذا لم نتداركه بوعي وعقل وتخطيط دقيق... يهددنا بفقدان المناعة الثقافية والحضارية، وهو ما يطلق عليه الأطباء عنوان (الإيدز) طبيًّا... فإن شيئاً من هذا القبيل يجري في عالم الثقافة كما يجري في عالم الطب من فقدان المناعة من الأمراض المعدية.
وليست أمامنا خيارات كثيرة في هذا الاجتياح الثقافي والحضاري الواسع، وليس بوسعنا أن نمنع الأثير من أن ينقل إلينا، ذبذبات الصوت والضوء، وليس بوسعنا أن نغلق أبواب دورنا، وغرف أبنائنا وبناتنا على هذا الاجتياح الثقافي الواسع كثيراً..
والشيء الوحيد الذي نملكه ويجب أن نخطط له هو التربية بالتقوى، وبناء الجيل الجديد على أساس من التقوى؛ فإن التقوى عازل تربوي قوي، ولباس واق يحفظ الجيل الصاعد من حرائق التحلّل والابتذال الخلقي القادمة إلينا من ناحية الغرب، يقول تعالى: (وَلِباسُ التَّقْوى ذلِكَ خَيْرٌ)، وكما يحفظ اللّباس الإنسان من الحرّ والبرد، ويستر سوأته عن أنظار الناس، كذلك التقوى يحفظ الشباب في وسط هذه الحرائق (يا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنا عَلَيْكُمْ لِباساً يُوارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشاً وَلِباسُ التَّقْوى ذلِكَ خَيْرٌ) «1».
إن التقوى لباس يستر سوأة النفس، كما يستر اللباس سوأة الجسم، وهو كما يقول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع): (إن التقوى دار حصن عزيز، والفجور دار حصن ذليل، لا يمنع أهله ولا يحرز من لجأ إليه) «2».
إن الأداة التي تمكّننا من مواجهة هذا الغزو الثقافي الهائل (بل القصف الثقافي)، هو التقوى، وهو أداة قوية، وعازل قوي، يحفظ الشباب من الجنسين من تأثيرات هذه الثقافة الحضارية المتحللة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الأعراف : 26
(2) شرح نهج البلاغة ، ابن أبي الحديد 209 : 9 ، ميزان الحكمة 3627 : 4 .
عدنان الحاجي
السيد عادل العلوي
الشيخ إبراهيم السنّي التاروتي
الشيخ جعفر السبحاني
السيد محمد حسين الطبطبائي
الشيخ فوزي آل سيف
حيدر حب الله
الشيخ عبد الله الجوادي الآملي
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
السيد محمد حسين الطهراني
الشيخ علي الجشي
حسين حسن آل جامع
عبد الوهّاب أبو زيد
ناجي حرابة
فريد عبد الله النمر
جاسم بن محمد بن عساكر
أحمد الماجد
عبدالله طاهر المعيبد
ياسر آل غريب
زهراء الشوكان
العلاقات الاجتماعية وفرصة تبادل الميكروبيوم بين الناس
هل يعاد المعدم؟
زهور المستقبل يحتفي بذوي الإعاقة
فاطمة الزهراء (ع) في معراج النبيّ (ص)
الشيخ عبد الجليل الزاكي: المظهر المادي للكفر بالله
دلالة الحديث القدسي: لولا فاطمة ما خلقتكما
(فدك في التاريخ): قراءة تحليلية في بنية السلطة وصراع الشرعية
(جروح الليالي) قصيدة مؤثرّة أبدع بها الرّادود علي آل تراب
العهد التأسيسي للفقه
الإسلام والمواثيق