من التاريخ

ولا تقس الدين برأيك

 

يقول ابن شبرمة: دخلت أنا وأبو حنيفه على جعفر بن محمد الصادق(عليه السلام) فقلت: هذا رجل فقيه من العراق، فقال لعله الذي يقيس الدين برأيه أهو النعمان بن ثابت؟ 
فقال له ابو حنيفه: نعم أنا ذلك أصلحك الله، فقال له جعفر الصادق(عليه السلام): اتق الله و لا تقس الدين برأيك فإن أول من قاس برأيه إبليس إذ قال أنا خير منه فأخطأ بقياسه فَضَل، ثم قال له: أخبرني يا أبا حنيفه لم جعل الله الملوحة في العينين والمرارة في الأذنين والماء في المنخرين والعذوبة في الشفتين؟ 

قال: لا أدري، قال الإمام: إن الله خلق العينين فجعلها شحمتين وخلق الملوحه فيهما منًّا منه عليه ولولا ذلك لهجمت الدواب ـ يعني الحشرات و الديدان ـ فأكلت دماغه، وجعل الماء في المنخرين ليصعد منه النفس وينزل ويجد منه الريح الطيبة من الريح الرديئة، وجعل العذوبة في الشفتين ليجد ابن آدم لذة المطعم والمشرب.
ثم قال لأبي حنيفة أخبرني عن كلمة أولها شرك وآخرها ايمان؟ 
قال: لا أدري 

قال: جعفر الصادق(عليه السلام) هي كلمة «لا إله إلا الله» فلو قال لا إله، ثم سكت كان مشركاً.
 ثم قال: أخبرني أيما أعظم عند الله إثماً، قتل النفس التي حرم الله بغير الحق أوالزّنا؟ 
قال ابو حنيفه: بل قتل النفس
فقال الإمام: إن الله تعالى قد قبل في القتل شهادة شاهدين ولم يقبل في الزنا إلاّ شهادة أربعة فأنى يقوم لك القياس؟ 
ثم قال: أيما أعظم عند الله الصوم أو الصلاة؟ قال أبو حنيفة: الصلاة

فقال الإمام: فما بال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة؟ 
اتق الله يا عبدالله ولا تقس الدين برأيك."
وبهذا الشكل كان يدحض الإمام الصادق(عليه السلام) أقوال أهل القياس والرأي بالنقاش العلمي الواضح، مع العلم أن مثل هذه المحاورات كانت تحدث وسط الجماهير وعلى مرأى ومسمع من بعض رجال الدولة العباسية وبقية وعاظ السلاطين وعلماء السوء، فكانوا لهذا السبب لا يورطون أنفسهم في مناظرة الإمام إلا ما تفرضه طبيعة الأحداث.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد