السيد منير الخباز
المحور الثاني: أقسام الغيب.
الآية التي افتتحنا بها قوله عز وجل: ﴿عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا * إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا﴾، العالم يقسّمه القرآن إلى غيب وشهادة، قال تبارك وتعالى: ﴿عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ﴾، كل ما يناله الحس فهو شهادة، كل شيء نشعر به بإحدى الحواس الخمس فهو شهادة، وكل ما لا يناله الحس فهو غيب. حتى نفهم هذا التقسيم نذكر أمرين:
الأمر الأول: هذا التقسيم بالنسبة إلى من؟ بالنسبة إلى الله أم بالنسبة إلينا؟ بالنسبة إلينا، لأن الله لا يوجد غيب بالنسبة إليه، كل مخلوقاته بالنسبة إليه شهادة وليست غيبًا، هذا التقسيم تقسيمٌ بلحاظ الإنسان، الإنسان تخفى عليه أمور فتكون غيبًا وتتضح له أمور فتكون شهادة، أما الله لا يخفى عليه شيء حتى يكون العالم بالنسبة إليه غيبًا وشهادة، فالتقسيم لغيب وشهادة تقسيمٌ بلحاظ الإنسان، بالنسبة للإنسان، لا بالنسبة إلى الله تبارك وتعالى.
الأمر الثاني: عندنا عالم غيب، عندنا عالم شهادة، عالم الغيب أيضًا ينقسم إلى قسمين: غيب نسبي وغيب مطلق، الغيب النسبي مثل ماذا؟ القرآن الكريم عندما يتحدث عن التاريخ يعتبره من الغيب، مع أنّ التاريخ من عالم المادة لكنه يعتبره من الغيب، هذا غيب نسبي، القرآن الكريم يقول: ﴿يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ * ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ﴾، اعتبر قصة مريم غيبًا، مع أنها ليست غيبًا، لكن هذه التسمية تسمية نسبية، عالم التاريخ الماضي غيب لكنه غيب نسبي، من يطلع عليه فليس بغيب بالنسبة إليه، من لم يطلع عليه يعتبر غيبًا بالنسبة إليه.
نأتي إلى الغيب المطلق: الغيب المطلق هو عالم الملكوت، كيف؟ ذكرنا أنَّ العالم ينقسم إلى قسمين: عالم الملك، وهو عالم المادة الذي نعيش فيه، الذي قال عنه القرآن: ﴿تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾، عالم الملك مقيَّد بقيدين: زمان ومكان، عالم الزمكان يسمّى عالم الملك، عالم المادة، هنالك عالم آخر متحرّر من الزمكان، لا يحدّه زمن ولا يحدّه مكان، متحرّر من الزمكان، ذلك العالم يسمّى عالم الملكوت، ﴿فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾، ذلك العالم - عالم الملكوت، عالم الغيب المطلق - ما هي خصائصه؟
عندما نقرأ قوله تعالى: ﴿وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ﴾، هذه هي خصوصية عالم الملكوت، عالم الغيب المطلق، أنه عالم الخزانة، أنت كل في خزانة، ثم نزلت إلى عالم المادة، كل شيء هكذا، ﴿وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ﴾ في عالم المادة ﴿إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ﴾، كل شيء، كل واحد منا كان موجودًا في عالم الملكوت، لكن وجودًا مبهمًا، يعني وجود لا يحدّه زمن ولا يحدّه مكان، متحرر من الزمان والمكان، ثم نزلنا إلى عالم المادة عبر نطف آبائنا، نزلنا محدودين بحدّين: زمن ومكان، ﴿وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ﴾، عالم الخزائن - عالم الملكوت - يقول عنه القرآن الكريم: ﴿أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ﴾، عالم الخزائن لا يسيطر عليه إلا الله تبارك وتعالى. هذا العالم - عالم الخزائن، عالم الملكوت - الذي يعبِّر عنه القرآن بقوله: ﴿وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ﴾، مفاتح جمع مفتَح وليست جمع مفتاح، مفتاح جمعها مفاتيح، مفاتح جمع مفتَح، مفتح يعني خزانة، ﴿وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ﴾ يعني خزائن الغيب ﴿لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ﴾، هذا نسمّيه عالم الغيب المطلق، عالم الملكوت، وعالم الغيب النسبي فسّرناه، هو التاريخ الذي يخفى علينا، هذا نسمّيه الغيب النسبي.
الشيخ محمد جواد مغنية
محمود حيدر
الشيخ محمد مصباح يزدي
السيد عباس نور الدين
عدنان الحاجي
السيد عبد الأعلى السبزواري
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
الشيخ علي رضا بناهيان
الفيض الكاشاني
السيد محمد حسين الطبطبائي
الشيخ علي الجشي
حسين حسن آل جامع
ناجي حرابة
جاسم بن محمد بن عساكر
أحمد الماجد
عبد الوهّاب أبو زيد
فريد عبد الله النمر
عبدالله طاهر المعيبد
ياسر آل غريب
زهراء الشوكان
إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا
ماهية الميتايزيقا البَعدية وهويتها*
الرؤية القرآنية عن الحرب في ضوء النظام التكويني (1)
انتظار المخلّص بين الحقيقة والخرافة
تلازم بين المشروبات المحلّاة صناعيًّا أو بالسّكّر وبين خطر الإصابة بمرض الكلى المزمن
أسرار الحبّ للشّومري في برّ سنابس
الميثاق الأخلاقي للأسرة، محاضرة لآل إبراهيم في مجلس الزّهراء الثّقافيّ
الشيخ عبد الكريم الحبيل: القلب السليم في القرآن الكريم (9)
البسملة
لماذا لا يقبل الله الأعمال إلا بالولاية؟