علمٌ وفكر

التشبث بالخيار الخطأ


المترجم : أبو طه/ عدنان أحمد الحاجي

 سلوك الأشخاص الذين يتشبثون بخيار ما، حتى عندما يكون من الواضح أن خياراً بديلاً سيكون الخيار الأفضل، هذه الظاهرة كانت محيرة لأخصائيي علم النفس والاقتصاديين. على سبيل المثال،  الناس تستمر في الانتظار في صف المحاسبة البطيء في السوبرماركات، أو يتشبثون بعلاقة غير سليمة، أو يرفضون التخلي عن مشروع مكلف لا فائدة منه - لأن جميع هؤلاء الأشخاص قد استثمروا بالفعل في الوقت أو الجهد أو المال. هذه الظاهرة المعرفية المعروفة والتي تسمى "مغالطة التكلفة الغارقة" تعتبر منذ فترة طويلة مشكلة فريدة بالنسبة للبشر. اكتشف بحث جديد أن البشر ليسوا النوع الوحيد الذي يتشارك في هذه العيوب غير المنطقية اقتصاديًا.
بحث جديد من جامعة مينيسوتا نشر في مجلة ساينس Science  اكتشف أن الفئران والجرذان والبشر جميعها تركتب مغالطة التكلفة الغارقة.
يقول برايان سويس Brian Sweis، المؤلف الرئيسي للورقة، وهو طالب دكتوراه  في جامعة مينيسوتا: "كان مفتاح هذا البحث هو أن جميع الأنواع الثلاثة تعلمت لعب اللعبة الاقتصادية نفسها". قضت الفئران والجرذان وقتًا من فترة محدودة (ميزانية وقت)  للبحث عن أجزاء الطعام ذي النكهة، في حين قضى الناس أيضًا وقتاً من ميزانية وقت محدودة باحثين  عما يسعى  إليه  الناس  في هذه الأيام -  مقاطع فيديو مسلية على الانترنت.
ركضت الجرذان والفئران حول متاهة (طريق متعرج وملتوي) تحتوي على أربعة مواقع توصيل الطعام ("مطاعم"). عند الدخول إلى كل مطعم، تم إطلاع الحيوانات على المدة التي سينتظرونها قبل أن يصل الطعام بنغمة صوتية. كان لديها ساعة واحدة لجمع الطعام، وبالتالي كان كل دخول يعني أن عليها الإجابة على سؤال مثل: "هل أنا على استعداد للإنتظار ٢٠ ثانية من ميزانية وقتي  الخاص في انتظار الطعام الذي بنكهة الكرز؟" مع تأخير يستمر ما بين  ثانية إلى ٣٠ ثانية.
وبالمثل، رأى ناس سلسلة من  غالريات galleries الفيديو على الويب وتم إبلاغهم بالتأخير على شريط تنزيل الفيديو. هذا يعني أن على المشاركين  الإجابة عن سؤال مماثل: "هل أنا على استعداد أن اقضي  ٢٠ ثانية من ميزانية وقتي في انتظار  مقطع الفيديو هذا؟" وبهذه الطريقة، كشفت كل عينة اختبار (مشارك)  من كل نوع عن تفضيلاتها الشخصية لنكهات الطعام الفردية  أو غالريات الفيديو. .
في هذه المهمة، يتطلب كل دخول قرارين، القرار الأول عندما تم الكشف عن التأخير، ولكن لم يتم العد التنازلي، ومن ثم  القرار الثاني إذا تم قبول العرض عندما يكون بإمكان المتطوعين في التجربة الترك وتغيير رأيهم أثناء العد التنازلي. من اللافت للنظر، أن الباحثين وجدوا أن جميع الأنواع الثلاثة أصبحت أكثر ترددًا في الترك كلما طالت مدة انتظارها - مما يبين وجود مغالطة التكلفة الغارقة
ومما يدعو إلى الدهشة أن المشاركين في التجربة ترددوا قبل قبول أو رفض العروض أثناء القرار الأولي قبل العد التنازلي. يقول سويس: "يبدو الأمر كما لو كانوا يعلمون أنهم لا يريدون أن يكونوا في طابور حتى يصبحوا متأكدين". والأمر الأكثر إثارة للدهشة هو أن لا الفئران ولا الجرذان ولا البشر أخذوا في الحسبان التكاليف الغارقة التي أنفقوها أثناء التأمل. وهذا يشير إلى أن عملية التأمل وعملية تغيير الرأي بعد الالتزام الأولي تعتمد على عوامل اقتصادية مختلفة، وأن هذه العوامل محفوظة في كل الأنواع.

المصدر الرئيسي
https://www.med.umn.edu/news-events/sticking-wrong-choice

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد