الشيخ محمّد هادي معرفة ..
نص الشبهة:
سؤال : قال تعالى : ﴿ قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَٰلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ * وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ * ثُمَّ اسْتَوَىٰ إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ * فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَىٰ فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَٰلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ ﴾ . وقال : ﴿ أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا ﴾ ... ﴿ وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَٰلِكَ دَحَاهَا ﴾ . وقال: ﴿ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ... ﴾ ، وقد تكرّر ذلك في سبعِ مواضع مِن القرآن.
والسؤال هنا من وجهين :
الأوّل : دلّت الآية الأُولى على أنّ الأرض خُلقت قَبل السماء، في حين أنّ الآية الثانية نصّت على أنّ الأرض بعد ذلك دَحاها .
الثاني : ظاهر دلالة الآية الأُولى هو أنّ خِلقة السماوات والأرض وما فيها وقعت في ثمانية أيّام، في حين أنّ الآية الأخيرة ونظيراتها دلّت على وقوع ذلك في ستّة أيّام، فكيف التوافق؟
الجواب:
دلّت الآية على أنّ الأرض ذاتها خُلقت قَبل السماء وإنْ كان دَحوها أي بسطها وتسطيح قِشرتها قد تأخّر بعد ذلك بأيّام .
وهذه الأيّام هي من أيّام الله التي يَعلم هو مَداها، وليست مِن أيّام الناس، وقد خُلقت الأرض في يومَين، وجعل فيها الرواسي وقدّر فهيا الأقوات أيضاً في يومَين، فهذه أربعة أيّام، تمّت بها خِلقة الأرض وما فيه من جبالٍ وأرزاقٍ وبركات، ثُمّ استوى إلى السماء فخلقهنّ في يومَين، فتلك ستة أيام على ما جاء في آيات أُخرى .
وهذا كما يُقال : سرتُ من البصرة إلى الكوفة في يومَين، وإلى بغداد في أربعة أيّام، أي من البصرة إلى بغداد، باندراج اليومَين اللذين سار فيهما إلى الكوفة .
وهناك تفسير آخر للآية لعلّه أدقّ، يَجعل الأربعة الأيام ظرفاً لتقدير الأقوات إشارةً إلى فصول السَّنة الأربعة، حيث فيها تتقدّر أرزاق الخلائق والأنعام والبهائم والدوابّ، ذَكَره عليّ بن إبراهيم القمي في تفسيره للآية، قال : يعني في أربعة أوقات، وهي التي يُخرج الله فيها أقوات العالم من الناس والبهائم والطير وحشرات الأرض، وما في البرّ والبحر مِن الخَلق والثمار والنبات والشجر، وما يكون فيه مَعاش الحيوان كلّه، وهو الربيع والصيف والخريف والشتاء ... ثُمّ جَعَل يَذكر كيفية تقدير هذه الأقوات في كلٍّ من هذه الفصول 1 .
وقد ارتضاه العلاّمة الطباطبائي واعتمده في تفسيره 2 .
فمعنى الآية ـ على ذلك ـ : أنّ الله خَلق الأرض في دورتَين، وجعل فيها رواسي وبارك فيها، وقدّر أقواتها حسب فصول السنة، وهكذا قضى السماوات سبعاً في دورتَين، فهذه أربعة أدوار ذَكَرَتهُنّ الآية : دورتان لخِلقة الأرض، ودورتان لجعل السماوات سبعاً، وبقيت دورتان لخِلقة أصل السماء وما بينها وبين الأرض من أجرام كانت الآية ساكتةً عنهما؛ ومِن ثَمّ فهي لا تتنافى وآيات أُخرى ذَكَرنَ ستة أدوار لخِلقة الأرض والسماء وما بينهما 3 .
ـــــــــــــــــ
1. تفسير القمي ، ج2 ، ص262 .
2. الميزان ، ج17 ، ص387 .
3. شُبُهَات و ردود حول القرآن الكريم ، تأليف : الأُستاذ محمّد هادي معرفة ، تحقيق : مؤسّسة التمهيد ـ قم المقدّسة ، الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة ص259 .
الشيخ محمد صنقور
حيدر حب الله
الشيخ علي آل محسن
عدنان الحاجي
محمود حيدر
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
السيد منير الخباز القطيفي
معنى قوله تعالى: ﴿لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ﴾
دمع عيني لم يزل في انسكاب
هانس كونج ومشروع الأخلاق العالميّة
الإمام جعفر بن محمّد الصّادق عليه السّلام
"رسائل متأخّرة" المجموعة القصصيّة الأولى للكاتبة طاهرة آل سيف
الإمامُ الصّادقُ: وارثُ خَزائنِ العُلوم
الدور الخفي لدرب التبانة في الميثولوجيا المصرية القديمة
جناية هيغل في خديعة العقل
إحاطة الله العلمیّة بالموجودات
فلسفة النقد عند كانت وبرجسون