لقاءات

الدكتور ميشال كعدي: الزهراء عليها السلام أولى الأديبات


نسرين نجم ..
أُولى الأديبات في الإسلام، قد عظمت
كما عليٌ سما في نهجه القُطُب
مِنْ عارف، واعد، أخلاقه اخترقت
بُعد الرِقاع، وسهم النجم والوصب..
تأثر الدكتور ميشال كعدي بهيبة وعظمة شخصية السيدة الزهراء عليها السلام، فأبحر في خطبها ومواقفها وكلماتها، وأظهر من خلال كتابه "الزهراء عليها السلام أولى الأديبات" ؛ المكانة التي تسكنها الزهراء في وجدانه، إذ يرى بأن "الزهراء من خلال حياتها، وتصرفاتها في بيت الرسول، ومن خلال مكانتها الدينية والإنسانية، قديسة. الزهراء منذ الصغر عرفت بالعبقرية، وقد برزت في آل البيت والتاريخ الإسلامي رائدة وقدوة. اعتبرتها ظاهرة في الخليقة والأمم، وإذا دخلنا بتفاصيل عمرها القصير وتفحصنا أغوار شخصيتها، لبرزت لنا جوانب واسعة من واقعها الديني والأصالة والأرومة الأحمدية، والنسب الشريف، والسجايا الكريمة، ومن المسلمات أنها في سن مبكرة بدت عليها علامات الذكاء، وقدرة الإقناع، والتبشير بالإسلام، ثم قدرت أن تكون معلمة في مجتمعها، وأديبة أولى، وخطيبة أولى، وكان من تلامذتها النساء والرجال. من هنا دفعني الكلام عليها بعدما حصلت على مراجع كثيرة، ولأن الأشياء توافرت في جعبتي، رأيت من الواجب أن أخص الزهراء فاطمة بكتاب بعنوان "الزهراء أولى الأدبيات" وهنا أشير إلى أنني تناولتها من المهد الى اللحد".
والزهراء هي مدرسة إنسانية عظيمة بحدّ ذاتها، ولا يعتبرها كعدي أولى الأديبات، بل الكاتبات والخطيبات فيقول: "بلى إنها الكاتبة الأولى في الإسلام. لقد اهتمّت بشكل واضح  وواسع بالعلم وأحاديث النبي التي حفظت الكثير الكثير منها، وقد تمكّنت من أحكام الإسلام، وما جاء فيه من معارف وتعاليم، وغالبًا ما كانت تسجل عندما كان رسول الله يتكلم بوحي القُدُرات، أو ما كان يحدّثها به أمير المؤمنين علي (ع). من هذا المنطلق، تمكنّت من المعرفة الشاملة والحديث الديني الفاعل، والكتابة المبدعة، والخطابة المؤثرة في النفوس، أما البلاغة في مواقفها، فكانت بأعلى مناطها. ولهذا رأينا المسلمين قديمًا وحديثًا على اختلاف طوائفهم وتعدد مِللهم، يتفقون على تقديرها وتعظيمها، لأنها حملت شخصية النبي (ص). ومن مآثر فاطمة الزهراء (ع)، أنها تركت كتابًا لها عُرف ب"مصحف فاطمة"، وقد أسرع لأقول، إنه لا يعني القرآن الكريم من هنا قلنا أنه كتاب فاطمة".


كتاب "الزهراء أولى الأديبات":
من الواضح بأن كتاب الدكتور ميشال كعدي حول الزهراء (ع) قد أخذ وقتًا وجهدًا كبيرين، ليصدر بهذه الإطلالة الأدبية الراقية والعميقة، ويؤكد هو الأمر بقوله: "طلب إلي وأنا في إيران أن أكتب كتابًا بعنوان "الإمام زين العابدين والفكر المسيحي"، فقد أتممته بسبعة أشهر، بعده، دفعتني النخوة أن أجعل للمرأة مكانة كبيرة من خلال مؤلّف"الزهراء أولى الأدبيات"،  ومن الطبيعي جدًا أن أنوه برغبتي في هذا المجال، لأنني مغرم بآل البيت، ولأنني هكذا رأيت التأليف سهلًا عليّ، على رغم الصعوبات بإيجاد المراجع في البلاد العربية. لكنني وُفّقت بمراجع في المكتبات الأوروبية، وقد سهّل فعلاً ذلك روح الزهراء وقداستها، التي لا لبس فيها بنظري، وقد أسند رأي أصحاب الصّحاح والمسانيد كالبخاري والحاكم النيسابوري وغيرهم، واعتراف الناس بعلمها وذكائها".  ويرى الدكتور كعدي أيضًا بأن: "آل البيت عاشوا مرحلة صعبة من الاضطهاد والعذاب واغتصاب الإمامة وقهر الإسلام، والمعروف أن فاطمة الزهراء هي زهرة آل البيت ، وآل البيت غير مرغوب بهم من المناهضين لهم، انطلاقًا من هذه الفكرة، من الطبيعي بمكان أن تقول بصراحة الزهراء هي من آل البيت ولآل البيت فقط".
ينظر الدكتور ميشال كعدي إلى الزهراء بكونها قيمة إنسانية كبيرة وهبة ربانية عظيمة الشأن، وقد منحها الباري عزّ وجلّ خصائص عديدة يتحدث عنها المؤلف بقوله: "من خصائص الزهراء الاعتراف بثقافتها وفضائلها، ومناقبها وسماتها الفضلى،  وفي إطار علمها وأدبها الجم الذي امتازت به، وجدنا الناس كلّ الناس قد تفاعلوا مع أحاديثها وأقوالها وخطبها ولا سيما هذه الخطبة التي ألقتها بعد وفاة رسول الله. هذه الخطبة، جسدت خصائصها ومميزاتها الإنسانية والأخلاقية والدينية. ومن خصائصها التي وجدناها في هذه القدسية، اهتمامها بالرسالة التي برز فيها أدبها الشامل. وبالمجمل فهي عاشت بمجتمعها ودينها والإنسان والمسلمين ولزوجها، قبل أن تعيش لنفسها. وعبر هذه الخصائص والمميزات جعلتنا نقرّ بها، بأنها مدرسة إنسانية وأخلاقية وأدبية ودينية متكاملة".
وكان لا بدّ من طرح سؤال على الدكتور كعدي، في ظل الأجواء الدينية المشحونة بالتعصب وبالتطرف، فكيف أن شاعرًا مسيحيًّا تناول السيدة الزهراء بكتاباته مع ما ينسب إلى الإسلام؟ وإلى أي حدّ يساهم هذا الأمر في تعزيز التقارب والتواصل بين أبناء الديانات السماوية؟ أجاب بكل محبة: "لعلّني الوحيد الذي خص السيدة الزهراء بكتاب وقصيدة وكذلك السيدة زينب بقصيدة. ولعلّني الوحيد الذي قارب بين العذراء مريم والسيدة الزهراء، ولعلّني بتواضع الذي عرف الإسلام والمسيحية عن قرب وقارب بينهما بدقة ووضوح، من خلال دراساتي اللاهوتية والدينية. وعبر هذه المسؤولية التي أخذتها على عاتقي، وضعت التقارب والتواصل في خدمة الديانات السماوية، والدليل على ذلك إضافة إلى ما قلناه في السيدة الزهراء كتاب الإمام زين العابدين والفكر المسيحي".
كلام الدكتور كعدي دفعنا إلى سؤاله، ونحن نعيش في عالم مادي مليء بالمغريات وسيطرة"الأنا"، عن مدى حاجتنا  إلى الاقتداء والتماهي بهذه الشخصية العظيمة: "كل ما قلناه عبر هذه الأسئلة، يظهر لنا وللقارئ عظمة السيدة الزهراء، وكل ما أوردناه بيّن أن هذه العظيمة في نساء العالم، هي قدوة ورسالة لبني البشر في عالم تسوده المادة والأنانية".
أما عن أنشطته المستقبلية فقال الدكتور كعدي: "على الطريق سيصدر كتاب "الإمام الحسين قدوة ورسالة" في هذا الكتاب ستبرز عالمية الإمام الحسين، وقيمته الدينية والسماوية. إضافة إلى كتب أخرى ستصدر لي تباعًا إذا أراد الله. آل البيت يستحقون ولهم علينا....".


الزهراء أولى الأديبات
زهراءُ، هذا أنا، وشعلة الأدب
ففي خُطاك الحِجى، وطلة الحسب
على يديّ، حملت الحرف مؤتلقًا،
يغوى بفاطمة، وروعة الخُطب
زهراؤنا، من مدائن الضيا وُهبت
علمًا وفهمًا، نهىً، وطيب منسكب
يا زهرة الدين، في آلٍ وفي رشدٍ،
ضمختُ قولي بِطهر، شال بالنسب
عذراؤنا مريم قالت منائرها:
القدس تكبو ودُنيا العرب في غرب
يا أخت عذرائنا، هذي هياكلنا
مِريام تشدو وها الأنغام في رَغب..
كنائس القدس؟ لو قالت مذابحها؟
أحبابنا، هم لُنبل، هم لمرتقب.
أهلوك، أهلي أنا، هم رُكن أُمتهم
أهلوك حبي، وسر الوحي في كتبي
زهراؤنا، قد سرى فينا انبعاث عُلى
منه السيوف، ومنه الشأن في الرتب
وقد شمخت على الأفذاذ معرفة
عروس فكر، تعالت في مدى الحقب
كرمى لعينيك، يا أم المعارف، ها
شعري، وها نُذُري، تزدان بالنُجُب
شوقًا إلى كلمٍ، تُعلي سنًا وهُدى،
بنت الرسول بدت في فكرها العذب
ورثت ودّ أب، في الدين مكتمل،
وقد هداك رِضى، وحب خير أب
ما خاب راجيه، في بنت وفي ثقة،
ومن دَعا، شاهد الإيمان عن كثب
دارٌ وصفت بها وجهًا على كِبر،
والصادق الرشد معصومًا من الكذب
ما زال يشتد ذاك الوصف مزدهيًا
على مراق من الأشواق والشُهُب
النُبلُ من فاطم، أفعال من بدعت،
كأنما البدعُ بات غاية العجب!

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد