علمٌ وفكر

معلومات الكاتب :

الاسم :
الشهيد مرتضى مطهري
عن الكاتب :
مرتضى مطهّري (1919 - 1979) عالم دين وفيلسوف إسلامي ومفكر وكاتب شيعي إيراني، هوأحد أبرز تلامذة المفسر والفيلسوف الإسلامي محمد حسين الطباطبائي و روح الله الخميني، في 1 مايو عام 1979، بعد أقل من ثلاثة أشهر على انتصار الثورة الإسلامية، اغتيل مرتضى مطهري في طهران إثر إصابته بطلق ناري.

النفس الإنسانية (4)

وقفة مع «سارتر»

يرى «سارتر» أنّ للإنسان «نفساً» حقيقيّةً وأخرى «مجازيّة»، لكنّ «النفس الحقيقيّة» ليس لها تعيُّن ولا طبيعة محدّدة، بل هي «وجود» صرف ومطلق، وهذا هو «جوهر» الإنسان و«نفسه الحقيقيّة». فإذا ما حصَّل الإنسان لنفسه تشخُّصاً وتعيُّناً، يكون قد فَقَدَ تلك «النفس الحقيقيّة» الّتي كانت له من قبل. وهذا الكلام وإن لم يكن متيناً، إلّا أنّه قابل للتوضيح، وهذا ما سنفعله إن شاء الله تعالى.

 

وقفة مع «الماركسيّة»

أمّا الماركسيّون، فهم أيضاً لم يجدوا محيصاً إلّا أن يُقِرّوا بوجود نفسَين للإنسان، إلّا أنّهم نحوا منحًى اقتصاديّاً في تفسيرهم لذلك. فقد ادَّعوا بأنّ «النفس الخاصّة الفرديّة» هي ذاتها «النفس الخيّرة». ويدَّعون أيضاً، بأنَّ البشر في العهود القديمة لم تَدُر على ألسنتهم الضمائر الفرديّة (أنا وأنت)؛ لعدم وجود مفهوم «الـمُلْكيّة» في أذهانهم، فكانت كلُّ «الأنفُس» آنذاك «نفساً» واحدةً، تماماً كأفراد العائلة الواحدة الّذين يُشكّلون «نفساً» واحدةً، وهي ما نسمّيها «النفس العائليّة». فـ«الـمُلْكيّة الفرديّة» هي الّتي فتّتت «النفس الواحدة» الكبيرة، وحوَّلتها إلى «أنفُس» صغيرة متنافسة ومتطاحنة، وإلّا فالبشر قديماً كانوا كتلةً واحدةً، كالماء في البحر، لكنّ التملّك الفرديّ جعلهم قطرات متناثرة. يقول «مولوي»، وهو يريد معنًى عرفانيّاً:

كنّا جوهراً ذا حقيقة واحدة

منبسطة، لا رأس لنا ولا قدم

كنّا جوهراً نورانيّاً كالشمس،

وكنّا في النقاء والصفاء كالماء الزلال

بناءً على هذه الدعوى، فلكي نقضي على الأخلاق الفاسدة، لا بدّ -أوّلاً- من محاربة «الـمُلْكيّة الفرديّة» وإلغائها، وإحلال «الـمُلْكيّة العامّة» محلّها، ومن ثّم يرتفع التنافس، ويعود البشر إلى الطريقة المثلى.

 

النقد

إنّ ما ذكروه من الكلام هو أشبه بالشعر؛ إذ كيف يمكن القول بأنّ ما يفصل «النفوس» عن بعضها ويفتّتها هو «الـمُلْكيّة الفرديّة» فحسب؟ وهل مواهب الإنسان مقصورة على تلك الناشئة من المال والثروة؟ كلّا، بل توجد مواهب أخرى معنويّة، وحتّى أفراد العائلة الواحدة لن يتنازلوا عن حيثيّاتهم الخاصّة، وإن كانوا ينهجون مبدأ الـمُلْكيّة العامّة؛ لأنّه توجد لهم أمور أخرى تهمّهم -مثل: المكانة الاجتماعيّة والجاه وإثبات الوجود ونحو ذلك- تدعوهم إلى التمسّك بالاستقلاليّة والتميّز. ثمّ إنّ هذه «الاشتراكيّة» المدَّعاة، هل هي مطبَّقةٌ فعلاً، بحيث تُقسَم الثروات بالقسط والعدل؟ كلّا، وإنّهم يقولون ما لا يفعلون. ولو سلَّمنا بما يقولون، فما هو حال المناصب والجاه والمكانة والسلطة؟ هل يشملها قانون «الاشتراكيّة»؟ هل يمتلك عامل مصنع الصلب المسكين، الّذي لا يُعطَى من الخبز إلّا ما يسدّ رمقه، القدرة والسلطة ذاتها الّتي يتمتّع بها «بريجنيف» مثلاً؟ أوَليست القدرة أمراً يهمّ الإنسان ويبذُل بإزائها الأموال الطائلة؟ وكذا «المرأة»، فهل تكون مُلْكاً مشاعاً؟ إنّهم يريدون ذلك، لكنّهم رأوا عدم إمكان تحقُّقه عمليّاً.

هكذا الحال لآلاف المواهب والنزعات الأخرى الّتي تشغل بال الإنسان، والّتي أُغمِض النظر عنها. وهذه المواهب والمزايا غير قابلة للاشتراك أو الشيوع؛ فالفداء والتضحية بالنفس في ساحات الوغى دفاعاً عن الآخرين، ومراعاة العدل والإنصاف في تعامل الإنسان ولو على نفسه، هي «أخلاق فرديّة»، ولا يمكن عدُّها «قيماً عامّة» للجميع.

ملخّص القول: إنّ إحساس «النفس» بكرامتها وشرفها وقدرتها، هو الأصل الأصيل للقيم والـمُثُل العليا؛ لأنَّ هذا «الإحساس» صورة حيَّة «للنفس الواقعيّة» الربّانية، كما قال تعالى: ﴿وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي﴾. وهذا الإحساس لا يكون جزافاً، بل هو نتاج «معرفة النفس». ومن هنا، صحَّ أن يُقال: كلَّما عَرفَ الإنسانُ نفسَه أعمق، كان مِن غيرِه أكمل.

 

معرفة النفس

«معرفة النفس» واحدةٌ من أقدم توصيات حكماء العالَم، وقد ساهم الأنبياء العظام وكبار الحكماء في إبلاغها للبشر. و«معرفة النفس» وصيّةٌ محتفِظة بحيويّتها وقيمتها دائماً، بل هي تزداد أهمّيّة ورسوخاً تدريجيّاً.

«أيُّها الإنسان، اِعرِف نفسَك»، جملة معروفة للأنبياء والحكماء، ولقد بيَّن المعصومون (عليهم السلام) هذه الحقيقة في الروايات، بتعبيرات مختلفة وألفاظ متغايرة.

يقول الإمام عليّ (عليه السلام): «مَنْ عَرَفَ نَفْسَهُ، فَقَدْ عَرَفَ رَبَّه‏»، ويقول الإمام الصادق (عليه السلام): «فَإِنَّكَ قَدْ جُعِلْتَ طَبِيبَ نَفْسِكَ، وَعُرِّفْتَ آيَةَ الصِّحَّةِ، وَبُيِّنَ لَكَ الدَّاءُ، وَدُلِلْتَ عَلَى الدَّوَاء».

وإذا رجعنا إلى الماضي السحيق، فسنرى أنّه بقي من «سقراط» بعد مُضيّ 2500 سنة على زمانه، جملةٌ غاية في الأهمّيّة، وهي قوله: أيّها الإنسان، اِعرِف نفسَك؛ والمقصود من هذه الجملة أمران:

1. أنِ اعرف نفسَك؛ كي تعرف ربّك. يقول «غاندي» في هذا الصدد: توصّلتُ عبر مطالعة «آباني شادها» -أقدم كتب الهند الدينيّة العرفانيّة- إلى ثلاثة أصول رئيسة، وهي الّتي اعتمدتُها منهاجاً في الحياة:

الأوّل: أنّ في العالَم معرفة واحدة فقط، وتلك هي «معرفة النفس».

الثاني: أنّ مَن عرف نفسه، عرف الله ربَّه.

الثالث: أنّ في الدنيا كلّها قوَّة واحدة، وهي قوّة التسلّط على «النفس».

فنحن نرى هنا، سفر «آباني شادها» الموضوع قبل كذا ألف من السنين، يطرح هذه المسألة نفسها، فهي من أقدم المسائل والحِكَم الّتي ورثها البشر من أسلافهم. ومسألة «الإنسان» اليوم، وخصوصاً القرن الأخير، تحتلّ مكاناً واسعاً، وتُعَدّ من أهمّ الوسائل البشريّة المطروحة على بساط البحث والدراسة، وكيف لا تكون كذلك، وهي تعني أنّ مَن يعرف نفسَه، فسيعرف سرَّ أصل هذا العالَم، وهو الله تعالى.

2. أنِ اعرف نفسك؛ كي تعرف ما يجب عليك فعله في هذا العالَم. فأنت إن لم تعرف نفسك، فلن تعرف ما وظيفتك في هذه الدنيا، لن تعرف ما ينبغي أن تكون عليه أخلاقك وسيرتك، وكيف يجب أن تعيش في هذه الدنيا وتحيا؛ لأنَّ الأخلاق -في كونها سلسلةً من المَلَكات النفسيّة- ترجع إلى كيفيّة الحياة ونمط الكينونة.

إذاً، فالنفس البشريّة ذاتها هي منبع أهمّ مسألة في الأخلاق العمليّة ومحورها.

ونقدّم إليك في ما يأتي توضيحاً للأمر الأوّل من ذينك الأمرَين؛ أعني: كيف أنّه إذا عرف الإنسان نفسَه فقد عرف ربَّه؟

 

معرفة النفس طريق معرفة الربّ

يحسب القرآن الكريم لمسألة «معرفة النفس» حساباً خاصّاً، وهي تحظى منه بعنايةٍ منفردة؛ بمعنى أنّ القرآن المجيد يعدّ كلّ عالَم الطبيعة وعالَم الخلق آيةً ودرساً لمعرفة الله تعالى، وكلّ شؤون العالَم ونواميسه وأحداثه بسماواته وأراضيه، آيات وعلامات ودلائل على الوجود المقدّس للخالق:

﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ﴾.

هذا النمط من الآيات كثيرٌ في القرآن المجيد. لكن في الوقت الّذي يعدّ فيه القرآن العالَم كتاباً مفتوحاً للحقّ تعالى، يدلّ كلّ سطرٍ مسطورٍ فيه على المؤلِّف وعِلمِه وحِكمتِه، فهو -كما ذكرنا- يفتح لـ«نفس الإنسان» حساباً خاصّاً، فالإنسان يتضمّن من الآيات والدلائل ما هو أعظم وأجلّ ممّا للأشجار مثلاً، وحقٌّ ما قال الشاعر:

الورق الأخضر للأشجار في نظر البصير

كلّ ورقة كتاب معرفة للخلّاق القدير

إلَّا أنّ «نفس الإنسان» الّتي هي أقرب إليه من أيّ شيء، لها من الهداية والدلائل الإلهيّة ما ليس لغيرها من الموجودات. فالإنسان له جنبتان، يشترك في واحدةٍ منهما مع بقية الموجودات الطبيعيّة، وهذه الجنبة هي جسمه المادّيّ، فوظائف الأعضاء «الفسيولوجيّة» كلّها تشترك في هذه الدلالة. فكما أنّ ورق الأشجار تدلّ على الصانع، كذلك أصابع الإنسان وأظفاره، بل وكلّ شعرةٍ فيه هي ذات دلالة؛ فهو -إذاً- من هذه الجنبة، نظيرٌ ومثيلٌ للموجودات الأخرى.

أمّا الجنبة الأخرى، فهي من مختصّات «النفس الإنسانيّة»، يقول تعالى: ﴿وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِّلْمُوقِنِينَ﴾، فكلّ شيء في الأرض آية، بما في ذلك الإنسان، لكن مع ذلك، يقول تعالى: ﴿وَفِي أَنفُسِكُمْ﴾، حيث خصّ تعالى «الإنسان» بجملة خاصّة.

ويقول تعالى -أيضاً-: ﴿سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ﴾؛ أفرد تعالى الآفاق والعالَم الخارجيّ بالذكر، وأفرد «نفس الإنسان» وحَدَّها بذكرٍ خاصّ. وكيف كان، فالآيات والدلائل لا تُحصَى، ولسنا هنا في صدد ذكر الدلائل والآيات العرفانيّة الّتي تُفاض على ذلك «السالك» بعد المراقبة الدائمة، حيث تنفتح له أذنُ قلبه وعينُ قلبه، فيرى عالَم ما وراء الطبيعة بِعَينِه الباطنيّة، أو يصل -على الأقلّ- إلى مقام السيّدة مريم بنت عمران، الّتي كانت الملائكةُ تحدّثها حال العبادة، فإنّ هذه البوارق الغيبيّة إنّما تبرقُ لأناس قلائل قطعوا أشواطاً في السير والسلوك والمراقبة، وتجاوزوا الحُجب والأستار، ونحن لسنا كذلك. إذاً، فبحثنا لا يشمل مثل هؤلاء، فإنّهم ثلّة خاصّة، وإنّما نحن نبحث عمّا هو حاصل لدى الأفراد كافّة.

 

عالَم المادّة في تغيُّر وحركة مستمرّة

من ذلك هذه المسألة، وهي أنّ عالَم الطبيعة في حركة دائمة ومتواصلة. إنّه عالَم يتغيّر في كلّ لحظة، لا شيء منه يبقى على صورة واحدة لحظتَين، وهذه الحقيقة تُثبَت أكثر فأكثر بمرور الأيّام الّتي تنقل العالَم من تقدُّم إلى آخر. قد تقولون: هذه سفسطةٌ؛ لأنّنا نرى اليوم هذا «البناء» كما رأيناه في الأمس الغابر، ولم يتفاوت ما بين أمسه ويومه، فأين التحوُّل المزعوم؟ والجواب عن هذا هو:

لو كانت كلُّ التغييرات والمستجدّات محسوسةً لنا، فليس ثمّة مشكلةٌ يُختَلَف حولها. ولكن لا يمكن لحواسّنا إدراك تغيُّرات العالَم، إلّا في نطاق ضيّق وحَدٍّ معيَّن لا تتجاوزه؛ فآذاننا وعيوننا ولمساتنا لا تُدرِك إلّا ما هو بين حدَّين خاصَّين لا أكثر، وما خرج عن هذَين الحدَّين المرسومَين، صعوداً أو نزولاً، لا تدركه حواسّنا. مثلاً، لو أخبرَنا شخصٌ بوجود أصوات وأمواج صوتيّة في هذا الهواء، فهل نقول له: كلّا، أنت تقول لنا خلاف ما هو بديهيّ، فإنَّ لنا آذاناً وسمعاً، ولو كان ثمّة أصوات لسمعناها، والحال أنّنا لا نسمع شيئاً؟ لا شكّ في أنّ مثل هذا الاستدلال خاطئ جدّاً؛ لأنَّ الأمواج الصوتيّة إذا خرجت عن الحدّ المعيّن لنا، صعوداً أو نزولاً، فلن يمكننا سماعها أبداً؛ ومثال ذلك المذياع الّذي لا يلتقط البثّ البعيد، فهل يدل ذلك على عدم وجود بثٌّ أصلاً، أو على أنّ قدرة المذياع محدودة؟ وهذا هو حال الإنسان؛ فقد ذكر العلماء المختصّون أنّ جهازه السمعيّ لا يمكنه التقاط الأمواج الصوتيّة ذات التردّد الأقلّ من 16 ألف أو الأعلى من 32 ألف في الثانية، فلو زادت التردّدات على 32 ألف، فنحن لن نسمع شيئاً، وترانا نمارس أعمالنا اليوميّة بكلّ اطمئنان وهدوء، وكأنّ لا شيء حولنا. والحال أنّه قد يكون ثمّة حيوان يسمع ما لا نسمع؛ يقولون بأنّ الفأر يسمع أصواتاً ذات تردّدات عالية تصل إلى 400 ألف ذبذبة.

وليت الأمر يقتصر على حاسّة السمع فقط، بل إنّ «عَين» الإنسان لا تُبصر حركات هذا العالَم ومجرياته، إلّا في نطاق معيّن وحدّ محدّد من حيث الشدّة والضعف والسرعة والبطء، وأوضح مثال يُضرب هنا، هو حركة «الساعة»، فعيوننا لا تُدرك ولا ترى حركة عقرب الساعة، وتظنّ أنّه متوقّف عن الحركة؛ لكنّها ترى جيّداً حركة مؤشّر الثانية؛ لأنّه أسرع حركة من «عقرب» الساعة أو الدقيقة؛ فالعين لا ترى حركة مؤشّر الدقيقة، لكنّ العقل يحكم بأنّه يتحرّك؛ لأنّه في الساعة الماضية كان «العقرب» يشير إلى رقم 7، والآن نراه يشير إلى رقم 8. ومن المعلوم أنّ عيوننا لم تكن مخدَّرة أو عليها غشاوة، حيث لم ترَ القفزة الدفعيّة للعقرب، والأمر ليس ذلك يقيناً، بل توجد حركة طبيعيّة بطيئة غير ملحوظة، كما هو الحال في «الماء»، فإنّه في حركة مستمرّة.

ومَن أثبت «الحركة الجوهريّة»، يقول: إنّ ما نراه ساكناً لا حراك له في هذا الكون يشبه ماءَ النهر، حيث نتصوّر حين النظر أن لا حركة له، وأنّه ثابت، ولكنّه في الحقيقة في حركة وتغيُّر دائمَين.

والمراد من كون الشيء متحرّكاً وفي حركة، هو أنّ كلّ جزء منه ينعدم في الآن الآتي؛ أي ما كان في الآن السابق غير ما هو في الآن اللاحق ؛ أي كلُّ «آن» له جزء خاصّ به، لا مسبوق ولا ملحوق به. وهذه الحركة الدائمة للأجزاء غير قابلة للرؤية، وحركات هذا العالَم كلّها تكون على هذا المنوال، ضمن نظام دقيق ومحدّد مِن قِبَل ربّ العالَمين.

 

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد