الشيخ علي رضا بناهيان
أحياناً يُستعمل مصطلح "meditation" (التأمّل) للتعبير عن "القدرة على ضبط الذهن". ويقول علماء النفس: "التأمّل (مدِتَيشن) أشد أثراً من أقوى العقاقير في علاج الاكتئاب!" ونحن ندعو هذه القدرة: "التقوى الباطنية" أو "التقوى الذهنية" أو "التقوى الروحية"؛ وهي أن تراقب ذهنك وتمنعه من التجوال أينما كان. يقول دانييل جولمان في كتابه "الصفات المُعَدَّلة": "يكشف العلم كيف يغيّر التأمّلُ ذهنَك ودماغَك وجسمَك".
ويضيف جولمان: "حينما لا ينجز الإنسان أي نشاط يحتاج إلى جهد ذهني، ينشط الوضع الافتراضي للذهن". فإن جزءاً من ذهن الإنسان مسؤول عن القيام بالنشاطات التلقائية اللاواعية". فعندما لا يكون من الضروري للذهن أن يعمل أو يدقّق ينشط هذا القسم من الذهن. ومن جملة الأعمال التي لا تحتاج إلى جهد ذهني هي "الصلاة"؛ لأنك تأتي بالصلاة عن حفظ وهي روتينية بالنسبة لك، ولهذا يُترَك ذهنُك على هواه (وأكثر ما يُترك الذهن على هواه أثناء صلاة الجماعة).
يريد الله أثناء صلاتك أن يعرف: "أين يتجوّل القسم اللاواعي من ذهنك؟ وهل باستطاعتك أساساً أن تسيطر على ذهنك أم لا؟" فمن جُملة الحِكَم المهمة للصلاة، التي هي ركن ديننا، هي معرفة قدرة الإنسان على ضبط ذهنه.
بما أن الصلاة عملية روتينية للغاية فإن قسمَ الذهن المسؤول عن النشاطات التلقائية واللاواعية ينشط أثناء الصلاة، وهاهنا بإمكانك أن تدرك القيمة المودعة في خلقتك. فإذ أنك من المصلين، فإن عليك أن تُقبل على الله في أشدّ الحالات روتينية.
عندما يقوم المرء بأعمال لا تحتاج إلى نشاط ذهني، ينشط لديه وضع الذهن الافتراضي. يقول جولمان في هذا الصدد: "تخطر في الذهن، في هذه الحالة، أفكار وأحاسيس هي في أغلبها مزعجة." فحين ينشط هذا القسم من ذهنك، وهو غالباً سلبي، تصبح معظم الخواطر التي تَفِد على ذهنك من نوع "سوء الظن بالله".
ويضيف جولمان: "الوضع الافتراضي للذهن يتوقف أثناء القيام بتمارين الوعي... وبمواصلة هذه التمارين يتحوّل توقّف الوضع الافتراضي للذهن إلى حالة ثابتة، بل ويقل نشاط الذهن حتى أثناء الوضع المذكور." أي إن عليك أن تمارس تمارين تساعدك على السيطرة على ذهنك كي لا يذهب - في الأوقات التي لا تحتاج فيها إلى نشاطٍ ذهني – صوبَ الأمور السلبية، بل يتَّجه نحو الأمور الإيجابية.
يقول سماحة الإمام الخميني(ره) لولَده: "أنا في أي لحظة أقرّر أن لا أفكّر في شيء فإنّي لا أفكر فيه." ويقول علماء النفس أيضاً: "لا ينبغي لأذهاننا أن تعمل دون إرادتنا"، وفي هذا تكمن نجاة الإنسان، فحتى العرفان يقول بهذا. ففي أي حقل يتقدّم العلم البشري تراه يقترب من الدين.
عن الإمام الصادق(ع) أنه قال: «إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَيَنْوِي الذَّنْبَ فَيُحْرَمُ رِزْقَه» (المحاسن/ ج1/ ص116)؛ أي بمجرد أن يخطر ذنب في ذهن المؤمن يُنقصون من رزقه. ولماذا؟ فهو لم يفعل شيئاً بعد! لأن النشاط الذهني هو في الحقيقة شكل من أشكال الفعل، فكما قد مرّت الإشارة إليه فإن بعض أفعال الإنسان ونشاطاته باطني، وبعضها الآخر ظاهري.
ذهن الإنسان عزيز جداً عند الله تعالى. فمتى ما خطرَت في ذهنك معصية أو أي فكرة سلبية أو باطلة فإن عليك أن تطردها على الفور معاتباً ذهنَك: "إلى أين أنت ذاهب؟!"
يقول آية الله حقشناس(ره): "يخاف أولياء الله من خواطر الذهن، فلا بد للخواطر الذهنية والقلبية هذه أن تُمحى من ذهن الإنسان وقلبه عن طريق الإقبال على الله. عليك أن تمكث طويلاً في مقام المراقبة كي تَمَّحي خواطر قلبك تماماً، وتغدو صفحته نيّرة، وتكون مَقَرّاً لله تعالى".
ويضيف سماحته(ره) أيضاً: "يقول الله عز وجل: "إذا لم تفرّغ نفسَك لعبادتي فسأشغَل ذهنك وقلبك أيما شغل"، «إِنْ لا تَفَرَّغْ لِعِبَادَتِي أَمْلأْ قَلْبَكَ شُغُلاً بِالدُّنْيَا» (الكافي/ ج2/ ص83). فالذي يكون ذهنُه وقلبُه منشغلاً بشدة فإنّ عليه أن يُكثر من الاستغفار، فإن هذا عقاب من الله! فلا بد لذهنك أن يكون فارغاً. والله تعالى إنما يُدخِل الجنَّة أولئك الذين يسعَون في جعل دنياهم فردوساً ويعيشون فيها كعيش أهل الجنة. ثم يقول(ره): "كلما أقبلتَ على الله عز وجل قلَّتْ خواطر ذهنك وقلبك، وهذا بحد ذاته دليل على وجود الله".
الشيخ محمد الريشهري
الدكتور محمد حسين علي الصغير
السيد عباس نور الدين
الشيخ محمد جواد مغنية
السيد محمد حسين الطبطبائي
الشيخ محمد مصباح يزدي
الشيخ محمد جواد البلاغي
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
السيد عبد الأعلى السبزواري
محمود حيدر
الشيخ علي الجشي
حسين حسن آل جامع
ناجي حرابة
جاسم بن محمد بن عساكر
أحمد الماجد
عبد الوهّاب أبو زيد
فريد عبد الله النمر
عبدالله طاهر المعيبد
ياسر آل غريب
زهراء الشوكان
العقيدة، المعنى والدور
المرتدون في زمن النبي (ص)
طبيعة الفهم الاستشراقي للقرآن (1)
حين تصبح المرأة المثيرة هي القدوة، ما الذي جرى وكيف تُصنع الهوية؟
الحب في اللّه
العرفان الإسلامي
جمعية العطاء تختتم مشروعها (إشارة وتواصل) بعد 9 أسابيع
الرؤية القرآنية عن الحرب في ضوء النظام التكويني (2)
قول الإماميّة بعدم النّقيصة في القرآن
معنى كون اللَّه سميعًا بصيرًا