مقالات

القدّوة الكاملة والاقتداء الكامل

 

ليلى علي حسين 
ندرك أنّنا نعيش اليوم فوضى القدّوات النّسائيّة المنّتشرة في هذا العالم الذي أصبحت وسائل التّواصل الاجتماعيّ جزءًا لا يتجزّأ من يوميّات أفراده، فوضى  خلقها الغرب وكلّ من سار على شاكلته ممّن عاش الوهم في طبيعة تقّييم حقيقة المرأة، فلم يدرك هؤلاء أنّ الله خلق المرأة لتتمتّع بحقّها في أن تكون خليفة له على الأرض، ومرآة تجلّي أسمائه وصفاته، ولتسير جنبًا إلى جنب مع شريكها في الإنسانيّة الرجل لتطوي مراحل العروج للكمال حيث الّلاحدّ ! 
خلقها لهذا وليس لتكون "فاشنيستا" أو "موديل" أو "عارضة أزياء" تعيش لتستعرض جسدها وجمالها الماديّ، قيمتها في الحياة أنّها مجرّد "مانكان" لشركات الإنتاج، ووجه الشّبه هنا أن هذا " المانكان" مجرّد دمية عرض صمّاء لا حياة فيها، ودورها التّسويق لما يُراد منها عرضه فقط، وكذلك مثل هذه المرأة فهي ارتضت لنفسها أن تعيش في الحياة ببعدها الماديّ فقط، وخضعت لمن يريد أن يبرزها كجسد فقط خالٍ من الرّوح ومن الحياة! فهي مجرّد ظاهر جميل جذّاب ومحتوى فارغ!

من هنا صارت الحاجة ملحّة اليوم لأن نضبط عالم القدّوة ونعيد ترتيبه من جديد، وذلك لا يتمّ إلّا بالعودة للقدّوة المُثلى التي ارتضتها لنا السّماء، فاطِمة الزّهراء بنت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، السيّدة التي تربّعت على قمّة الكمال الإنسانيّ، وتسامت في مراتب الصّعود إلى الله تعالى، حتّى وصلت لمرتبة وجوديّة لا تُعقل سعتها، ألا وهي مرتبة الحجّية، ففاطِمة عليها السّلام حجّة من حجج الله البالغة على خلقه أجمعين من الرّجال والنّساء على حدّ سواء .
ومخطىء من يحاول التّفكيك بين عناصر الكمال في شخصيّة سيّدة النّساء فاطِمة عليها السّلام، ويبعّض في اقتدائه بها، ومن هنا أودّ القول لكلّ امرأة تطمح للنّجاح والتّميز، وتسّعى للحصول على شخصّيّة كاملة تتمتّع بالاستقرار النّفسي والهدوء والسّلام والاطمئنان القلّبي: انظري لفاطِمة عليها السّلام بما كانت من المرأة الكاملة النّاجحة التي تميّزت وهي بكامل حجابها وحشمتها وعفافها.

لنلاحظ معًا عزيزتي المرأة، فالسيّدة فاطِمة عليها السّلام عندما خرجت لتؤدّي واحدًا من أعقد الأدوار التي يمكن أن يؤدّيها إنّسان على الإطلاق سواء أكان رجلًا أم امرأة، ألا وهو الدّور السّياسيّ، فإنّها اهتمّت فقط وفقط بأن تضبط حجابها ! نعم التّاريخ يصف هيئتها في خروجها الخالد : (لاثت خمارها على رأسها، اشتملت بجلبابها، خرجت تطأ ذيولها)، انتبهوا معي : فهذا ما حرصت عليه سيّدة نساء العالمين قبل أن تخرج: حرصت أن يكون حجابها كاملًا ، ولم يكن اهتمامها ككثير من نّساء اليوم عند خروجهنّ حتّى لأداء دورهنّ وممارسة حقوقهنّ في الدراسة والعمل ومختلف الأنّشطة الحياتيّة والاجتماعيّة المنصبّ على مظهرهنّ، فلا تخرج الواحدة منهنّ إلّا وقد "ضبّطت" مكياجها لتبدو ملامح وجهها جميلة فاتنة ! لقد خرجت سيّدة النّساء تطأ ذيولها لشدّة حشمتها ومبالغتها في سترها، ولم يكن همّها همّ الكثير من الفتيات اليوم أن تختار من اللّباس الذي يحتوي أكثر على الزينة والألوان المُلفتة للنظر، ولقد اشتملت الزّهراء عليها السّلام بالجلباب، وليس بلباس يبرز المفاتن عوض عن أن يسترها ويفصّل الجسم بدلًا من أن يخفيه !
إذًا لنحرص أحبّتي على اتخاذ السيّدة  فاطِمة الزّهراء عليها السّلام قدّوة، كما يجب أن نحرص على الاقّتداء الكامل بها لننال الفلاح والنّجاح والرّشد والتّوفيق في الدّارين الدّنيا والآخرة.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد