قرآنيات

معرفة القرآن تحليلياً


الشهيد مرتضى مطهري ..

نريد في هذا الفصل أن نبحث في محتويات القرآن. وطبيعي أننا لو أردنا تناول موضوعاته موضوعًا موضوعًا لاقتضانا ذلك أمنانًا من الورق. وعليه فسوف نعالج الكليات أولًا، ومن ثم نعود على بعض من الجزئيات.
 يتناول القرآن كثيرًا من المطالب بالبحث، وفي غضون ذلك يؤكد بعضها توكيدًا أكبر دون بعض. ومن جملة الأمور التي جرى بحثها في القرآن إله الكون والكون. علينا أن نرى كيف ينظر القرآن إلى الله. هل يعرفه معرفة فلسفية، أم معرفة تعبدية؟ هل يذهب، مثل التوراة والإنجيل، مذهبًا دينيًّا، أم أنه يسير كما تسير الديانات الهندية، أم إن له مذهبه الخاص والمستقل في معرفة الله؟
والموضوع الآخر هو الكون. لا بد لنا أن ندرك النظرة التي ينظر بها القرآن إلى الكون.
فهل ينظر إلى الخليقة والكون نظرة عبث ولهو؟ أم إنها نظرة الصدق والحق؟ فهل يرى جريان العالم يسير على وفق سنن ونواميس، أم يراه يجري على غير هدى أو قاعدة، بحيث لا يبدو أي شيء سببًا لأي شي آخر؟
 ومن جملة المسائل الكلية المطروحة في القرآن مسألة الإنسان. فلا بد من تحليل نظرة القرآن إلى الإنسان. أتراه يتحدث عن الإنسان متفائلًا، أم إن نظرته إليه سلبية ومتشائمة؟ أيرى الإنسان حقيرًا، أم يرى أن له كرامة وعزة؟
ومسألة أخرى هي مسألة المجتمع الإنساني. أفهل يرى القرآن للمجتمع الإنساني أية أصالة، أم يرى الفرد هو الأصيل؟ وهل للمجتمع الإنساني في نظر القران حياة وموت ورفعة وانحطاط، أم إن هذه الصفات تختص بالفرد فحسب؟ وهنا تدخل مسألة التاريخ، وكيف ينظر القرآن إليه. ترى ما هي القوى المحركة للتاريخ، وما هو مقدار تأثير الفرد في التاريخ؟
هنالك مسائل كثيرة أخرى يطرحها القرآن، ونحن نورد هنا سردًا لبعض منها: نظرة القرآن إلى القرآن، ثم مسألة الرسول في القرآن، وكيف يعرف القرآن الرسول، وكيف يحادثه...ثم مسألة تعريف المؤمن في القرآن، وماهية صفات المؤمنين، وغيرها.
ولا شك أن لكل واحدة من هذه المسائل الكلية مسائل فرعية، فمثلًا عند الكلام على الإنسان، لا بد لنا أيضا أن نتكلم على الأخلاق، أو إذا تحدثنا عن المجتمع، لا بد أن نتحدث عن روابط الأفراد، وعن مسألة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وعن مسائل الطبقات الاجتماعية...وغير ذلك كثير.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد

مواقيت الصلاة