لقاءات

إيمان الجشي: وجدت في كل حرف عالـمًا من الجمال والقوة والخلود


نسرين نجم ..
من عالم الجغرافيا إلى عالم الفن التشكيلي سافرت، حاملة في حقيبتها الحياتية الشغف بالألوان والخط العربي، فأبدعت. وتنقلت بين العديد من الجمعيات التي تُعنى بالفن التشكيلي الزيتي والمائي والخط العربي، تاركة بصماتها الفنية المميزة أينما حلّت، أقامت بعض المعارض الشخصية، وحازت على العديد من الجوائز منها: المركز الثالث في مسابقة الشباب التشكيلية، وجائزة اقتناء في مسابقة الفن الإسلامي المعاصر، إنها الفنانة التشكيلية إيمان الجشي التي أجرينا معها هذا الحوار:


الخطوة الأولى في الفن التشكيلي:
كلّ منا كان لديه في طفولته تعلقه بهواية معينة، منّا من بقيت معه، وعمل على تعزيزها، ومنَّا من رماها في دهاليز الحياة، أما بالنسبة لإيمان الجشي فقد كانت: "مُنذ الصغر مولعة بالرسم والتلوين، وكان ذلك يميزني عن باقي زميلاتي في المدرسة، ما لفت نظر معلماتي اللواتي شجعنني كثيرًا، فاشتركت في المعارض والمسابقات، ومن ثم التحقت بعدة دورات للرسم، وعملت على تطوير نفسي عن طريق الالتحاق بالورش وبالمعاهد داخل وخارج المملكة، فوجدت نفسي شغوفة بالفن، ما جعلني أبحث وأجرب وأدرس وأقرأ عنه".
وتعترف الجشي بأنها ما كانت لتنجح في هذا المجال لولا دعم أسرتها: "الأهل هم الأساس في تشجيعي وبفضلهم وتشجيعهم لما وصلت لما أنا عليه الآن فهم من يقف خلف نجاحاتي دائمًا".


لعبة الألوان واختيار الرسومات:
مما لا شك فيه بأن الألوان المستخدمة في اللوحات تضفي عليها سحرًا خاصًّا وجمالية تأسر الناظر، وعن معنى الألوان وأسس اختيارها لها ودمجها مع بعضها البعض، تتحدث السيدة الجشي: "الألوان عشقي فلا طعم للحياة بدون لون، كالشمس تشرق كل يوم لنرى جمال الدنيا ..أعشق الألوان في جميع تفاصيل حياتي، أختارها وأدمجها بحسب حاجة العمل، ووفق دراسة للون ودرجاته وقوته وضعفه، فأنا أهتم باللون كثيرًا، الأمر الذي جعلني أقرأ وأبحث في عالم الألوان كثيرًا ولشدة أهمية اللون في العمل أعتبره المحرك الرئيس له".
أما عن مدى تعبير اللوحات عن أحوالها النفسية، ومن أين تستوحي رسوماتها فتجيب: "كل ما يحيط بي يؤثر في أعمالي وأستوحي منه أفكاري، فلدى الفنان عين ثالثة يرى بها أشياء لا يمكن أن يميزها غيره، تساعده ويستوحي منها أفكاره".
وبالانتقال إلى مدارس الفن التشكيلي، سألنا السيدة إيمان الجشي عن جمعها بين المدرستين اللونية والخطية، وكيف تم لها ذلك: "وهبني الله الخط الحسن الذي جعلني مولعة وشغوفة بالخط العربي، ففكرت في إدخال الخط بأعمالي، فقمت بدراسة الخط حتى أدخله في العمل بطريقة صحيحة، وقد وجدت نفسي عاشقة  للأحرف الأبجدية الثمانية والعشرين، فعملت على التغيير والتبديل في شكلها وتكوينها الفني، وقد وجدت في كل حرف من هذه الأحرف عالـمًا من الجمال والقوة والخلود، فجمعت ما بين الحرف العربي والرسم التجريدي في قالب فني واحد، مع توظيف جماليات كل منهما لمصلحة الآخر وباستخدام عدة تقنيات".


الحياة التشكيلية في العالمين العربي والإسلامي :
لُقبت إيمان الجشي من قبل النقّاد ب"رائدة الحروفية في هذه المنطقة"، عن هذا اللقب وماذا يعني لها، تقول: "حصلت على هذا اللقب لأني أول فنانة في المنطقة تُدخل الخط العربي إلى أعمالها، وهذا اللقب يعني لي الكثير، وأضع نفسي أمام  مسؤولية كبيرة لتقديم فن راقي مُشرَّف".
أما عن الجديد الذي استطاعت إيمان الجشي أن تقدمه إلى الفن التشكيلي؟  فتقول: "لا أعتبر نفسي قدمت جديدًا فمازلت أبحث وأدرس وأقوم بتجارب فمشوار الفن طويل ".
إلا أنه ورغم ما تعانيه المنطقة العربية والإسلامية من اضطرابات وتوترات أمنية وسياسية واقتصادية، نرى بأن البعض لا يزال متمسكًا بالحياة التشكيلية، فإلى أي حدّ تتسعُ مساحة هذا الفن في عالمنا العربي والإسلامي؟ تقول إيمان الجشي: "نعم، للحياة التشكيلية مساحة كبيرة في عالمنا العربي والإسلامي، مما أدى إلى ظهور عدد كبير من الفنانين المتميزين عالميًّا، وهناك اهتمام من قبل الدول العربية بالفن، انعكس على القيام بالعديد من الفعاليات والمهرجان التي استقطبت فنانين كُثر من حول العالم".


أما عن أهم التحديات التي يواجهها هذا الفن، وهل تعتبر بأن غزو السوشيل ميديا أثر سلبًا على انتشار الفن التشكيلي؟  تقول: "من أهم التحديات التي يواجهها هذ الفن هو عدم وجود أكاديميات ومراكز متخصصة لتعليم الفن بطريقة مختصة، فهنا أغلب الفنانين يعملون باجتهاد شخصي، بالإضافة إلى ندرة صالات العرض المناسبة، وعدم وجود ثقافة الاقتناء، أما بالنسبة للسوشيل ميديا فهو سلاح ذو حدين، فقد ساهم من جهة في انتشار الفنان وانتشار أعماله والتعرف على فنون عالمية، ولكن من جهة أخرى ساهم في سرقة الأعمال وتقليدها وغير ذلك..".

على الرغم من هذه التحديات ترى إيمان الجشي بأنه: "في وقتنا الحالي برزت العديد من الفنانات في مدينتنا، مما يدل على مستوى الرقي الحضاري التى وصلت له المرأة في بلادنا اليوم ، فأصبحت تشارك في المعارض محليًّا وخارجيًّا، ولها دور وحضور في المحافل العالمية . كما أصبح  الآن  عدد الفنانات في ازدياد يفوق عدد الفنانين الرجال، ما غيّر من صورة المرأة الخليجيه التقليدية لدى الرأي العام الغربي".
وحول نشاطاتها ومشاركاتها المستقبلية تقول: "منذ سنتين تقريبًا وأنا  اعمل على تجهيز معرضي الشخصي والذي سيرى النور قريبًا، كما أتمنى أن أوفق لنقله داخل وخارج المملكة، كما تُعرض أعمالي الآن  في عدة كاليريهات في داخل وخارج البلد".
وعن نصائحها لمن ترغب من الفتيات بدخول هذا العالم، تشير إيمان الجشي إلى أنه من الضروري على الراغبات في دخول هذا العالم والتعرف عليه: "الالتحاق بالدورات والمعاهد المتخصصة، وكثرة الاطلاع على أعمال الفنانين  وزيارة المتاحف والمعارض حتى تتغذى عقولهن، وتكون لديهن حصيلة واسعة مهمة من المعرفة الخاصة بالفن، ويمضين على خطى صحيحة . كما يجب عليهن أيضًا في جميع المجالات ومنها المجال الفني أن يكنّ قدوة صالحة، وأن يتركن بصمتهن الخيرة على الفن وعلى الحركة الفنية ، وأن يكنّ جادات ومسؤولات في تحمل دورهن، وأن يقدمن أنفسهن أولًا بصورة مُشرفة ترفع شأن المرأة عاليًا".

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد