مقالات

معاجزهم الكلاميّة وسرّ عظمة أدعيتهم (ع)

الشّيخ حسن زاده آملي 

إنّ الرّوايات هي المرتبة النّازلة للقرآن، كما أنّ القرآن هو المرتبة الصّاعدة للرّوايات، وروحها.

والرّوايات بطون الآيات القرآنيّة، وأسرارها الصّادرة عن أهل بيت العصمة والوحي المرزوقين بـ "العلم اللّدني".

ولا يخفى أنّ مثل هذه المعاجز الكلاميّة لم تُرْوَ عن أحدٍ من الصّحابة والعلماء -بعد القرآن الكريم وأحاديث الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم)- سوى عن الأئمّة المعصومين الاثني عشر (عليهم السلام).

ومن يقول بخلاف ذلك فليُطْلعنا على نموذج منها.

وإذا كان هناك من يعرف عدلًا لأقوال وكلمات آل طه (من "نهج البلاغة" حتى "توقيعات الحجة (عج)") فليخبرنا بها، أمّا نحن فمهما طال بحثنا لم نعثر على شيء.

ثم إنّ الحديث ليس مجرّد صياغة عبارات مقفّاة وكلمات مسجوعة فحسب، بل الحديث عن الفصاحة والبلاغة في الكلام.. عن البيان المليء بالحقائق بأفضل التّعابير العربيّة المتينة، وصبّ أفضل المعاني في أجمل وأبلغ قوالب العبارة واللّفظ، مـمّا يعجز عن فهمه نوابغ الدّهر وأساطين كلّ فنّ، ويمدّون أيديهم بالتّضرّع والابتهال إلى عالم الملكوت ليمنحهم فهم وإدراك تلك الأقوال والأحاديث.

فالأدعية المأثورة كلّ منها مقام من المقامات الإنشائيّة والعلميّة والعرفانيّة لأئمّتنا (عليهم السلام).

إنّ اللّطائف الشّوقيّة والعرفانية والمقامات الذوقيّة والشّهوديّة الّتي تختزنها الأدعية لا توجد في الرّوايات، وذلك لأنّ المخاطب في الرّوايات هم النّاس، وأنّ الأئمّة يتحدثون معهم بما يناسب عقولهم وأفهامهم، لا كلّ ما يقال، كما في "البحار" عن "المحاسن" عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) أنّه قال: "إنّا معاشر الأنبياء نكلّم الناس على قدر عقولهم".

أمّا في أدعيتهم ومناجاتهم (عليهم السلام) فكانوا بين يدي الجمال والجلال المطلق، والمحبوب والمعشوق الحقيقي، فتفوّهوا بكلّ ما في أعماق دار السرّ ومنزل الحبّ وبيت الأدب، وأظهروه على ألسنتهم.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد