
السيد جعفر مرتضى
تبدأ السورة بقوله تعالى: ﴿أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ﴾ وقد تحدّثنا حول آية البسملة في تفسير "سورة الفاتحة"، فمن أراد الإطلاع على ما قلناه، فعليه بمراجعة ذلك الكتاب. وبالنسبة لسورة الماعون، نقول: إنّ هذه السورة تتحدّث عن خصوصيات ومواصفات الذي يكذّب بالدِّين، والمراد بالدِّين هو يوم الجزاء.
وتقول: إن من مواصفات هذا المكذّب، أنه يدعّ اليتيم، وأنه لا يحضُّ على طعام المسكين. ونحن نبدأ حديثنا حول هذه السورة بطرح سؤال، ومحاولة الإجابة عليه، فنقول: لو سألنا سائل: من هو الذي يكذِّب بالدِّين؟
فسنقول له: إنه الإنسان الجاهل، المتكبّر، الإنسان الضال، المغرور برأيه وبنفسه.
ولا يخطر على بالنا: أن مجرّد عدم حضّ الناس على طعام المسكين، وكذلك دعّ اليتيم، يصلح أن يكون عنوانًا للتكذيب بالدِّين، أو أن له أي ارتباط به. ومعنى ذلك هو أنّ هناك أمورًا نتخيَّل أنها لا أهمية لها، ثم يتبيَّن لنا أنها ترتبط بأمور خطيرة جدًا، حتى على مستوى التكذيب بيوم القيامة. ومن جملة هذه الأمور ما ذكرته السورة المباركة من أنّ أوصاف وخصوصيات من يكذّب بالدِّين أنه لا يحضّ على طعام المسكين. فكيف نفسّر ذلك! وعلى وفق أي معيار يمكننا أن نفهمه ونتعقله؟
ويمكن أن يقال في الجواب: إنّ قضيَّة التديُّن أساسًا، إنّما تعني العبودية، والخضوع، والانقياد لله تعالى، والالتزام بأوامره ونواهيه، وهذا الخضوع يحتاج إلى استعداد نفسي، ولا يكفي أن يمارس الإنسان خضوعًا ظاهريًّا جوارحيًّا، وحسب.
فالجندي مجبر على تأدية التحيّة لرئيسه، ولكنه لو خلِّي وطبعه فقد يكون يكرهه، بل ويكره الدخول في الجيش من الأساس. ومن الواضح: أن الخضوع الحقيقي لله تعالى يحتاج إلى معرفة ووضوح في الرؤية بالنسبة لألوهيته سبحانه وتعالى، وبالنسبة إلى صفاته، ثم إلى تقييم دقيق لحقيقة النعم والألطاف والرعاية التي يحبوه بها سبحانه.
وبتعبير آخر: إن التديّن عبودية إرادية، وخضوع يحتاج إلى معرفة، والمعرفة تحتاج إلى معايير ومقاييس وقيم، نقيس بها ما نعرفه، وتكون هي التي تتحكّم بهذه المعرفة، وتستثمرها لتنتج معرفة جديدة، وتنتج أيضًا موقفًا وحركة، ومشاعر، وأحاسيس، وحالة إيمانية، وأخلاقًا إنسانية.
فلا تكفي معرفة أنّ الله تعالى قادر منعم خالق، بل ثمة حاجة إلى مقاييس وقيم، لتقييم هذه النعم: كالخالقية، والرازقية، وثمة حاجة أيضًا إلى تحديد حقيقة هذه القدرة الإلهية، ومدى حاجة الإنسان إليها، وما هو موقعه منها. ثم لا بدّ من استثمار هذه المعرفة في استمرار التنامي والتكامل، إذ ليس المطلوب تلك الحالة العلمية المعرفية فحسب وإنما العلم الذي يستتبعه عمل الذين آمنوا وعملوا الصالحات.
فعلى سبيل المثال: حينما نعلم أن الله منعم، فالنعمة تستدعي قيمة معنوية، هي حالة عرفان وشكر، ثم نستثمر هذه القيمة في أنفسنا خضوعًا، وفي موقفنا حزمًا، وفي حركتنا سلوكًا، وفي روحنا محبة. فبدون هذه المقاييس، لا نقدر أن نحوِّل معرفتنا بالله وبنعمه وبخالقيته وبقدرته إلى مشاعر، ثم إلى مواقف صلبة للدفاع عن الحق، وعمّا يرضي الله تعالى في موقع رضاه.
لكن هذه القيم، التي هي من قبيل العرفان والشكر للنعمة، والتي اعتبرناها هي المقاييس والمعايير، تستدعي أن يكون ثمّة أخلاقية تجعل للقيم والمعايير دورًا. وهذه الأخلاقية تنشأ عن صفات روحيّة ونفسانية وإنسانية توجد في داخلنا، بها قوام إنسانيتنا.
فالأخلاق والحالات والميزات للإنسان كإنسان لا كبشر عاقل حكيم كريم شجاع قوي الخ. هي التي يريد الله سبحانه أن تنتج لنا أخلاقية تتحكّم بالمعايير التي تجعلنا نستثمر المعرفة بالله، التي تتحوّل إلى حركة وموقف، وسلوك، ومشاعر، ومحبّة، ورفض، وقبول. فينتج عن ذلك: أنّ الأخلاق، بما تكشف عنه من ميزات وخصائص في الشخصية الإنسانية الإلهية، هي أساس التديّن والالتزام.
حقيقة التوكّل
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
الحق والباطل: ماء راسخ وزبد يزول
الشيخ جعفر السبحاني
معنى (أمس) في القرآن الكريم
الشيخ حسن المصطفوي
أصول التعامل الناجح مع الوالدين
السيد عباس نور الدين
ظاهرة الباريدوليا: لماذا نتوهم رؤية وجوه على الأشياء وما هي تطبيقاتها العمليّة الممكنة؟
عدنان الحاجي
{حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ..} كيف يُنسب اليأس للرسُل؟
الشيخ محمد صنقور
أَمَرْنا مُتْرَفِيها!
الشيخ محمد جواد مغنية
أنت أيضًا تعيش هذا النّمط الخطير من الحياة!
الشيخ علي رضا بناهيان
رأس العبادة، آدابٌ للدعاء
الشيخ شفيق جرادي
الملائكة وسائط في التدبير
السيد محمد حسين الطبطبائي
الحوراء زينب: قبلة أرواح المشتاقين
حسين حسن آل جامع
على غالق
حبيب المعاتيق
أيقونة في ذرى العرش
فريد عبد الله النمر
سأحمل للإنسان لهفته
عبدالله طاهر المعيبد
خارطةُ الحَنين
ناجي حرابة
هدهدة الأمّ في أذن الزّلزال
أحمد الرويعي
وقف الزّمان
حسين آل سهوان
سجود القيد في محراب العشق
أسمهان آل تراب
رَجْعٌ على جدار القصر
أحمد الماجد
خذني
علي النمر
حقيقة التوكّل
الحق والباطل: ماء راسخ وزبد يزول
معنى (أمس) في القرآن الكريم
طلاء شفّاف لتحويل النوافذ إلى ألواح شمسية بشكل غير مرئي
أصول التعامل الناجح مع الوالدين
ظاهرة الباريدوليا: لماذا نتوهم رؤية وجوه على الأشياء وما هي تطبيقاتها العمليّة الممكنة؟
آل سعيد: لا تفاقموا مشكلات المراهقين
حقيقة التّكبّر
معنى (فره) في القرآن الكريم
{حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ..} كيف يُنسب اليأس للرسُل؟