قرآنيات

نظرة تفسيرية في سورة المسد


أحاديث في فضلها:
عن النبي صلى الله عليه وآله قال: من قرأ سورة تبت، رجوت أن لا يجمع الله بينه وبين أبي لهب في دار واحدة.
  عن الإمام الصادق عليه السلام: « من قرأها على المغص سكنه الله وأزاله، ومن قرأها في فراشه كان في حفظ الله وأمانه.


{تبت يدا أبي لهب وتب}
تبت: أي خسرت وهلكت.
وذكر اليدين هنا مجاز مرسل علاقته الجزئية؛ فقد  ذكر الجزء _وهو اليد_ وأراد الكل.
كما أنّه خص اليد بالذكر لأنها أداة البطش والعمل، وهي بقبيح فعالها تؤدي بالإنسان إلى الخسران والهلاك.
وأبو لهب هو عبد العزى بن عبد المطلب عم رسول الله صلى الله عليه وآله. وكني أبا لهب لإشراق وجهه ووسامة طلعته.
وقد كان شديد العداء لرسول الله.
قال طارق المحاربي: بينا أنا بسوق ذي المجاز، إذا أنا بشاب يقول: أيها الناس ! قولوا لا إله إلا الله تفلحوا. وإذا برجل خلفه يرميه، قد أدمى ساقيه وعرقوبيه، ويقول: يا أيها الناس ! إنه كذاب فلا تصدقوه. فقلت: من هذا ؟ فقالوا: هو محمد، يزعم أنه نبي، وهذا عمه أبو لهب، يزعم أنه كذاب.
وجملة {تبت يدا أبي لهب} دعاء عليه بالخسران والهلاك.
أما كلمة {وتب} فإخبار بأن هذا الدعاء سيتحقق وأنه قد خسر وهلك فعلاً.


{ما أغنى عنه ماله وما كسب}
فماله الكثير الذي ربحه وجمعه لن يدفع عنه عقاب الله تعالى حين ينزل به.
والمراد بالمال هنا ما ورثه من رأس مال.
والمراد بما كسب هو ما ربحه من التجارة.
وهذا رد قرآني عليه. فهو عندما كان توعّده النبي ص بالنار كان يجيب: إن كان ما تقول حقاً فإني أفتدي بمالي وولدي.
وهو إخبار غيبي بما سيؤول إليه مصيره. فقد مات بعد وقعة بدر بأيام، وبقي ثلاثاً حتى أنتن، ولم يقترب منه أحد من ذويه ليدفنه، بل استأجروا عبيداً فحملوه ودفنوه.
فماله وجاهه لم يؤمنا له حتى ميتة ودفناً لائقين.


{سيصلى ناراً ذات لهب}
أي سيدخل ناراً عظيمة ذات اشتعال وتوقُّد، وهي نار جهنم.
وفي هذه الآية تصديق لإخبار النبي ص الغيبي له بأنه سيموت على كفره وبالتالي يخلد في النار.


{وامرأته حمالة الحطب}
امرأته أم جميل العوراء بنت حرب الأموية، أخت أبي سفيان.
وقد سماها القرآن الكريم بحمالة الحطب لأربعة وجوه:
1-أنها كانت تحمل حطب العضاة وحسك السعدان؛ وهما نوعان من الشجر الشوكي؛ وتضعهما في طريق رسول الله ص حتى تدمي ساقيه عندما يمر.
2-أنها كانت مشهورة بالنميمة وإثارة الفتنة بين الناس.
فالعرب كانوا يمثِّلون لناشر الفتنة بقولهم: يوقد الحطب الرطب.
3-أنها بمعاداتها لرسول الله ص وتحريضها لزوجها على معاداته قد احتطبت بيدها وزراً هو بمثابة الحطب حيث يزيد اتقاد النار التي ستصلاها في جهنم.
4-أنها كانت تهيٍّج الناس على رسول الله ص وتحرِّض قريش ضده، فهي بتأجيج نار العداوة لرسول الله ص كمن يحمل الحطب ليزيد اضطرام النار.


{في جيدها حبل من مسد}
هذه المرأة التي  كانت تحمل الحطب على ظهرها، بأن تربطه بحبل ملتف حول عنقها لتضعه في طريق رسول الله ص إيذاءاً له، ستحشر وفي عنقها حبل من مسد؛ وهو حبل مجدول بخشونة الليف وحرارة النار. وذلك عقاباً لها  على سوء عملها وإذلالاً من الله تعالى لها.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد