من التاريخ

الإمام الجواد عليه السلام في كلام الإمام الخامنئي دام ظلّه (1)

 

حياة الإمام محمد الجواد عليه السلام استمرار لخطة أبيه الرضا عليه السلام ويبدو ذلك من علاقة المأمون نفسها بالإمام الجواد عليه السلام ومحاولة المأمون وخطته لصهر الإمام الجواد وتقريبه من أروقة الحكم، استمراراً لمؤامرته لتمييع حركة التشيع وقضيتها ضمن إطار الخلافة العباسية، ومستهدفاً بذلك حجز الإمام وعزله عن قواعده الشعبية بشكل لا يثير الأمة وخصوصاً وهو يعيش معززاً مكرماً في قصور المأمون ومبانيه الفخمة، وبعدها سوف يجعله تحت رقابة القصر المحكمة والتي تحصي عليه كل تحركاته وسكناته بدقة تامة.
ولهذا بادر المأمون إلى خطته القديمة في الظهور أمام الناس بالشخص المشفق المحب للإمام عليه السلام فزوجه ابنته أم الفضل1 لكي يضمن تأييد الإمام له، ولذلك عرض عليه البقاء في مركز الخلافة، لكن الإمام الجواد أصر على الرجوع إلى المدينة، ليحبط خطة المأمون في كسب تأييده لخلافته المغتصبة فهي من جانب الإمام عليه السلام استنكار لخلافة المأمون وإيحاء للاخرين بعدم شرعية حكمه، ومن جانب آخر إثبات لإمامته وانفصال أطروحته عن أطروحة السلطة الحاكمة. 
فقبول الإمام عليه السلام بالبقاء مع المأمون في بلاطه وحاشيته معناه أن تندمج الأطروحتان، وتبدو للجمهور أنهما غير متناقضتين مما يضع على أطروحة الإمام معالمها الفكرية الخاصة التي تميزها عن أطروحة الحاكم المنحرف. 
والإمام الجواد عليه السلام استمر في خط أبيه، في تخطيطه الفكري وتوعيته العقائدية، فكان في المدينة يجمع عنده الفقهاء من بغداد والأمصار ليسألوه ويستنيروا بهديه "وكان وقت موسم الحج فاجتمع من فقهاء بغداد والأمصار وعلمائهم ثمانون رجلاً فخرجوا إلى الحج وقصدوا المدينة ليشاهدوا أبا جعفر"2.
وكان الإمام الجواد عليه السلام يمارس مهام مسؤولياته الجهادية لتوسيع قواعده الشعبية، حتى سمع به المعتصم واستدعاه إلى بغداد بالقوة ليغدر به، وينهي حياته الشريفة بالسم، وقال ابن بابويه: سمه المعتصم3. 
فالإمام عليه السلام إذن كان يشكل خطراً على حياة السلطة ويسلط الأضواء على مواضع انحرافهم وبعدهم عن الإسلام، وليس ذلك وحده بل كان الكل يعرف منزلته وتفوقه العلمي والفكري على صغر سنه وتحديه للفقهاء وللقضاة في عصره، "ففي مجلس واحد سألوه عن ثلاثين ألف مسألة فأجابهم فيها وله تسع سنين"4.
قال المفيد : إن المأمون كان قد شغف بالجواد لما رأى من فضله مع صغر سنه وبلوغه من الحكمة والعلم والأدب وكمال العقل ما لم يساوه فيه أحد من مشايخ أهل الزمان".
وقال الطبري في (أعلام الورى) "إنه كان عليه السلام قد بلغ في وقته من الفضل والعلم والحكم والاداب مع صغر سنه منزلة لم يساوه فيها أحد من ذوي الأسنان من السادة وغيرهم"5. 
ننهي حديثنا عن عمل وتخطيط الإمام الجواد بهذا القدر المختصر وذلك لتشابه دوره مع دور أبيه الرضا عليه السلام. لنتوفر على دراسة ظاهرة إعجازية، وجدت مع الإمام الجواد عليه السلام وقد أثارت حولها كثيراً من التساؤلات والأقاويل. ألا وهي ظاهرة توليه مرجعية الإمامة والقيادة وهو في سن الطفولة وكان عمره آنذاك ثماني سنين.
ـــــــــــــ
1- أنظر خبر تزويجه، البحار، ج‏50، ص‏73.
2- البحار، المجلسي، ج‏50، ص‏10.
3- دائرة المعارف الإسلامية الشيعية، ج‏2، ص‏92.
4- البحار، ج‏50، ص‏86.
5- دائرة المعارف، ج‏2، ص‏93.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد