مقالات

الحجّ سفرٌ إلى الله تعالى


الإمام الخميني "قدس سره"

الحجّ هو هذا المنبر الكبير الّذي يطلّ من أعلى شرفة للإنسانيّة ليصدع بصوت المظلومين وبنداء التّوحيد وليسمعه العالم كلّه، وهو منطلق دعوة لإيجاد وبناء مجتمعٍ مطهّر من كافّة الرّذائل المادّيّة والمعنويّة.

إنّما أُسّس البيت الحرام للقيام والنهضة، قيام النّاس وللنّاس، لذا وجب أن يكون الاجتماع فيه من أجل الهدف، فلنحطّم الأصنام في مكّة المكرّمة، ولنرجم الشياطين في العقبات، وعلى رأسهم الشيطان الأكبر، حتّى نؤدّي بذلك حجّ خليل الله، وحجّ حبيب الله، وحجّ وليّ الله المهديّ العزيز.  

توجّهوا إلى المشعر الحرام وعرفات بحالٍ من الشعور والعرفان، وزيدوا في كلّ موقف من اطمئنان قلوبكم بالوعد الإلهيّ وحكومة المستضعفين، وتفكّروا في آيات الله بصمتٍ وسكون. وليكن سعيكم بين الصفا والمروة سعي صدق وصفاء بحثاً عن المحبوب، فبالعثور عليه تتقطّع كلّ الصلات بالدنيا، ويختفي كلّ شكّ وريب، ويزول كلّ خوف ورجاء حيوانيّ.

توجّهوا إلى منى، احصلوا على آمالكم الحقّة هناك، وهي التضحية بأحبِّ الأشياء في سبيل المحبوب المطلق، واعلموا أنّكم ما لم تتخلّوا عمّا تحبّون وأساسه حبّ النفس الذي يتبعه حبّ الدنيا، فإنّكم لن تصلوا إلى المحبوب المطلق، وليكن سعيكم بين الصفا والمروة سعيَ صدقٍ وصفاء بحثاً عن المحبوب، فبالعثور عليه تنقطع كلّ الصّلات بالدنيا، ويختفي كلّ شكٍّ وريب، ويزول كلّ خوفٍ وقلق.  

الحجّ تنظيم وتمرين وخَلق تجانس لهذه الحياة التوحيديّة، وهو ميدان ومرآة لتقييم مدى استعداد المسلمين وقُدُراتهم الماديّة والمعنويّة، فالسفر إلى الحجّ ليس سفر كسب وتجارة لتحصيل الدنيا، بل هو سفرٌ إلى الله تعالى.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد