لا ظلال، تريح أقدامًا ممزّقة من التّركاض، يشتجر القذى في القرحة الحرّى، ويرتفع الأنين، كما الشّظايا للرّؤوس على الأسنّة، ثمّ يخفت.. كلّما السّوط المسافر، أكمل التّلويح في جسد الخيال

ترى النّار إذ لا نار في نظراته، وتلفت مأخوذًا بوهم التفاته، تحسّ بدفء فيك تحسب أنّه، من الشّمس لكن ذاك من وجناته، وليس هو البادي أمامك إنّما، بعينيك تمثال إلى ذكرياته، وإن نسيَت رجلاكَ دربًا سلكته، فلن ينسى هذا الدّرب وقع حفاته

نأى بالحقيقة للجوهرِ، بريق عيونك في الخنجر، كأنّك حين لمست الغيوم، حقنت السّماوات بالأحمر، وها بتلة بتلة يتساقط للماوراء دم المنحر، وبعض الأظلّة تمسك بالنّار، أن لا تطيش من المجمر

ولـمّا شاهدوا الغيمات تخرج.. من فم الأموات.. أقلّوا الرّيح وهي تئنّ.. فوق هوادج المأساة.. ودون زجاجة التّأويل.. صلّت فرضها المشكاة.. فظلَّ الضّوء مكسورًا.. يُشيّع جثّة المرآة..

يا ابن أمّي.. كلّ شيء كان أحمر.. والطّريق إليك.. هاوية على أشفار هاوية.. وأنت تئنّ.. من حرّ الصّفاح.. ركضتُ.. يسبقني اشتياقي.. قسطلاً في إثر قسطل.. لا أرى أحدًا سواك.. أجوز أجسادًا مقطّعة.. وأعثر بالرّؤوس.. يقودني وقع الخيول على ضلوعك..

وأنت طريح على الأرض، لا أحد كان يقدر أن يتقرّب منك، وكان انقباضك أغلق أوعية الفيض، خدّك مكتنف للرّمال، دماؤك تملأ محجر عينيك، حولك يسمع خفق لشيء خفيّ، أخذت بطرفك في ظللٍ من غمام، وكانوا يظنّون أنّك حين تموت، ستعدم، لكنّهم في الحقيقة أيقظوك

إذا التقت الأيدي وضجّت سنابك الوداع، وفار الصّمت في الطّين أسودا، ونادى: ألا من ناصر؟! وهو ينظر السّماء، بوجه كاد أن يتفصّدا، وشاعت على الزّيت النّهاري لمعة القضاء ومهر الصّبح من كهفه عدا، لواها كما لو أنّها رخوة، وما تأخّر نجل المجتبى لحظة ابتدا...

وَقَفْتَ .... وسَالَتْ مِنْ يَدَيْكَ المَسَافَةُ .... فَصَاغَ الرُّؤَى .... هَذَا الوقُوفُ المُبَاغِتُ

أيقظِ الشمسَ حينَ ينسَّلُ صبْحُك .... كلُّ جرحٍ بكاكَ يبكيهِ جرْحُك .... إنَّ "يا ناقتي" من الريحِ تُتلى للطُرماحِ .... مذْ حَدَا فِيــــهِ لَمْحُك

كطيرٍ يُكَوِّنُ في الغيمِ عشَّهْ .... تَخَفَّى الرضِيعُ .... بكَفِّ الحسينِ .... وكَوَّنَ خَلفَ الأخَادِيدِ نَعْشَهْ ....