علمٌ وفكر

الحدّ الفاصل بين التوحيد والشرك

الشهيد مرتضى مطهري

 

إنّ الحدّ الفاصل بين التوحيد والشرك في رابطة الله بالإنسان والكون هو {إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} أو "منه" و "إليه".

 

ففي "التوحيد النظري" يكون الفاصل بين التوحيد والشرك هو {إِنَّا لِلَّهِ}: أي كلّ حقيقة وموجود ما دمنا نُعَرّفها على أنّها في ذاتها وصفاتها وخصالها وهويتها "مِنَ الله"، فقد عرفناها معرفة متطابقة مع الواقع ومنسجمة مع النظرة التوحيديّة سواء أكان لها أثر واحد أم آثار متعددة أم لم يكن لها أثر.

وسواء أكانت لها جوانب غير طبيعية أم لم تكن، لأنّ الله ليس ما وراء الطبيعة ورب السماء وربّ الملكوت والجبروت فحسب، وإنّما هو ربّ العالم كلّه، وهو قريب إلى الطبيعة وقيّم عليها بنفس المقدار الذي هو قريبٌ وقيّمٌ على ما وراء الطبيعة...

 

إذن فالحدّ الفاصل بين "التوحيد النظري" و "الشرك النظري" هو: "أنّ الأمر منه"، والاعتقاد بأنّ هناك موجوداً ليس وجوده "منه"، إنّما هو شركٌ لا محالة، والاعتقاد بتأثير موجود بحيث لا يكون هذا التأثير "منه" أيضاً شركٌ محقق، سواء أكان هذا الأثر يفوق الأعمال الطبيعية كخلق السماوات والأرضين أو كان أثراً ضئيلاً لا أهمية له مثل قلب ورقة من وجه إلى وجه آخر.

 

أمّا الحدّ الفاصل بين الشرك والتوحيد العملي فهو: {وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ}، فالاتجاه إلى أيّ موجود معنوي أو ظاهري هو اتجاه إليه بشكلِ طريقٍ يؤدي إلى الحقّ وليس بشكل هدف، فالاتجاه إذن إلى الله.

 

وفي كلّ حركة وكلّ مسير يكون فيه الاتّجاه إلى الطريق بصفة كونه طريقاً، وتصبح العلامات كلّها دالة على الهدف لئلا يضيع الإنسان أو يبتعد عنه، والاتجاه إلى هذه العلامات بصفة كونها علامات "للهدف" و "للحركة نحو الهدف" والأنبياء والأولياء هم الطرق المؤدية إلى الله "أنتم السبيل الأعظم والصراط الأقوم" "وَأَعْلامَاً لِعِبَادِهِ، وَمَنَاراً فِي بِلادِهِ، وَأَدِلاَّءَ عَلى صِرَاطِهِ"...

فالتوسّل بالأولياء وزيارتهم وانتظار أعمال غير طبيعية منهم ليس شركاً، وليس في هذا شك...

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد