من التاريخ

صلاة بين الصَّفين


كان أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه أعبدَ الناس، وأكثرَهم صلاة وصوماً، منه تعلّم الناس صلاة الليل، وملازمة الأوراد، وقيام النافلة .
وما ظنّك بمن يبلغ من محافظته على ورده أن يُبسط له قطع بين الصَّفين ليلة الهرير، فيصلّي عليه السلام وِرده، والسهام تقع بين يديه، وتمرّ على صماخيه يميناً وشمالاً فلا يرتاع، ولا يقوم حتّى يفرغ من ورده وصلاته.
وقد نسج على منواله في ذلك شبلُه باب الرحمة، وأبو الأئمّة يومَ عاشوراء وقد اجتمع عليه ثلاثون ألفاً، وافترقوا عليه أربعَ فرق: فرقة بالسيوف، وفرقة بالرماح، وفرقة بالسهام، وفرقة بالحجارة، فبينا هو في هذه الحالة، إذ حضرت صلاة الظهر، فأمر صلوات الله عليه زهيرَ بن القين، وسعيد بن عبد الله الحنفي أن يتقدّما أمامه مع نصف من تخلّف معه، ثمّ صلّى بهم صلاة الخوف، وتقدّم سعيد بن عبد الله فوقف يقيه السهام بنفسه، ما زال وما تخطّى حتّى سقط إلى الأرض وهو يقول:
«اللهم العنهُم لعن عاد وثمود .اللهم أبلغ نبيّك عنّي السلام، وأبلغه ما لقيتُ من ألم الجراح، فإنّي أردتُ ثوابك في نصرة ابن بنت نبيّك»، ثمّ قضى نحبه رضوان الله عليه .
وفي رواية: أنّه لمّا سقط قال: «سيّدي يا ابن رسول الله هل وفيت؟»
فاستعبر الحسين باكياً وقال: «نعم رحمك الله، وأنت أمامي في الجنّة» .

(المجالس الفاخرة، السيد عبد الحسين شرف الدين، ص 341)

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد