الشيخ ناصر مكارم الشيرازي ..
قتل شخص من بني إسرائيل بشكل غامض ولم يعرف القاتل. تذكر كتب التاريخ والتفسير أن دافع القتل في هذه الحادثة إما المال أو الزّواج.
منهم من قال إن ثريًا من بني إسرائيل لم يكن له وارث سوى ابن عمه، فطال عمر هذا الثري ولم يطق الوارث مزيدًا من الانتظار، فقتله خفيه ليحصل على أمواله، وألقى جسده في الطريق، ثم بدأ بالصراخ والعويل، وشكا الأمر إلى موسى.
وقال آخرون: إن القاتل أراد أن يتزوج من ابنه القتيل فرفض ذلك وزوّج ابنته إلى أحد أخيار بني إسرائيل فقعد له وقتله.
على أّيه حال حدث بين قبائل بني إسرائيل نزاع بشأن هذه الحادثة، كل قبيلة تتهم الأخرى بالقتل. توجهوا إلى موسى ليقضي بينهم فما كانت الأساليب الاعتيادية ممكنه في هذا القضاء وما كان بالإمكان إهمال هذا المسألة لما سيترتب عليها من فتنه بين بني إسرائيل. لجأ موسى بإذن الله إلى طريقة إعجازية لحل هذه المسألة.
يقول سبحانه: ﴿وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُواْ بَقَرَةً...﴾(1) وأن تضربوا قطعه منها بالمقتول كي يحي ويخبركم بقاتله ﴿...قَالُواْ أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا...﴾؟، ﴿...قال أَعُوذُ بِاللّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ﴾ (2) أي إن الاستهزاء من عمل الجاهليين، وأنبياء الله مبرءون من ذلك.
إشكالات بني إسرائيل:
بعد أن أيقنوا جديّة المسألة ﴿قَالُواْ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لّنَا مَا هِيَ...﴾(3)
موسى (ع) أجابهم ﴿...قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لاَّ فَارِضٌ وَلاَ بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ...﴾(4) أي إنها لا كبيره هرمه ولا صغيرة بل متوسطة بين الحالتين ﴿...فَافْعَلُواْ مَا تُؤْمَرونَ﴾(5)
لكن بني إسرائيل لم يكفوا عن لجاجتهم: ﴿قَالُواْ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا لَوْنُهَا..﴾(6)؟
أجاب موسى: ﴿...يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لاَّ فَارِضٌ وَلاَ بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ فَافْعَلُواْ مَا تُؤْمَرونَ﴾ (7) أي إنها لا كبيرة هرمة ولا صغيرة، بل متوسطة بين الحالتين: ﴿فَافْعَلُوا مَا تُؤْمَرُونَ﴾.
لكن بني إسرائيل لم يكفوا عن لجاجتهم: ﴿قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا لَوْنُهَا﴾؟
أجابهم موسى: ﴿قَالَ إِنَّهُ يَقوُلُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِع لَوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ﴾ أي إنها حسنة الصفرة لا يشوبها لون آخر.
ولم يكتفوا بني إسرائيل بهذا بل أصروا على لجاجتهم، وضيقوّا دائرة انتخاب القرة على أنفسهم، عادوا و﴿قَالُواْ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا هِيَ إِنَّ البَقَرَ...﴾(8) طالبين بذلك مزيدًا من التوضيح،متذرعين بالقول: ﴿...إِنَّ البَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا وَإِنَّآ إِن شَاء اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ﴾(9).
أجابهم موسى ﴿قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لاَّ ذَلُولٌ تُثِيرُ الأَرْضَ وَلاَ تَسْقِي الْحَرْثَ...﴾(10) أي ليست من النوع المذلل لحرث الأرض وسقيها، ﴿مُسَلَّمَةٌ﴾ من العيوب كلها، ﴿لاَّ شِيَةَ فِيهَا﴾ أي لا لون فيها من غيرها، حينئذ: ﴿قالُواْ الآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ﴾، ﴿فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُواْ يَفْعَلُونَ﴾ أي أن وجدوا بقره بهذه السمات ذبحوها بالرغم من عدم رغبتهم بذلك.
﴿فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا...﴾(11) أي اضربوا قطعه منها بالمقتول كي يحيي ويخبركم بقاتله أخذوا بني إسرائيل يبحثون عن بقره بتلك الخصائص فذبحوها وألقوا دمها على القتيل فحيي وذكر أن القاتل كان ابن عمّه.
الإحسان إلى الأب:
إن البقرة كانت وحيده لا تشاركها بقره أُخرى في المواصفات المذكورة ولذلك اضطر القوم إلى شرائها بثمن باهظ.
ويقولون: إن هذه البقرة كانت ملكًا لشاب صالح على غاية البّر بوالده، هذا الرجل واتته سابقًا فرصة صفقه مربحه، كان عليه أن يدفع فيها الثمن نقدًا، وكانت النقود في صندوق مغلق مفتاحه تحت وساده والده. حين جاء الرجل ليأخذ المفتاح وجد والده نائمًا فأبى أن يوقظه ويزعجه ففضل أن يترك الصفقه على أن يوقظ والده.
وقال بعض المفسرين: كان البائع على استعداد لأن يبيع بضاعته بسبعين ألفًا نقدًا ولكن الرجل أبى أن يوقظ والده واقترح شراء تلك البضاعة بثمانين ألفًا على أن يدفع المبلغ بعد استيقاظ والده. وأخيرًا لم تتم صفقه المعاملة ولذا أراد الله تعالى تعويضه على إيثار هذا بمعامله أخرى وفيرة الربح.
وقالوا أيضا: بعد أن استيقظ الوالد وعلمه بالأمر، أهدى لولده البقرة المذكورة، فدّرت عليه ربحًا عظيمًا.
1-البقرة/67
2-البقرة/67
3-البقرة/68
4-البقرة/68
5-البقرة/68
6-البقرة/69
7-البقرة/69
8-البقرة/70
9-البقرة/70
10-البقرة/71
11-البقرة/73
الشيخ عبد الله الجوادي الآملي
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
الشيخ حسن المصطفوي
الدكتور محمد حسين علي الصغير
الشيخ محمد صنقور
الشيخ علي رضا بناهيان
الشيخ محمد مهدي الآصفي
الفيض الكاشاني
السيد جعفر مرتضى
الشيخ جعفر السبحاني
حبيب المعاتيق
فريد عبد الله النمر
حسين حسن آل جامع
عبدالله طاهر المعيبد
ناجي حرابة
أحمد الرويعي
حسين آل سهوان
أسمهان آل تراب
أحمد الماجد
علي النمر
علماء يكتشفون أن الكافيين يُفعّل مفتاحًا خلويًّا قد يُبطئ الشيخوخة
أيها الشباب احذروا
التشاور مع الشباب
آيات الله في خلق الجبال (1)
معنى (عضد) في القرآن الكريم
الشّيخ صالح آل إبراهيم: إصلاح النّفس أساس كلّ تغيير إيجابيّ
(سباحة في بحر الوجود) جديد الكاتب فاضل الجميعي
(فنّ التّخطيط الإستراتيجيّ بعدسة هندسة الفكر) جديد الكاتب عبد المحسن صالح الخضر
تشخيص المجاز العقلي في القرآن وعند العرب
معنى قوله تعالى: ﴿فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي﴾