مقالات

بركات ورود السيدة المعصومة عليها السلام إلى قم (2)


بعض آثار وبركات المعصومة في قم

ترك وجود قبر السيدة المعصومة عليهما السلام في قم آثارًا وبركات متعددة حيث تنعمت المدينة منذ أن دفنت فيها المعصومة عليها السلام بعمران ملحوظ من النواحي الثقافية، والسياسية، والاجتماعية، والعمرانية والاقتصادية. ويمكن الوصول لهذه الحقيقة من خلال مطالعة الجوانب التاريخية لهذه المقدسة. ويتضح الأمر إذا ما علمت أن بركات وجودها قد تركت آثاراً واضحة ليس على قم فحسب بل على البلد بأجمعه.
عندما تصبح قم محط أنظار ملايين الزائرين والسياح والمجاورين فهذا يعني أن لها بركات لا حدود لها. وإذا كان مرقد السيد المعصومة محط رحال عشاق أهل البيت عليهما السلام من أنحاء العالم فإن الأمر لم يقتصر على ذلك إذ شد الرحال إليها الكثير من الأشخاص حتى الذين لا يأتون للزيارة وذلك لما لهذه المدينة من عظمة وأهمية خاصة.
وقد تحدث الكثير من الغربيين الذين زاروا المدينة موضحين أهميتها والدور الذي يلعبه مرقد السيدة المعصومة عليها السلام فيها.
يتحدث "اوجن فلاندن" السائح الفرنسي الذي زار إيران في أيام محمد شاع القاجاري عام 1219 ـ 1221هـ.ش يقول: "إن قبر فاطمة التي يطلق عليها الإيرانيون (المعصومة) يحظى باهتمام المشرق بأجمعه حيث يتوافد الناس لزيارتها وهناك العديد من الملوك الإيرانيين أمثال الشاه عباس الثاني، الشاه صفي وفتحعلى شاه، الذين دفنوا في قم".
ويتحدث السائح الألماني (كارل بروكش) الذي زار إيران في القرن التاسع عشر الميلادي: "تبدوا ملامح قم على بعد أميال عدة حيث أن قبة المرقد الذهبية تلقي بشعاع ضوءها إلى أرجاء بعيدة. وكان ملوك إيران يرغبون في بناء المراقد من الذهب والفضة، والواقع أن الإبداع الذهبي الذي نشهده في قبة المرقد تبعث على الحيرة وتأسر العيون. والمرقد يزوره الأحياء والأموات الذين يتم إحضارهم إليه، لأن الكثير من الإيرانيين يوصون بدفنهم إلى جوار المرقد بعد الموت. قم مدفن القديسين: وبناءً على ما يقول بعض أهل قم فإن فيها ما يقرب من 444 ابن إمام كبير وصغير".
على كل الأحوال بدأ الشيعة يتوافدون إلى هذه المدينة المقدسة بالأخص السادة بعد دفن السيدة المعصومة فيها. ازدهرت المدينة وتوجه إليها الشيعة ومشاهير العلماء وكثرت الهجرة إليها وتم تثبيت الموقع الديني للمدينة. قم من أشهر المدن الشيعية في العالم ومن أبرز وأهم المدن في العالم الإسلامي ومن المراكز الثقافية والفقهية الهامة عند الشيعة وهي مركز أهم ثورة إسلامية حصلت في التاريخ.


فيما يلي نشير إلى بعض نتائج وآثار دخول السيدة المعصومة عليه السلام إلى قم:
1 ـ توسيع مدينة قم
اتسعت المدينة من الشمال الشرقي والجنوب الغربي حيث أصبح حرم المعصومة عليها السلام يقع في وسط المدينة بعد أن كان في أطرافها.
2 ـ قم محل اهتمام الكثيرين
جذبت قم أنظار الكثيرين من الملوك والحكام والأشخاص الآخرين فتوجه إليها مشتاقو أهل بيت النبوة صلى الله عليه وآله وسلم وكل ذلك بسبب وجود حرم المعصومة فيها.
3 ـ قوة التدين في قم
يتمتع التدين في قم بثبات واستحكام واضح حيث مركز العلماء الشيعة وقد عاش ونشأ فيها الكثير من كبار علماء الشيعة.
4 ـ كثرة السادات في مدينة قم
توجه الكثير من أبناء الأئمة والشيعة إلى قم للحياة فيها ومن جملة ذلك الكثير من أحفاد الإمام الحسن والإمام الحسين وموسى بن جعفر وعلي بن موسى الرضا عليهم السلام، وكذلك أبناء محمد بن الحنفية وزيد بن علي بن الحسين عليه السلام وإسماعيل ابن الإمام الصادق عليه السلام. واليوم يظهر بوضوح كثرة الشيعة في المدينة حتى أطلق على بعض الأحياء فيها: أحياء العلويين والسادات.
5 ـ العلماء الكبار في قم
من جملة بركات السيدة المعصومة عليها السلام تربية علماء ومفكرين عظماء من أبرزهم:
ـ علي ابن الحسين بن بابويه ألقمي، والد الشيخ الصدوق أو الصدوق الأول.
ـ محمد بن علي بن بابويه ألقمي، المعروف بالشيخ الصدوق ومؤلف ما يقرب من 300 كتاب في الأصول والفروع.
ـ محمد بن حسن الصفار، من أصحاب الإمام الحسن العسكري عليه السلام والمقربين إليه.
ـ أحمد بن إسحاق القمي، وكيل الإمام العسكري عليه السلام في قم وباني مسجد الإمام المعروف وذلك بأمر من الإمام.
ـ أحمد بن إدريس القمي، من محدثي الشيعة.
ـ زكريا بن آدم، من أصحاب الإمام الرضا.
ـ الخواجة نصير الدين الطوسي الجهرودي المعروف بأستاذ البشر.
ـ صدر المتألهين الشيرازي الذي ترك آثاراً فلسفية هامة: الأسفار الأربعة، الشواهد الربوبية، شرح الكافي و...
6 ـ حوزة قم العلمية
لعل ازدهار الحوزة العلمية في قم من جملة بركات وجود مرقد السيدة المعصومة عليها السلام فيها. وقد عمل العلماء والفقهاء منذ القرن الثالث الهجري على توسيع وتطوير العلم والأدب والحديث في هذه المدينة. وما زالت هذه المدينة وحتى هذا اليوم محلاً للعطاء العلمي.
وأعطت هجرة الفيلسوف صدر المتألهين إلى المدينة صورة أخرى لها. وبعد صدر المتألهين لعب المرحوم الفيض الكاشاني دوراً في تأسيس المدرسة الفيضية في جوار حرم المعصومة عليها السلام مما ساهم في النمو والرشد العلمي والفكري.
واستمر هذا العطاء إلى أن كان العام 1315هـ.ش حيث استقر في المدينة المرحوم الشيخ عبد الكريم الحائري أحد أعلام العلم والفضيلة الذي قدم إلى قم من أراك فأضفى على المدينة روحاً جديدة. وكان لوجود آية الله العظمى البروجردي رحمه الله دوراً هاماً في ارتقاء النشاطات الثقافية والاجتماعية وهكذا بدأ المراجع يتوافدون على المدينة لتصبح المركز الأساس للمرجعية الشيعية.واليوم يتواجد في قم تجمع عظيم لمراجع وفقهاء ومجتهدي الشيعة وكل ذلك ببركة وجود السيدة المعصومة عليها السلام .

* مجلة مبلغان.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد