
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
(إنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ ءَايَتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَـناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَـوةَ وَممّا رَزَقْنَـهُمْ يَنفِقُونَ * أُولئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقَّاً لَّهُمْ دَرَجَتٌ عِندَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزقٌ كَريمٌ) سورة الانفال.
الآيات ـ محل البحث ـ تذكر صفات المؤمنين بحق في عبارات موجزة غزيرة المعنى.
فيشير الذكر الحكيم في هذه الآيات إلى خمس صفات بارزة في المؤمنين: ثلاث منها ذات جانب معنوي وروحاني وباطني، واثنتين منها لها جانب عملي وخارجي...
فالثلاث الأُولى عبارة عن «الإحساس بالمسؤولية» و «الإِيمان» و«التوكل».
والإثنتان الأُخريان هما الإارتباط بالله، والاِرتباط بخلق الله سبحانه.
فتقول الآيات أوّلًا: (إنّما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم).
و«الوجل» حالة الخوف التي تنتاب الإِنسان، وهو ناشئ عن أحد أمرين: فقد ينشأ عند إدراك المسؤولية واحتمال عدم القيام بالوظائف اللازمة التي ينبغي على الإِنسان أداؤها بأكمل وجه امتثالًا لأمر الله تعالى.
وقد ينشأ عند إدراك عظمة مقام الله، والتوجه إلى وجوده المطلق الذي لا نهاية له، ومهابته التي لا حدّ لها.
وتوضيح ذلك: قد يتفق للإِنسان أن يمضي لرؤية شخص عظيم هو ـ بحق ـ جدير بالعظمة من جميع الجوانب، فالإِنسان الذي يمضي لرؤيته قد يقع تحت تأثير ذلك المقام وتلك العظمة، بحيث يحس بنوع من الرهبة في داخله ويضطرب قلبه حتى أنّه لو أراد الكلام لتعلثم، وقد ينسى ما أراد أن يقوله، حتى لو كان ذلك الشخص يحب هذا الإِنسان ويحب الآخرين جميعاً ولم يصدر عنه ما يدعو إلى القلق.
فهذا الخوف والإاضطراب أو المهابة مصدرها عظمة ذلك الشخص، يقول القرآن الكريم في هذا الصدد: (لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعاً متصدعاً من خشية الله).
كما نقرأ في آية أُخرى من قوله تعالى: (إنّما يخشى الله من عباده العلماء).
وهكذا فإن العلاقة قائمة بين العلم والخوف أيضاً، وبناءً على ذلك فمن الخطأ أن نعدّ أساس الخوف والخشية عدم أداء الوظائف المطلوبة فحسب.
ثمّ تبيّن الآية الصفة الثّانية للمؤمنين فتقول: (وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيماناً).
إنّ النمو والتكامل من خصائص جميع الموجودات الحية، فالموجودات الفاقد للنمو والتكامل إمّا أن يكون ميتاً أو في طريقه إلى الموت. والمؤمنون حقّاً لهم إيمان حيّ ينمو غرسه يوماً بعد يوم بسقيه من آيات الله، وتفتح أزهاره وبراعمه، ويؤتي ثماره أكثر فأكثر، فهم ليسوا كالموتى من الجمود وعدم التحرك، ففي كل يوم جديد يكون لهم فكر جديد وتكون صفاتهم مشرقة جديدة...
وهذه الدّرجات مبهمة لم يعين مقدارها وميزانها، وهذا الإِبهام يشير إلى أنّها درجات كريمة عالية.
وللمؤمنين إضافة لدرجاتهم رحمة من الله ومغفرة ورزق كريم.
والحق أنّنا ـ نحن المسلمين ـ الذين ندّعي الإسلام وقد نرى أنفسنا أُولي فضل على الإسلام والقرآن، نتهم القرآن والإِسلام جهلًا بأنّهما سبب التأخر والانحطاط، وتُرى لو أنّنا طبقنا فقط مضامين هذه الآيات محل البحث على أنفسنا والتي تمثل صفات المؤمنين بحق، ولم نتكل على هذا وذاك، وأن نطوي كل يوم مرحلة جديدة من الإِيمان والمعرفة، وأن نحس دائمًا بالمسؤولية لتقوية علاقتنا بالله وبعباده فننفق ما رزقنا الله في سبيل تقدم المجتمع، أنكون بمثل ما نحن عليه اليوم؟!
وينبغي ذكر هذا الموضوع أيضًا، وهو أنّ الإِيمان ذو مراحل ودرجات، فقد يكون ضعيفًا في بعض مراحله حتى أنّه لا يبدو منه أي شيء عملي مؤثر، أو يكون ملوّثًا بكثير من السيّئات. إلاّ أنّ الإِيمان المتين الراسخ من المحال أن يكون غير بناء أو غير مؤثر وما يراه البعض من أن العمل ليس جزءًا من الإِيمان، لاقتصارهم على أدنى مراحل الإِيمان.
شكل القرآن الكريم (2)
الدكتور محمد حسين علي الصغير
الهداية والإضلال
الشيخ شفيق جرادي
حقّانية المثنّى كمبدأ أنطولوجي (5)
محمود حيدر
كيف ننمّي الذكاء الاجتماعي في أولادنا؟
السيد عباس نور الدين
الذنوب التي تهتك العصم
السيد عبد الأعلى السبزواري
كلام في الإيمان
السيد محمد حسين الطبطبائي
الإسلام أوّلاً
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
لا تجعل في قلبك غلّاً (2)
السيد عبد الحسين دستغيب
معنى (لمز) في القرآن الكريم
الشيخ حسن المصطفوي
التحسس الغلوتيني اللابطني لا علاقة له بمادة الغلوتين بل بالعامل النفسي
عدنان الحاجي
اطمئنان
حبيب المعاتيق
الحوراء زينب: قبلة أرواح المشتاقين
حسين حسن آل جامع
أيقونة في ذرى العرش
فريد عبد الله النمر
سأحمل للإنسان لهفته
عبدالله طاهر المعيبد
خارطةُ الحَنين
ناجي حرابة
هدهدة الأمّ في أذن الزّلزال
أحمد الرويعي
وقف الزّمان
حسين آل سهوان
سجود القيد في محراب العشق
أسمهان آل تراب
رَجْعٌ على جدار القصر
أحمد الماجد
خذني
علي النمر
أظافر قدميك تكشف إذا كنت تعرضت لسبب غير مرئي لسرطان الرئة
شكل القرآن الكريم (2)
الهداية والإضلال
حقّانية المثنّى كمبدأ أنطولوجي (5)
كيف ننمّي الذكاء الاجتماعي في أولادنا؟
(قضايا مأتميّة) الكتاب الإلكترونيّ الأوّل للشّاعر والرّادود عبدالشهيد الثور
مركز (سنا) للإرشاد الأسريّ مشاركًا خارج أسوار برّ سنابس
شروق الخميس وحديث حول الأزمات النّفسيّة وتأثيرها وعلاجها
نشاط غير عادي في أمعائنا ربما ساعد أدمغتنا أن تنمو أكبر
الذنوب التي تهتك العصم