مقالات

الاغتراب


هدى الماجد

قد يجد الإنسان نفسه تائهة فلا تصل إلى مبتغاه الحقيقي أو لا يستشعر الهدوء والسلام والاكتفاء رغم أنّ البعض أحيانًا تجده محاطًا بكل سبل النجاح الظاهرية، تُرى لماذا هذا الشعور؟؟!!
هيجل، الفيلسوف الألماني الشهير، يؤكد بوضوح أن الإنسان منفصل/خارج عن نفسه، حين وضع لأول مرة مصطلح "الاغتراب" على خريطة الإنسان للتعبير عن هذه الحالة التي نعاني منها أنا وأنت.
إنه اغترابنا وتغربنا عن أنفسنا، والذي هو في الأصل تغرب عن الله كما قال اللاهوتي بول تيليك: "إنه انفصال الإنسان عن وجوده الجوهري، وعن الله".
قد يضيع الفرد منا (أنا، أنت، هو أو هي) بين ذاته الواقعية وما هو عليه من أخطاء وعيوب وتقصير، وبين ذاته المثالية التي تسعى للكمال والإنجاز والاكتفاء.
والحقيقة أن ذلك فقط يكون بسبب بعده عن الفطرة والله.
إذا كنت تشعر بالخيبة والخذلان من أحدهم
إذا كنت ترمي سنارة الحب وتقطف الصيد دون أدنى متعة
إذا كنت مع كل نجاح ما زلت تشعر بالامتعاض من نفسك
إذا كنت تشعر بكل ذلك فأنت بالتأكيد تفسد متعة الاستمتاع بكل ذلك
لربما لأنك غارق في استجداء رضا الآخرين ومثلما يقال "رضا الناس غاية لا تدرك"
وأما السبيل في إيجاد الاستمتاع والسمو عن السقوط في متاهات إرضاء الآخر هو السعي لإرضاء الذات الجوهرية وهو في استكمال المقولة السابقة "ورضا الله غاية لا تترك".
إن أحد أهم الأسباب في إصابتنا بداء ووجع الاغتراب هو السعي لطلب رضا الآخرين
إرضاؤهم في الحب
إرضاؤهم في الفكر
إرضاؤهم في الرأي
إرضاؤهم في العمل
وغيره الكثير ...
إذاً ما السبيل؟!!
العودة إلى الله هي السبيل
والعودة إلى سبيلها العودة إلى الذات
عد إلى نفسك/عودي إلى نفسكِ..
واحد من السبل في العودة إلى النفس هو الاستماع للرأي الآخر دون التأثر التام بذلك الرأي أو اللهث وراء تحقيق ذلك الرأي.. لا تسعى أبدًا إلى تنفيذ آراء الآخرين في خطة عقلك.. التنفيذ يكون فقط إذا كانت إجابة السؤال التالي هي نعم
(هل انا فعلاً أريد ذلك؟؟)
عندما تكون محاطًا بالآخرين قد تشعر بالألفة مع الذات في حال إذا كان هناك احترام لذاتك من قبلك وقبلهم.
أساس العلاقات هو الاحترام ومما يقلل ذلك هو وضعك في قالب محدد لذاتك، فالبعض يضعك في قالب السمو أو قالب النجاح، أو قالب الالتزام، أو قالب العادات، أو قالب الأنوثة، أو قالب الرجولة، أو قالب المعلم أو المعلمة، وغيرها من القوالب.
لا ترضى بذلك كن فقط مع من يضعك في قالب الإنسان، ذلك القالب الذي يتيح لك فرصة النجاح والفشل، الاتزان والتهور، الخطأ والعودة، العمق والسطحية ...
قالب الإنسان الذي يتيح لك أن تعيش كل يوم بنفس جديدة مجردة من أخطاء الماضي..
مجردة من الكمال..
ملازمة للإنسان..
الإنسان فقط...

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد

مواقيت الصلاة