
مقا - مول: كلمة واحدة، هي تموّل الرجل: اتّخذ مالاً. ومال يمال: كثر ماله.
مصبا - المال معروف، ويذكّر ويؤنّث، وهو المال وهي المال، ويقال: مال الرجل يمال مالاً: إذا كثر ماله، فهو مال، وامرأة مالة، وتموّل وموّله غيره. وقال الأزهريّ: تموّل مالاً: اتّخذه قنية، فقول الفقهاء ما يتموّل أي ما يعدّ مالاً في العرف.
لسا - مول: المال معروف ما ملكته من جميع الأشياء. قال ابن الأثير: المال في الأصل ما يملك من الذهب والفضّة ثمّ أطلق على كلّ ما يقتنى ويملك من الأعيان، وأكثر ما يطلق المال عند العرب على الإبل، لأنّها كانت أكثر أموالهم. ومال الرجل يمول ويمال مولاً ومؤولاً: إذا صار ذا مال، وتصغيره مويل، والعامّة تقول مويّل، وهو رجل مال، أي ذو مال. قال سيبويه: مال إمّا أن يكون فاعلاً ذهبت عينه، وإمّا أن يكون فعلاً، من قوم مالة ومالين، وامرأة مالة من نسوة مالة ومالأت، وما أموله أي ما أكثر ماله. وحكى الفرّاء عن العرب: رجل مئل إذا كان كثير المال، وأصلها مول ثمّ انقلبت الواو ألفًا لتحرّكها وانفتاح ما قبلها، أو يقلب همزة.
مفر - الميل: العدول عن الوسط الى أحد الجانبين، ويستعمل في الجور. والمال: سمّى بذلك لكونه مائلاً أبدًا وزائلاً، ولذلك سمّى عرضًا.
التحقيق
أنّ الأصل الواحد في المادّة: هو مطلق ما يملكه الإنسان من النقدين والمواشي والرقيق وغيرها.
ولا فرق بين المال والملك: أنّ الملك يلاحظ فيه عنوان التسلّط واستقرار شيء تحت يده. بخلاف المال فهو ما يكون له في نفسه قيمة ويتعلّق بشخص. فبينهما عموم وخصوص من وجه.
فيقال إنّ السلطان ملك أمور الناس والمملكة، وهو يملك نفسه. ولا يصحّ أن يقال إنّ الأمور والنفس مال. ويقال إنّ هذه الأشياء أموال في أنفسها ولها ماليّة، وليس لها مالك.
وعلى هذا يتعلّق البيع والشرى والهبة والإنفاق والتصرّف والتزيّن ورفع الحوائج والفقر والابتلاء والكسب والشركة وغيرها، بالمال.
ففي البيع والشرى: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ} [التوبة : 111] فالمبيع هو الأموال والأنفس بأن تكون للّه وفي سبيل اللّٰه، حتى يتحصّل لهم الثمن وهو الجنّة.
وفي الهبة: كما في - {فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} [النور: 33] يراد إعطاؤهم كإعطاء اللّٰه تعالى.
وفي الإنفاق: كما في- {مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ} [البقرة : 261]. {وَالَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُونَ} [النساء : 38] فالإنفاق في سبيل اللّٰه يقابل الإنفاق رياء.
وفي التصرّف: كما في {وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ} [الأنعام : 152] يراد التصرّف المطلق بأي نحو كان.
وفي التزيّن: كما في - {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [الكهف : 46] وفي مورد الابتلاء: كما في- {لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ} [آل عمران : 10]. {عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ} [المسد : 2] نعم، المال زينة في الحياة الدنيا، وقد يتخيّل أنّه يغنى الإنسان عن حوائجه، ويدفع به عن المكاره، ويدرك به ما يهوى ويستلذّ، غفلة عمّا يوجبه من الابتلاءات وسلب الفراغة للنفس والتوجّه الى المقاصد الأصيلة الروحانيّة الّتى فيها كمال الإنسان وسعادته.
قال تعالى- {أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ (55) نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَلْ لَا يَشْعُرُونَ} [المؤمنون : 55، 56]. {فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [التوبة : 55]. إِنَّ {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا} [آل عمران : 10] فالمال والأولاد وسائر تزيّنات الحياة الدنيويّة إنّما هي من أعظم الصوارف عن التوجّه الى الحقّ وعن التنبّه في مسير الحياة، فهي توجب محجوبيّة واستغراقًا في الشهوات الدنيويّة.
إلّا إذا حصل المال بعد الايمان اليقينيّ والمعرفة باللّٰه وباليوم الآخر فيمكن. حينئذ أن يصرف في سبيل اللّٰه وفي خدمة عباد اللّٰه وفي رفع حوائج الناس وفي الأعمال الخيريّة، بتوفيق من اللّٰه المتعال.
يقول تعالى- {وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ} [البقرة : 177]. {وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى (17) الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى} [الليل : 17، 18]. {وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَتَثْبِيتًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ} [البقرة : 265] ولا يخفى أنّ تحصيل مقامات الآخرة والروحانيّة إنّما يتحقّق في امتداد الحياة الدنيا بأمرين:
الأوّل- بما يتعلّق بالنفس من مجاهدة في الأعمال البدنيّة العباديّة ومن تهذيب وتزكية في القلب بتخلية رذائل الصفات.
الثاني- بما يتعلّق بوسيلة خارجيّة، والأهمّ الجامع هو المال الّذى به يتوصّل الى أنواع الخيرات والمبرّات والإنفاقات والخدمات، وهذا الأمر مقدّم في العرف وأسهل في العمل، وعلى هذا يقدّم ذكره في الآيات الكريمة:- {وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ} [النساء : 95 {فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً} [النساء : 95]. {لَكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ جَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ} [التوبة : 88]. {ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ} [الحجرات : 15] وأمّا تقدّم الأنفس على الأموال في قوله تعالى- {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ } [التوبة : 111] فإنّ الاشتراء يتعلّق بتماميّة النفس والمال كلّا، وصرف النظر وسلب المالكيّة عن المال إنّما يتحقّق بعد الانصراف وسلب التوجّه والتعلّق عن النفس، فانّ النفس ما لم يسلب التعلّق عنه لا يمكن سلب التعلّق عن المال، فإنّ المال من علائق النفس ومن متعلّقاته، ولا يمكن انقطاعه ما دام للنفس أنانيّة وتشخّص.
وأمّا في مقام المجاهدة والعمل من الإنسان: فلازم أن يقدّم ما هو أسهل عملاً، والنظر الى العمل بالتدريج لا بالكلّيّة ودفعة.
وبهذا ظهر تقدّم الأموال على البنين والأولاد: كما في- {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا} [آل عمران : 10]. {وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ} [سبأ : 37]. {وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ} [الإسراء : 6]. {وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ} [الحديد : 20] فإنّ الأموال أشدّ انتفاعًا وأزيد استفادة لصاحبه من الأولاد، وعلى هذا قال تعالى: {عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ} [المسد : 2] ولم يقل - ما أغنى عنه ولده.
ثمّ إنّ فيما بين مادّتي المال والميل: اشتقاق أكبر، فإنّ في المال أيضًا بذاته استعداد التمايل والانتقال من الأيدي موجود، إلّا أنّ وجود الألف في المال يدلّ على السكون والشدّة والارتفاع، بخلاف الياء ففيه صفات الرخاوة واللين والمدّ، فيدلّ على الجريان والميل.
____________________________
- مقا = معجم مقاييس اللغة لابن فارس ، 6 مجلدات ، طبع مصر . 1390 هـ.
- مصبا = مصباح المنير للفيومي ، طبع مصر 1313 هـ .
- لسا = لسان العرب لابن منظور ، 15 مجلداً ، طبع بيروت 1376 هـ .
- مفر = المفردات في غريب القرآن للراغب ، طبع 1334 هـ.
تعقّل الدّنيا قبل تعقّل الدّين
الشيخ علي رضا بناهيان
معنى (مال) في القرآن الكريم
الشيخ حسن المصطفوي
القرآنُ مجموعٌ في عهد النبيِّ (ص)
الشيخ محمد صنقور
ما بعد فلسفة الدين…ميتافيزيقا بَعدية (2)
محمود حيدر
الحِلم سجيّةُ أولياء الله وزينتهم
الشيخ محمد مصباح يزدي
كيف تفهم أدمغتنا أفعال الآخرين وتصرفاتهم؟
عدنان الحاجي
(لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ)
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
التّوحيد والمحبّة
السيد عبد الحسين دستغيب
من هي السيدة فاطمة عليها السلام؟
الشيخ شفيق جرادي
كيف يخاف النبي موسى عليه السلام من اهتزاز العصا؟!
السيد جعفر مرتضى
السيدة الزهراء: حزن بامتداد النّبوّات
حسين حسن آل جامع
اطمئنان
حبيب المعاتيق
أيقونة في ذرى العرش
فريد عبد الله النمر
سأحمل للإنسان لهفته
عبدالله طاهر المعيبد
خارطةُ الحَنين
ناجي حرابة
هدهدة الأمّ في أذن الزّلزال
أحمد الرويعي
وقف الزّمان
حسين آل سهوان
سجود القيد في محراب العشق
أسمهان آل تراب
رَجْعٌ على جدار القصر
أحمد الماجد
خذني
علي النمر
تعقّل الدّنيا قبل تعقّل الدّين
معنى (مال) في القرآن الكريم
القرآنُ مجموعٌ في عهد النبيِّ (ص)
ما بعد فلسفة الدين…ميتافيزيقا بَعدية (2)
الحِلم سجيّةُ أولياء الله وزينتهم
(رحلة برفقة قلم) جديد الكاتب عبدالعزيز آل زايد
كيف تفهم أدمغتنا أفعال الآخرين وتصرفاتهم؟
(مداد في ظلال خراسان.. سيرة الشيخ إبراهيم بن مهدي آل عرفات القديحي القطيفي) جديد الشّيخ عبدالغني العرفات
الشباب والرجوع إلى الدين
غزو مكة