لقاءات

صادق سليمان: ألحان قطيفية هي تعبيرٌ عن مشاعر الحنين لهويتنا


ربى حسين ..

هو "صادق سليمان"، فنان متعدّد المواهب، كانت بداياته كمصمم جرافيكس، وحاليًّا لديه اهتمام بالمونتاج والمعالجة اللونية، هاوٍ للخط العربي ومحب للفنون بجميع أشكالها. بدأ العمل بالخط الرقمي "الخط عن طريق الكمبيوتر باستخدام برنامج الستريتور والقلم الضوئي"، منجزًا ما يقارب ال 600 مخطوطة رقمية باسم النبي محمد صلى الله عليه وآله. وقد كان لنا معه هذا الحديث للإضاءة على تجربته والوقوف عند مشروعه الجديد "ألحان قطيفيّة".


تجربة متنوّعة وفريدة

لدى سؤالنا عن تجربته المتنوّعة، ردّ السّيد صادق قائلًا: ما زلت أعتبر تجربتي في بداياتها خصوصاً وأن هذا الأمر لم يكن مخططٌ له ولا حتى في دائرة الاهتمام. فأول تجربة لي كانت مع الخط العربي تقريباً في عام ١٩٩٤م حينما كان خطي عبارة عن طلاسم لا يفهمها إلا من كتبها، وكان تعلمها تحديًا بيني وبين أحد زملاء الدراسة.


 _ أعتبرها تجربة جميلة ففي ذلك الزمان كانت الكتب شحيحة جداً ولم يكن هناك مصادر كالإنترنت، ولم أكن على دراية بمعلمين للخط العربي، فكانت تجربة ذاتيه ممتعه رغم صعوباتها. ومن ثم بدأت القصة في نهايات ١٩٩٨م حينما تولدت فكرة الدّراسة في أمريكا بالاعتماد على نفسي، فكان لابد من إتقان مهارة ما تساعدني في تحمل مصاريف المعيشة، ومنها كانت بداياتي مع العالم الرقمي من خلال برنامج الفوتوشوب وبتعليم ذاتي. وحينما تنازلت عن فكرة الدراسة في أمريكا، مارست التصميم كهواية عابرة خلال مراحل دراستي الجامعية والتي كانت بعيدة عن الأجواء الفنية.


وقد أخذ الاتجاه الفني حيزًا من تفكيري من خلال دراسة علم الألوان ومبادئ التصميم المرئي بالإضافة لممارسة التصوير الضوئي ومتابعة الفنون بشكل عام والرقميه بشكل خاص. ومنذ ذلك الوقت وأنا أحاول العمل باتجاه يعبر عن إفكاري بأشكال مختلفه، والتي كان من أبرزها ما أصطلحت عليه بالخط الرقمي أو ما يطلق عليه فن "التايبوغرافي" وإنجازي لمشروع مخطوطات اسم ا لنبي محمد (ص). وبعدها وبالاعتماد على ممارستي للتصميم، بدأت بمشروع "خط سليماني"، وعلى ما يبدو أنه مشروع فترته الزمنية طويلة.


وبعد هذا السّرد المشوّق لتلك السّيرة كان لا بد أن نسأل السّيد صادق عن ملهمه الأول ومشجعه على هذه الخطوة الفنّية والمتميّزة لنفاجأ بأنّها والدته رحمها المولى عزّ وجل بالرغم من أنها ليست من جيل يهتم بالفنون، "إلا أنه كانت لها عقيدة الخدمة الحسينية، وأن نسخر أي مهارة لهذه الخدمة، وأكيد لا أنسى محيط العائلة وتشجيعهم واهتماهم الدائم.


اشتهر ضيفنا الكريم "بالخط السّليماني"، وأمّا بعد؟

_ أعتقد أن خط سليماني بنسختيه الرقميه والورقية لا يزال يحتاج الكثير من التحسين والعناية ويتطلب وقت فراغ كبير لإنجازه بشكل جيد. أيضاً أحاول العمل على تطبيق خط سليماني على منحوتات خشبيه في بعض أوقات الفراغ. وحالياً أنا مهتم بعالم السينما وتحديدًا المعالجات اللونية أو ما يعرف ب "غرادينغ"، وهو عالم ممتع وجميل، وأنهيت مؤخراً منهجه وسيتم تقديم ورشات له في المستقبل إن شاء الله.


ألحان قطيفيّة

وفي الآونة الأخيرة لاحظنا الكثير من الصّور على صفحتك على موقع فيسبوك تحت عنوان "ألحان قطيفية" نود الاستيضاح عنها أكثر.


_ هي بعض الأعمال القديمة تعود لسنة ٢٠١٣م والمنفذة بأسلوب الرسم الرقمي والمعالجات اللونية، وهي تعبير عن مشاعر الحنين لهويتنا ولعبق الماضي الجميل وما يحمله من مناظر جمالية وحياة مملوءة بالسعادة والحيوية بعد أن اندثرت معظم معالم هذه الحياة. فهي محاولة للتعريف بهذا الإرث التاريخ، وللعيش مرة أخرى في ذلك العالم ولو عن طريق الحلم لاستذكار حاراتنا القديمة وألعابنا الشعبية، زقزقة العصافير وصفاء عيون القطيف النابعة بالحب ونخيلها التي كانت تغطي المنطقة كمظلة تحمي الأهالي من حر الشمس وتطعمه وقت الجوع، ولذلك البحر الجميل والمعطاء بأجود أصناف السمك، هي بكل بساطة استذكار لجنة الحضارة الدلمونية.


_ وعن اختيار هذا التّوقيت بالذّات لنشر هذه الأعمال رأى السّيد صادق أنّ ما شجّعه لإعادة نشر هذه الأعمال وإنتاج أعمال أخرى هو أنه مؤخراً قام مجموعة بتوثيق أنواع الرطب والنخيل في القطيف وهو جهد توثيقي وفني مهم وعظيم، مما أرجع بعض الذكريات والتي أحب مشاركة الآخرين بها، وأيضاً لتعريف هذه البيئة والأجواء لمن لم يوفق لرؤيتها ومعاصرتها.


_ أما بالنسبة لاسم “ألحان قطيفية” كان التصور هو أن ما كان في الماضي من مهن وبنيان والتفاعل ما بين البشر والحجر عبارة عن نوتات موسيقية متنوعة، فقط علينا الاستماع لهذه النغمات والألحان كما هي لنشعر بجمالها وتأثيرها.

_ وأمّا عن الألوان الّتي تميّزت بها لوحات المجموعة دون غيرها، فاعتبر السّيد صادق الألوان أنّها تحمل الطابع الواقعي مع إضافة بعض الألوان التي تعطي حيوية وبهجة لتعكس اللحن الموجود في العمل. فالبيئة المحيطة تؤثر بشكل كبير على التذوق اللوني للناس وللفنان حتى وإن كان بغير وعي مسبق. وهذا يلاحظ على الكثير من المناطق التي لها امتداد حضاري وثقافي، فاللون يكون علامة بارزة للتعريف بالبلد وقاطنيه. فمثلاً من الطبيعي أن يتواجد اللون الأزرق في البيئة البحرية لإيصال جمالية البحر بكل أبعاده، وأعتقد أن إضافة بعض الألوان التي يستحيل وجودها في تلك البيئة يُضفي نوع الأثيرية والحلم للعمل فيصل بطريقة لا تحتاج لتفسير فقط تحتاج لبعض الإحساس والمشاعر.


وختم الحديث بكلمات وجدانيّة عن القطيف وعلاقته بأرضه: "القطيف هي مسقط الرأس وهي ينبوع ثقافتنا وعاداتنا، كانت الواحة الغناء الخضراء تتدفق عيونها وبساتينها ونخيلها بالحب والعطاء امتدادًا لعدة حضارات، فلابد أن تعشق النفس مثل هذه الأرض ولابد أن تحوز أهمية لمن يعيش على أرضها، وأعتقد أن أي فنان يتأثر ببيئته والأرض التي يعيش عليها وغالباً ما تكون عاملاً مؤثراً في إنتاجاته، وهذا لا ينطبق فقط على الفنان، فالأدباء أيضاً يتأثرون بها وكأن هذا الجماد به حياة يحيون بها، لتكون ذكرياتهم السعيدة والحزينة جزءًا من كيانه وشخصيته.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد

مواقيت الصلاة