متابعات

الشيخ العرادي: ما جاء من كلام أمير المؤمنين في نهج البلاغة وغيره لم يكشف إلا في العصور المتأخرة


سلط الشيخ عبد الله العرادي مساء الخميس 1 مايو الضوء على عقيدة التوحيد على ضوء منهج البلاغة، ذلك من خلال برنامج "بينات من الهدى 2" الذي يقام بمجلس الشيخ عبد الكريم الحبيل.
وبدأ الشيخ العرادي بمقطع من خطبة الإمام علي عليه السلام الواردة في نهج البلاغة: أوَّلُ الدِّينِ مَعْرِفَتُهُ ، وَكَمَالُ مَعْرِفَتِهِ التَّصْدِيقُ بِهِ ، وَكَمَالُ التَّصْدِيقِ بِهِ تَوْحِيدُهُ ، وَكَمَالُ تَوْحِيدِهِ الْإِخْلَاصُ لَهُ..."، فأوضح أن أمير المؤمنين  قد بين التوحيد في هذا المقطع في أعلى مراتبه وأدق معانيه.


وذكر سماحته أن من فتح باب العلم بعد رسول الله صلى الله عليه وآله؛ هو الإمام علي عليه السلام، الذي فتح باب المعارف للأمة الإسلامية وأغدق عليها من العارف الإلهية وخصوصا التوحيد، معتبرًا أمير المؤمنين النموذج البارز والمصداق الواضح للتلبس بحقيقة الدين، فقد كان الدين بارزًا في أقواله وأفعاله وحركاته وسكناته وقال: "أمير المؤمنين بين الدين بأروع صوره، بحيث لم يترك شيئًا من الحقائق ومن المفاهيم الإسلامية إلا أشاد بها وبينها ووضحها"، مشيرًا إلى أن الإمام علي عليه السلام وظيفته حفظ ونشر المعارف الإسلامية بأروع صورها.
ولفت إلى أنه رغم إقصاء الامام علي عليه السلام عن منصب الخلافة، والتي لم يكن يهتم بها إطلاقًا، إلا أنه حافظ على دوره ووظيفته في حفظ الإسلام، وبث المعارف الإسلامية، وأوضح أن هذه الوظيفة انتقلت إلى الأئمة من بعده وفقاموا بنشر هذه المعارف وإظهار الدين.


وقارن الشيخ العرادي بين المعارف الإلهية التي نقلها الإمام علي عليه السلام في خطبه وأقواله التي تبين حقيقة التوحيد وبيانه في أجلى الصور وبين المعارف لدى الفرق الإسلامية الأخرى، والتي يشوبها التجسيم والتشبيه والتنزيه، وبها معارف بسيطة وعادية ومبتذلة، نقلت بفهم بسيط ساذج لا ترقى إلى ما ذكره الإمام علي عليه السلام، الذي يتميز بالعمق والوضوح، حيث أن كلامه يفيض بالمعارف الحقيقية ويحار الإنسان في عمقه ودقته وبيانه وعذوبته.
وذكر أن في كلام أمير المؤمنين مما جاء في نهج البلاغة وغيره ما لم تصل إليها  العلوم الاستدلالية والفلسفية، ولم يكن دائرًا بين السلف من المتكلمين والفلاسفة والمحدثين، وأنه لم يوجد لدى أحد غير أمير المؤمنين، منوهًا بأنه لم يكشف عما لدى الإمام  علي عليه السلام من التوحيد والمعارف الأخرى إلا في عصور متأخرة بعد التدبر والتمعن من قبل العلماء.
وتطرق الشيخ العرادي إلى خصائص الدين التي صممت عليها لمعارف الدينية، التي تكون قابلة للفهم والاستيعاب وتتناسب مع عامة الناس، وأوضح  أن من ضمن الصيغ التي يشرح القرآن المفاهيم هي الأمثال، لافتًا إلى أن المفاهيم والحقائق هي مجردة عقلية لابد أن تتنزل بصيغة مناسبة للمجتمع وتكون مقاربة إلى الأذهان خصوصًا أن المجتمع إذا كان ماديًّا حسيًّا فلابد من التصوير عبر المثل ليستطيع العقل الإدراك.


ولفت إلى أن الإسلام أوصل معارفه عن ثلاثة طرق، أولها البيان التشريعي والأمر الارشادي، والثاني الاستدلال والبيان المنطقي، أما الطريقة الثالثة الكشف والمشاهدة.
وبين أن التوحيد هو أساس جميع المعارف الدينية التي تكون في معرفة الخالق والغاية من العبادة، وقال سماحته: "إذا عرف الإنسان ربه حق معرفته ووحده حق توحيده، فإنه لن يقع في الشرك في مقام العمل"، وأشار إلى أن الامام علي عليه السلام أولى في خطبه مسألة توحيد الله الخالص.
وأفاد أن الابتعاد عن روح التوحيد ينتج عن اتباع الشهوات والانغماس في المادة، وذكر أن الإنسان عليه الموازنة بين المادية والمعنويات ليبلغ الكمال.
وشرح الشيخ العرادي الخطبة التي ذكرها في أول المحاضرة، حيث ذكر أن أول ما يجب على الإنسان أن يدين به هو معرفة الله سبحانه وتعالى، وأن الإنسان يجب عليه الارتباط بالله عز وجل وأن لا تحجبه الذنوب عن هذه المعرفة، فيما ينتج من هذه المعرفة التصديق بما يصدر عن الله سبحانه وتعالى، الذي يوجب الإخلاص له، فإذا فقد كل هذه الأمور ونقص عنصر منها فإنه فَقدَ توحيد الله.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد