مقالات

تربةُ الحسين محمّديّة

 

العلّامة الأميني
يستند الشيعة في موضوع السجود على التربة الحسينيّة إلى أصلَين قويمَين:
الأوّل:  استحسان اتّخاذ المصلّي لنفسه تربة يتيقّن بطهارتها، من أيّ أرضٍ أُخذت، فرواية «جُعلت لي الأرضُ مسجداً وطهوراً» متّفقٌ عليها بين جميع أئمّة الفقه.
الثّاني: شدّة عناية رسول الله صلّى الله عليه وآله بتربة كربلاء، وتناوله لها من يد جبرئيل عليه السلام، وملك القَطْر، وإيداع النبيّ الأعظم لِنماذج من هذه التّربة المباركة عند عددٍ من الصّحابة، ليكون تحوّلها بلون الدّم علامة استشهاد الإمام الحسين عليه السلام في كربلاء. 
*وحول الأصل الأوّل: ثبت أنّ الرسول صلّى الله عليه وآله، كان يتّخذ قطعةً من حصيرٍ ليسجُدَ عليها، وتسمّى القطعة من السّعف أو غيره التي تكون بمقدار ما يستر الوجه «الخُمرة» بضمّ الخاء وسكون الميم، ومعناها من باب معنى «الخمار». وينسجم هذا الأصل «أن يتّخذ المصلّي قطعة طاهرة للسّجود» مع المبدأ العقلي «الاحتياط للدِّين» لكي يطمئنّ بطهارة موضع سجودِه الذي هو أقرب حالات المصلّي إلى الله تعالى.
وإليك بعض الرّوايات التي تؤكّد سجود النبيّ الأعظم صلّى الله عليه وآله على قطعة من حصير:
1- ابن عباس: كان رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم يصلّي على الخمرة. (صحيح الترمذي 2: 126، قال الإمام ابن العربي المالكي: الخُـمرة: حصير الصلاة)
2-  أبو سعيد الخدري: دخل على النبيّ صلّى الله عليه [وآله] وسلّم، قال: فرأيتُه يصلّي على حصيرٍ يسجد عليه. (صحيح مسلم 2: 62، 128) 
3-  ميمونة أمّ المؤمنين: كان رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم يصلّي ".." على خُـمرة. (البخاري 1: 101؛ مسلم 2: 128؛ إبن ماجة 1: 320؛ النسائي 2: 57؛ البيهقي 2: 421) 
4-  وأخرج مسلم (1: 168) عن عائشة قالت: قال لي رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم: ناوليني الخُـمرة من المسجد "..".
5-  ابن عمر: كان رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم يصلّي على الخمرة ويسجد عليها. (أخرجه الطبراني في الكبير والأوسط) 
6- أمّ سلمة أم المؤمنين: كان لرسول الله حصير وخُمرة يصلّي عليها. (أخرجه أبو يعلى، والطبراني في الكبير والأوسط، ورجال أبي يعلى رجال الصحيح، وعن أم حبيبة مثله صحيحاً كما في المجمع 2: 57)
7- أنس: كان رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم يصلّي على الخُمرة ويسجد عليها.(أخرجه الطبراني في الأوسط والصغير بأسانيد بعضها صحيح، ورجاله ثقاة كما في المجمع 2: 57)
على هذين الأصلَين نتِّخذ نحن من تربة كربلاء قطَعاً، وأقراصاً نسجد عليها كما كان فقيه السّلف مسروق بن الأجدع يحمل معه لَبِنةً من تربة المدينة المنوّرة يسجد عليها، والرجل كان فقيهَ المدينة ومعلمَ السنّة بها، فأيّ الأصلين يضادّ القرآن الكريم، أو يخالف سنّة الله وسنّة رسوله صلّى الله عليه وآله؟ وأيّهما يُستنكر ويُعدّ بدعة؟ وأيُّهما خروجٌ عن حكم العقل والمنطق والاعتبار؟ وليس اتّخاذ تربة كربلاء مسجداً لدى الشيعة من الفرض المُحتَّم، ولا من واجب الشرع والدّين، ولا ممّا ألزمه المذهب، ولا يفرِّق أيّ أحد منهم منذ أوّل يومها بينها وبين غيرها من تراب جميعِ الأرض في جواز السّجود عليها، خلاف ما يزعمُه الجاهل بهم.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد

مواقيت الصلاة