
(وإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ قالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هذا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ ما يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَّ إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ - قُلْ لَوْ شاءَ اللَّهُ ما تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ ولا أَدْراكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُراً مِنْ قَبْلِهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ - فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآياتِهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْمُجْرِمُونَ). (يونس 15 – 17).
اللغة:
من تلقاء نفسي أي من عند نفسي، ويستعمل بمعنى الاتجاه، يقال: جلس تلقاءه أي تجاهه. العمر بضم العين والميم البقاء، وبفتح العين وسكون الميم يستعمل في البقاء، وفي القسم، تقول: لعمري ما فعلت أي لديني ما فعلت.
الإعراب:
المصدر المنسبك من أن أبدله اسم يكون، ولي خبر. وإن أتبع (إن) نافية. وأدراكم فعل ماض من دريت. وعمرًا على حذف مضاف أي مقدار عمر، ثم حذف الظرف وأقيم المضاف مقامه.
المعنى:
(وإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ قالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هذا أَوْ بَدِّلْهُ). المراد بالذين لا يرجون لقاء اللَّه المشركون.. وكان النبي (ص) يحتج عليهم وعلى اليهود والنصارى بالقرآن، ويجادلهم بالتي هي أحسن، وكان الجدال بينه وبين المشركين واليهود عنيفًا، لأنهم كانوا أشد الناس عداوة له، وإعراضًا عنه... أما النصارى فمنهم من وفد عليه، ودفع له الجزية كنصارى نجران، ومنهم من همّ بغزو المدينة، فقطع النبي (ص) الطريق عليهم وغزاهم في أرض الشام.
وكان المشركون يقترحون على النبي (ص) ألوانًا من جهلهم وعبثهم، من ذلك ما أشارت إليه الآية 118 من سورة البقرة، حيث طلبوا من النبي أن يكلمهم اللَّه مشافهة، أما الآية التي نفسرها فهي تحكي اقتراحهم على رسول اللَّه (ص) أن يأتيهم بقرآن غير هذا في جملته، أو يحرفه بالتقليم والتطعيم، لأن هذا القرآن قد آتاهم بدين جديد: فهو يدعو إلى التوحيد والإيمان بالبعث والجزاء، ويقر مبدأ العدالة والمساواة، ويلغي الطبقات والامتيازات، ويحرم الربا والظلم، وهم يدينون بتعدد الآلهة، وينكرون البعث، ويبيحون ما يشتهون، فطلبوا من محمد (ص) أن يأتيهم بقرآن يقرهم على دينهم وتقاليدهم، أو يحذف من القرآن الذي أتاهم به ما لا يرتضونه - على الأقل -.
وأي فرق بين هذا الطلب من مشركي الجاهلية، وبين الكثير من شباب حضارة هذا القرن الذين يقولون: ولماذا الدين، والحلال والحرام؟...
(قُلْ ما يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَّ إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ). الرسول ناقل عن اللَّه، لا مشرع، تمامًا كراوي الحديث عن الرسول. وقد جاء في الحديث عنه أنه قال: «من كذب عليّ فليتبوأ مقعده من النار» فكيف يكذب هو على اللَّه؟. حاشا لصاحب العصمة عن الخطأ والزلل..
وفي الآية تعريض بمن يفتي ويحكم بغير دليل من الشرع، وفيها أيضًا الدليل القاطع على أن النبي ما حكم قط باجتهاده، وإن جميع أحكامه كانت بوحي من اللَّه، وإن من أجاز الاجتهاد عليه فقد قاسه بغيره من الفقهاء.. وبالمناسبة نشير إلى أن الشيعة منعوا الاجتهاد على النبي (ص). واختلف السنة فيما بينهم، فمنهم من وافق الشيعة، وكثير منهم أجاز الاجتهاد على النبي.
(قُلْ لَوْ شاءَ اللَّهُ ما تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ ولا أَدْراكُمْ بِهِ). وضمير تلوته وبه يعودان إلى القرآن، والمعنى لو شاء اللَّه ألا يرسلني إليكم لتعلموا وتعملوا بالقرآن ما دعوتكم إليه، ولكني فعلت ما فعلت تنفيذًا لمشيئة اللَّه (فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُراً مِنْ قَبْلِهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ).
إن من عاش في قومه أربعين عامًا من قبل أن يوحى إليه لم يقرأ فيها كتابًا، ولم يلقن من أحد علمًا، ولا بدرت منه أية بادرة يؤاخذ عليها، بل كانت حياته كلها فضائل ومكرمات، وصدقًا وأمانة حتى سمي الصادق الأمين، أفلا تعقلون أن من كان هذا شأنه فهو أبعد الناس عن الكذب والافتراء؟..
هذا، إلى أن حقائق القرآن حجة كافية وافية في الدلالة على صدقه وعظمته. (فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآياتِهِ). معنى افترى على اللَّه كذبًا أنه نسب إلى دين اللَّه ما هو بريء منه، ومعنى كذّب بآياته أنه نفى عنه ما هو منه في الصميم، وهذه هي البدعة التي قال عنها الرسول الأعظم: «كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار» (إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْمُجْرِمُونَ) لأن طريق الفلاح والنجاة هو الصدق والإخلاص، أما الكذب والافتراء فهو طريق الهلاك والخذلان، ولا يسلكه إلا شقي مجرم.
التحيّة الإلهيّة
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
معنى (سأل) في القرآن الكريم
الشيخ حسن المصطفوي
العلم المقصود للعمل
الفيض الكاشاني
وجه رب الكون
السيد جعفر مرتضى
الواقع الاجتماعي والسياسي حين تولى الإمام علي (ع) الحكم
الشيخ محمد مهدي شمس الدين
لماذا ينبغي استعادة أفلاطون؟ (2)
محمود حيدر
ماذا يحدث داخل الدماغ أثناء لحظة الإلهام والكشف المفاجئة؟
عدنان الحاجي
الصدقات وعجائب تُروى
عبدالعزيز آل زايد
صفة الجنة في القرآن الكريم
الشيخ محمد جواد مغنية
معـاني الحرّيّة (4)
الشيخ محمد مصباح يزدي
السيدة الزهراء: حزن بامتداد النّبوّات
حسين حسن آل جامع
اطمئنان
حبيب المعاتيق
أيقونة في ذرى العرش
فريد عبد الله النمر
سأحمل للإنسان لهفته
عبدالله طاهر المعيبد
خارطةُ الحَنين
ناجي حرابة
هدهدة الأمّ في أذن الزّلزال
أحمد الرويعي
وقف الزّمان
حسين آل سهوان
سجود القيد في محراب العشق
أسمهان آل تراب
رَجْعٌ على جدار القصر
أحمد الماجد
خذني
علي النمر
التحيّة الإلهيّة
معنى (سأل) في القرآن الكريم
العلم المقصود للعمل
أمسية للحسن بعنوان: (نحو قراءة أدبيّة أفضل)
وجه رب الكون
الواقع الاجتماعي والسياسي حين تولى الإمام علي (ع) الحكم
لماذا ينبغي استعادة أفلاطون؟ (2)
ماذا يحدث داخل الدماغ أثناء لحظة الإلهام والكشف المفاجئة؟
معنى (وفق) في القرآن الكريم
الصدقات وعجائب تُروى