قرآنيات

معلومات الكاتب :

الاسم :
الشيخ حسن المصطفوي
عن الكاتب :
من علماء إيران المعاصرين، ولد سنة 1336هـ وتوفي يوم الإثنين 20 جمادي الأولى 1426 هـ عن تسعين سنة، حاصل على شهادة الدكتوراه من كلية الالهيات في تبريز ( المعقول والمنقول). له مؤلفات عديدة منها: rn(التحقيق في كلمات القرآن).

معنى (جنب) في القرآن الكريم

مقا - جنب: أصلان متقاربان أحدهما الناحية والآخر البعد. فأمّا الناحية فالجناب، يقال هذا من ذلك الجناب، أي الناحية، وقعد فلان جنبة، إذا اعتزل الناس، ومن الباب الجنب للإنسان وغيره. والمجنب: الخير الكثير كأنّه إلى جنب الإنسان. وجنبت الدابّة إذا قدتها إلى جنبك، وكذلك جنبت الأسير، وسمّي الترس‌ مجنبًا لأنّه إلى جنب الإنسان. وأمّا البعد: فالجنابة. ويقال إنّ الجنب الّذي يجامع أهله مشتقّ من هذا، لأنّه يبعد عمّا يقرب منه غيره من الصلاة والمسجد وغيرها. وممّا شذّ عن الباب ريح الجنوب، يقال جنب القوم: أصابتهم ريح الجنوب، وأجنبوا: دخلوا في الجنوب.

 

صحا - الجنب معروف، تقول قعدت على جنب فلان وإلى جانب فلان، بمعنى. والجنب: الناحية. {وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ} [النساء: 36]: صاحبك في السفر. {وَالْجَارِ الْجُنُبِ} [النساء: 36]: جارك من قوم آخرين. والجانب: الناحية، وكذلك الجنبة. وجانبه وتجانبه وتجنّبه واجتنبه: كلّه بمعنى، ورجل أجنبيّ وأجنب وجنب وجانب: كلّه بمعنى، وجنبته الشي‌ء وجنّبته: بمعنى أي تجنّبته عنه، {وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الأصنام}، والجناب: الفناء وما قرب من محلّه القوم، والجمع أجنبة. ورجل جنب من الجنابة يستوفي فيه الواحد والجمع والمؤنّث والمذكّر. والجنوب: الريح الّذي يقابل الشمال.

 

التحقيق

 

أنّ الأصل الواحد في هذه المادّة: هو الميل والتنحية، بمعنى جعل الشي‌ء في جنبه وانصرافه عنه، والجنب هو ما يلي الشي‌ء من غير انفصال، أي الخارج الملاصق، كما أنّ الطرف هو منتهى الشي‌ء داخلاً فيه. وهذا المعنى غير البعد والإزالة. وقريب من مفهوم النحي والصرف والميل.

 

فالجانب هو المستقرّ في جنب شي‌ء أو ما وقع في الجنب، والجنب صفة وكذلك الجنب والجنب والجنيب بمعنى المتّصف بوقوعه في جنب شي‌ء. والأجنب صيغة تفضيل. وتفسيرها بالناحية ومن أصابته الجنابة والفناء ومن بعدت صحبته وغيرها: كلّها معاني مجازيّة، إلّا إذا كان قيد القرار في الجنب ملحوظًا فيها.

 

وهكذا سائر مشتقّاتها الاسميّة والفعليّة: فمعنى جنبه وجانبه وتجنّبه وتجانبه واجتنبه: جعله في جنبه  صرفه عن نفسه ونحّاه، مضافًا إلى ما لوحظ في الصيغ من الخصوصيّات المختصّة بكلّ منها.‌

 

والفرق بين التجنيب والتنحية: أنّ التنحية مطلق إمالة شي‌ء وصرفه عن شي‌ء، وأمّا التجنيب فهو التنحية والجعل في الجنب (أي جانبه ويعبّر عنه بالفارسيّة- كنار). {وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ} [إبراهيم: 35]. أي اجعلنا خارجين عن مسير عبادة الأصنام.

 

{وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا} [الزمر: 17]. أي جعلوا الطاغوت خارج مسيرهم ونحوها عن أنفسهم توجّهًا وعملًا. والصيغة تدلّ على صدور الفعل بالطوع و الرغبة. {وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى} [الليل : 17]. أي يجعل الأتقى خارجًا عن النار وينحّى عنها، عوضًا عن وقايته لنفسه في الدنيا. {وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى} [الأعلى : 11]. أي يجعل الأشقى الذكرى المواجهة له، في جنب مسيره وخارجًا عن محيط فكره وعمله. يقال جنّبته فتجنّب.

 

{وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ} [النساء: 36]. أي إحسانًا بالجار ذي القربى ظاهرًا وباطنًا من جهة الحسب أو النسب أو الايمان، وبالجار الواقع بجنبك وله جوار ظاهريّ فقط، وبمن يصاحبك وهو في جنبك.

 

وذكر الجنب في مقابل ذي القربى: إشارة إلى أنّ حقّ الجوار كاف في الإحسان، سواء أضيف إليه حقّ القرابة أم لا. والمراد من الجنب من كان متّصفًا بكونه خارجًا عن برنامج المحسن معنى.

 

فحقّ الجوار المطلق يقتضي الإحسان سواء كان له قربى معنويًّا أو لم يكن  سواء كان مسكينًا أم لا، كما أنّ حقّ المصاحبة المطلقة كذلك.

 

واختلاف التعبير في جملتي- {الجار الْجُنُبِ}...- {الصّٰاحِبِ بِالْجَنْبِ}: يدلّ على اختلاف المعنى المراد، فإنّ الجنب صفة للجار. أي الجار الّذي نحّي وليس بذي قرب، وأمّا الجنب فهو اسم مكان، أي مصاحب هو في محلّ قريب منك.

 

وقد يطلق الجنب على الطرف اليمين أو اليسار من البدن: وهذا الإطلاق إمّا مجازًا بعلاقة المجاورة، أو بلحاظ فرض البدن عبارة عن الروح والنفس أو قسمة ممتازة مركزيّة منه، حتّى يطلق على طرفيها الجنب، وهذا كإطلاق اليمين والتحت، يقال: جنّة تجري من تحتها الأنهار، وكتبت بيميني، وكذلك الفوق، يقال: {اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ} [إبراهيم : 26].

 

فيراد من الجنّة: محيط الأشجار الملتفّة، ومن الأرض: الجهة الداخليّة المركزيّة منها، ومن الإنسان: نفسه القائم بمركز البدن. فقد استعمل بهذا المعنى في الآيات الكريمة:. {قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ} [آل عمران: 191]...، {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ} [السجدة: 16]...،. {دَعَانَا لِجَنْبِهِ} [يونس: 12]...،. {وَجَبَتْ جُنُوبُهَا} [الحج: 36].

 

ولا يخفى ما في التعبير والتبيين بهذه الكلمة في هذه الموارد من اللطف: حيث أشير بها إلى حالة تنحّيهم وميلهم إلى الطبيعة والاستراحة البدنيّة. وأمّا ثبوت الجنوب: فإنّ الجنوب آخر ما يزول عنها الحركة والجريان. { فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ} [التوبة: 35] إنّ الجنوب في الإنسان فيها يظهر آثار قواه الطبيعيّة وعلائقه الماديّة.

 

{عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ} [الزمر: 56]. من أوامره وأحكامه ومظاهر عظمته وجلاله وجماله تكوينًا وتشريعًا، وهذا جنب اللّه تعالى.

 

وأمّا الجنوب: فهو فعول من الجنب، هو مقابل الشمال، ويقع بيمين من يواجه إلى المشرق، واليمين جنب بانصراف الجنب إلى اليمين، كما أنّ الشمال يقع بيسار ذلك الشخص، والدبور جهة الخلف له، والصبا أمامه.

 

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد