قرآنيات

تفسير سورة العصر (2)


الشهيد مرتضى مطهري ..

أما وقد عرفنا أن الإنسان ليس كائناً كامل الصنع، وأن هذا هو أساس خسرانه، فإننا لا بد أن نعرف أيضًا أنه إذا أراد إتقان صنعه لأمكنه ذلك بأمرين اثنين: الأول نظري والآخر عملي، الأول من نوع المعرفة، والثاني من الإيمان، الإيمان بالله، بالأنبياء، وبالملائكة، وبالرسل، والكتب، الإيمان باليوم الآخر، وبالإمام القائد. وهذه كلها من أصول الدين. فأولاً معرفة هذه الأمور والاعتقاد بها، وإدراكها، وثانياً العمل، ﴿إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ (العصر/2) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (العصر/3)﴾.
 أذن فما هو العمل الصالح، وأي تعبير هذا؟ إن للفقهاء وعلماء الأصول مصطلحات، منها: العناوين الأولية والعناوين الثانوية، أي ما يذكرونه أحيانًا بعنوانه الأصلي، مثلًا الصلاة، وهو العنوان الذي يطلق على هذا العمل، أو الإحسان إلى الناس، وهو اسم لهذا العمل، ونقول الزكاة اسمًا لهذا العمل، او الإحسان إلى الناس، وهو اسم لهذا العمل، ونقول الزكاة اسمًا لهذا العمل، وهكذا الصوم، والجهاد، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والإنفاق والصدق، والصداقة الخ.. ولكن الأعمال، كما تعلمون، تختلف باختلاف أحوال الفرد. فكيف؟ أي إن أمراً ما في لحظة ما يكون واجباً عليك، وفي لحظة أخرى يكون مستحباً، وفي لحظة ثالثة يكون المستحب نفسه مختلفًا.
مثال: لنفرض أنك مدين إلى دائن، مدين دينًا شرعيًّا لدائن شرعي يصر على تسدسد دينه، قائلًا إنه محتاج ولا بد لك من تسديد المبلغ، فتقول له: انتظر حتى أقيم الصلاة، ثم أدفع لك المبلغ. فيقول: لا أنتظر. أعطني حقي ثم صلّ. أو لنفرض أنك وقفت تهم بالصلاة. وإذا بمريض في بيتك في حالة حرجة، فماذا تفعل، فيما إذا لم يكن وقت الصلاة قد فات؟ فهل الصلاة في هذين الظرفين عمل صالح؟ تكون الصلاة عملًا صالـحًا إذا سددت دينك أولًا ثم أقمت الصلاة، أما إذا أخذت تجادله وتقول له: هل أنت أصبحت أكبر من الله؟ إن الله أكبر منك، فهل تريدني أن أؤجل دين الله وأسدد دينك؟ كلا، أريد أن أصلي أولًا. هذا خطأ، وإن صلاتك هذه ليست عملًا صالـحًا، لأن وقتها لم يكن قد فات بعد. اذهب وسدد دينك ثم صلّ.

 كذلك الأمر فيما يتعلق بالمريض. إذ عليك أن توصل المريض إلى الطبيب، ثم تقيم الصلاة. وهذا ما يطلق عليه اسم العنوان الثانوي، وهو يتغير بتغير أحوال الأفراد، أو بتغير الظروف الاجتماعية. إنني الآن قد اتخذت طريقي، سواء أكنت على صواب أم على خطأ، وسواء إذا وبخت أم لا، المقصود هو أنني سواء إذا كنت سليمًا في تشخيصي أم لم أكن، على كل حال، فقد مشيت، وتعلمت هذه الكلمات المعدودة من العلوم الدينية، وأنت درست الطب، ولم يعد أمامنا كلينا، ونحن في هذه السن، مجال للعودة إلى البداية، لا بد أهتم أنا بدراسة الطب، وتدرس أنت العلوم الدينية. إن مهنة الطب مهنة ضرورية للمجتمع. ووظيفة الإرشاد الديني أيضًا وظيفة لازمة للمجتمع. ولكن ما هو واجبي اليوم؟
 واجبي هو أداء ما أستطيع أداءه جيدًا وما هو واجبك أنت؟ هو أداء ما تستطيع أن تؤدية على خير وجه. ولكن لنفرض أن أحدًا درس وتخصص في الاقتصاد، مثلًا، ولكنهم يجعلونه وزيراً للصحة، والذي درس الطب يعطونه وزارة الاقتصاد. هذا بالطبع مفيد في إرباك الأمور. إن العمل الصالح هو العمل الذي تستطيع أن تؤديه علي خير وجه، لا أن تعرفه جيدًا، بل أن تؤديه جيدًا، ولهذا يستعمل القرآن تعابيره الخاصة، مثل العمل الصالح، وهو العمل اللائق، وللياقة بالطبع مفهوم نسبي، متغير، يختلف باختلاف الأزمنة، ويختلف باختلاف الأشخاص، فلنفرض أن عددًا من الطلاب يريدون الذهاب للدرس، فيخضعونهم إلى امتحان التقدير للتعرف على ميولهم واستعداداتهم، فمنهم من يميل إلى الآداب، ومنهم من يريد الرياضيات، وآخر الطبيعيات، والعمل الصالح هو أن يسلك الطالب ذلك المسلك الذي يجد أنه أكثر استعدادًا لتقبله من غيره. فإذا قال الذي استعداده للرياضيات إنه يريد دراسة الأدب، فلا يكون هذا عملًا صالـحًا. العمل الصالح هو أن تسير على وفق استعدادك.
 وعلى ذلك فان آية ﴿وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾ تبين أن على الإنسان أن يعمل، وأن عمله يجب أن يكون مناسبًا، أي يجب أن يزن الظروف التي يعيش فيها، فيختار العمل الذي يكون أصلح للناس والمجتمع، وعليه، فإن ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾ تبين مسألة العمل، وفي الوقت نفسه تبين الواجب الملقى على عاتق الإنسان. أي أن المؤمنين عمال ويعرفون الواجب أيضًا، فهم يدركون واجبهم وما يجب عليهم أن يعملوا في الظروف الآنية التي هم فيها، وكيف يجب أن يعملوا.

هكذا يكون الموضوع قد استبان، وهو: يا أيها الإنسان ليس خسرانك أن يصيبك ضرر من الخارج، فهذا يصيبك ويصيب غيرك من الكائنات، ولكن خسرانك يأتي قبل ذلك. إن خسرانك اليوم يكون فيما إذا لم تصطنع نفسك حسبما يقتضيك الإيمان والعمل، ولم تجعل من نفسك إنسانًا واقعيًّا. فهل ينتهي الأمر عند هذا؟ كلا، ثمنه شيء آخر، وهو: ﴿وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ﴾ هنا يقول القرآن: أيها الإنسان إنك لست كائنًا فرديًّا، بل أنت كائن اجتماعي، فلا تظنن أنك قادر على حمل أثقالك بمفردك، أي أنك لن تستطيع أداء عملك الصالح وحدك. فإذا لم تكن الظروف الاجتماعية مؤاتيه، فإنه لا يقول: يستحيل القيام بعمل. صحيح أن العمل لن يكون سهلًا وأن تعب المرء قد يصبح أضعافًا مضاعفة، ولكنه لن يكون مستحيلًا، كأن يحاول المرء أن يسبح بعكس تيار الماء. فإذا كان ماهراً في السباحة، فإنه يستطيع السباحة، ولكن ما مقدار هذه الاستطاعة؟ فقد يسبح عشرة أمتار، أو عشرين، أو مئة أو ألف متر! ثم تتقطع به الأنفاس، ويتعب.

كلا، فلنتعاون مع الآخرين، ﴿قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُم بِوَاحِدَةٍ أَن تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُم مِّن جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَّكُم بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ (سبأ/46)﴾ أي إنني أنصحكم في جملة واحدة. قوموا في سبيل الله، اثنين اثنين، أو فردًا فردًا. أي إذا لم يعثر الإنسان على الثاني، فلا ييأس ويظن أن القيام لم يعد ممكنًا. والقضية لا تقتصر على الاثنين فقط. كلا ابحث عن أفراد آخرين، وكونوا اثنين، أو ثلاثة، فإن لم يمكن فقم بالأمر منفردًا.
 ﴿وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ﴾ وتواصوا من الوصية، والوصية في اللغة تعني العهد والإيصاء، وتكون في حياة الرجل أو بعد مماته، فهي الوصية، أمير المؤمنين كثيرًا ما يردد في نهج البلاغة "أوصيكم عباد الله..." أي أعهد إليكم أيها الناس، وأنصحكم، ولا يعني أنكم أوصيائي من بعدي، و﴿وَتَوَاصَوْا﴾ من أفعال المشاركة، من باب تفاعل، أي أن يقوم بالفعل طرفان يتبادلان الفعل. ففي العربية إذا قلنا (ضرب)، يكون هناك شخص ضارب، وشخص آخر (أو شيء آخر) مضروب. لكن بقولنا تضارب الرجلان، نعني إن كلا من الرجلين كان ضاربًا ومضروبًا، أي أن إحداهما ضرب الآخر وبالعكس.
 و﴿َتَوَاصَوْا﴾ تعني التوصية المتقابلة. فما معنى التوصية المتقابلة؟ معناها مراقبة الناس، كأن أراقبك دائمًا وألاحظ أعمالك، وألفت نظرك كلما لا حظت منك غفلة: انتبه! وكذلك تقولها أنت لي ولغيري، وهكذا يتبادل الناس التحذير والتنبيه، إن الأفراد أشبه ما يكونون بالجنود الذين يحاربون في ساحة واحدة؟ فيحسون لو أن أحدًا من الأعداء انسلّ إلى صفوفهم، لأنزلوا به ضربة قاصمة.
 إذن ﴿وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ﴾ تقول: أيها الإنسان إنك في خسران ما لم تبن نفسك بالإيمان وبالعمل، لا منفردًا، بل عليك أن تسعى لبناء الآخرين معك، ويكون كل منكم عونًا للآخر، ﴿وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ﴾ تعني أن المؤمنين يملك أحدهم الآخر، ليس للمنفعة المادية، بل كل منهم ظهير للآخر في سبيل الحق، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (آل عمران/200)﴾ يا اهل الإيمان، جاهدوا وقاوموا،﴿..وَصَابِرُواْ..﴾ من باب المفاعلة، أي فليكن لكم صبر متقابل، أي عليك أن تحمل صاحبك على الصبر، ويحملك صاحبك عليه، أو أن صبرك ينعكس فيه، وصبره فيك. ولعل هذا هو المقصود من ﴿تَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾ فأنت تحمله على الصبر بقولك وفعلك، وهو كذلك يفعل.

﴿.. وَرَابِطُواْ..﴾ حسبما جاء في تفسير الميزان، يعني التواصل بالحق، أي: أيها المؤمنين فلتكن الروابط فيما بينكم متينة مستحكمة، لقد ظهر في هذا الزمان شيء اسمه الحزب، فما معنى الحزب؟ معناه انعقاد عهد مدرك بين الأفراد، ومعونة بعضهم بعضًا، وتقسيم الواجبات فيما بينهم. والكلمة من لغة القرآن، ﴿.. أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (المجادلة/22)﴾ لقد ورد في القرآن اسم حزب الله في قبال حزب الشيطان، بالمعنى الواقعي ذاته، أي إبرام العهود، الارتباطات التي نعقدها مع بعض، والمسؤليات التي نقسمها فيما بيننا، حتى لا يكون العقد الذي يعقده بضعه جواسيس ممن يتزيّون بلباس الدين أقوى آصرة بحيث أنهم يدركون أنه لو وجد أحدهم في أقصى قرية من آذربايجان وكانت به حاجة إلى شيء في طهران لأوصلوها إليه، بينما لا نكون على علم بما يجري من حولنا، ولا نعلم شيئًا عن أحوال جيراننا. هذا يخالف دستور القرآن الذي يقول ﴿.. وَرَابِطُواْ..﴾.
 إن هذه المعاني وضعت في هذه السورة، مثل القسم بالعصر، العصر الذي يمكن أن يكون ولودًا لعصور أخرى، العصر المشعشع الذي يلد عصورًا مماثلة، ويصل إشعاعه إلى أزمنة أخرى، بحيث إن جلستنا هذه التي نتذاكر فيها تكون من بركات ذلك العصر ﴿وَالْعَصْرِ﴾ قسم بذاك العصر المشعشع المليء بالبركات، عصر رسول الله.

إن الإنسان ما دام لم يصنع نفسه بالإيمان والعمل الصالح، فإنه في خسران. ومن هنا يكون اختلاف الإنسان عن المخلوقات الأخرى، وهذا موضوع له ذيول كثيرة، كيف يُصنع الإنسان؟ أبالعمل وحده، أم بالإيمان وحده، أم بهما كليهما؟ هل العمل مفهوم مطلق، وهل هو نفسه في كل مكان؟ أم أنه يتبدل لحظة بلحظة؟ إن له قبل خمس دقائق صورة، وبعد خمس دقائق له صورة أخرى.
ههنا رجل يقع في حوض ويكاد يغرق، فهنا تحرم عليّ الصلاة. علي أن أنقذه فورًا. على الإنسان إذن أن يعرف واجبه، وأن يعرف ما هو العمل الصالح. يجب أن يميز بين المهم والأهم من الأمور. نعم، عليه أن يدرك أن الإنسان ليس فردًا منفردًا، بل كائن اجتماعي، ﴿وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾ عليه أن يعرف أنه لكي يثابر ويستمر، لا بد له من الصبر، ولا بد له من المقاومة، ولا بد له من أن يتحمل الكثير حتى تناله نصرة الله.
 إنني أوصيكم بالحق دائما أرشدكم، وأنتم كذلك، إنه لمن الخطأ أن ننظر إلى الوعظ على أنه مجرد مهنة من المهن. ولا أعني بهذا أن الحاجة منتفية لها. إنما نحن نريد من ينصحنا ويرشدنا. وهذا لا يتطلب حتمًا أن يكون هذا الشخص قضى سنوات يدرس العربية، معمما يصعد المنبر، ثم يقول: أعوذ بالله من ا لشيطان الرجيم، ثم يبدأ بالوعظ والإرشاد! ليس الأمر هكذا. علينا جميعًا أن نكون وعاظًا ﴿وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾ وليرشد بعضكم بعضا إلى الحق.

الموضوع الآخر هو صعوبة المسألة وإدامتها، ففي الآية الأولى من سورة الملك المباركة نقرأ: ﴿تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (الملك/1) الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ (الملك/2)﴾ يشرح أئمتنا هذه النقطة في القرآن قائلين: انظروا، لم يقل الله (أكثر عملًا) بل قال ﴿أَحْسَنُ عَمَلًا﴾. أي أن القرآن يعني بالكيف لا بالكم، فالكيفية بالدرجة الأولى. وهنا يضيف أئمتنا قائلين: البقاء على العمل أصعب من العمل. أي أن إدامة العمل أصعب من العمل نفسه، وذلك لأن المرء قد تنتابه رغبة مفاجئة، ويتشوق للقيام بعمل صالح، وتكون هذه الحالة عابرة، سرعان ما تخبو.
 لقد طرق سمعي قبل فترة أن شخصًا بعيدًا عن خط الإسلام قد التقى رجلًا صالـحًا، فاستطاع هذا أن يعود بالرجل إلى طريق الصلاح، وقد سمعنا أيضًا أن هذا قد تقدم حثيثًا في طريق الخير بحيث أننا رحنا نغبطه. ولكننا ما لبثنا حتى سمعنا بأنه قد رجع القهقهري رجوعًا عجيبًا، حتى أنني لم أصدق قولهم أنه قد ترك الصلاة.
علينا أن ينبنه بعضنا بعضًا إلى عشرات الطريق. إننا نحتاج إلى الصبر، وإلى المقاومة. يقول القرآن إن المؤمنين السعداء لا يفتأون يتواصون: أخي، احذر أن ينفذ صبرك، وأن ينتابك الملل، عليك بالمثابرة، فما زالت في الطريق عثرات كثيرة.

 ﴿وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾ فبالإضافة إلى التوصية بالحق، يوصي القرآن بالصبر على الشدائد: البقاء على العمل أصعب من العمل، قد يخدع الشيطان الإنسان، يخدع نفسه الأمارة، فيثق المرء بنفسه، ويستبعد نكوصه، مع أن أناسًا أرفع منا قد انخدعوا بذلك، وضلوا السبيل. وعليه فإن الإيمان والعمل الصالح، كما يقول المفسرون، يتضمنان التواصي بالحق والتواصي بالصبر، لأنهما جزء من العمل الصالح، ولكن القرآن ينص تخصيصًا، قائلًا: أيها الإنسان، إنك كائن اجتماعي، فلا تظنن أنك قادر على أن تنهض بحملك وحدك، أو أن تعبر البحر بمفردك، بل عليك أن تضع يدك بيد الآخرين لتنجو، عليك أن تتعاون وأن تتحرك مع غيرك، ولا تنس أن الاستمرار في العمل أصعب من البدء به.
 إن كلمات أمير المؤمنين عليه السلام عجيبة. يظن المرء، وهو يحارب تحت لواء النبي، أنه منتصر دون ريب، ولكننا إذا لم نمر بالاختبار فردًا فردًا، وإذا لم نصبرن وإذا لم تبرز إرادتنا وقدرتنا على ضبط النفس، فإن الله لا يسبغ علينا نصره، ثم يصف الإمام كيف كانوا يناجزون المشركين، وكيف أنهم كانوا ثابتين ويقاومون مرة لنا ومرة لعدونا، فلما رأى الله منا الصبر أنزل علينا النصر نقرأ في سورة السجدة: ﴿وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ (السجدة/24)﴾.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد