استدعى المنصور الدوانيقيّ «الأعمشَ» إلى قصره، فتطهّر وتكفّن وتحنّط، فلمّا حضر بين يديه، قال له المنصور: حدّثني بحديثٍ سمعتُه أنا وأنت من جعفر بن محمّد (الصّادق عليه السلام) في بني حَمّان (اسم محلّة في الكوفة).
قال الأعمش: أيّ الأحاديث؟ فقال المنصور: حديث أركان جهنّم.
قال: أَوَتُعفيني؟ قال: ليس إلى ذلك سبيل.
فقال الأعمش: حدّثنا جعفر بن محمّد، عن آبائه عليهم السلام، أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، قال: «لجهنّمَ سبعةُ أبواب، وهي الأركان، لسبعةِ فراعنة..»، ثمّ ذكر الأعمش نمرود، وفرعون موسى عليه السلام، وأبا جهل، وآخرين حتّى بلغوا ستّة نفر، ثمّ سكت.
فقال المنصور: الفرعون السابع؟ قال الأعمش: رجلٌ من وُلد العبّاس، يلي الخلافة، يُلقَّب بالدوانيقيّ، اسمه المنصور.
فقال المنصور: صدقت، هكذا حدّثنا جعفر بن محمّد!
قال الأعمش: ثمّ رفع المنصور رأسه، وإذا على رأسه غلامٌ ما رأيتُ أحسن وجهاً منه، فقال: «إنْ كنتُ أحدَ أبوابِ جهنّم فلم أستبقِ هذا»، وكان الغلام علويّاً حسينيّاً.
فقال له الغلام: «سألتُك بحقّ آبائي إلا عفوتَ عنّي»، فأبى ذلك، وأمر المرزبان به، فلما مدّ يده حرّك الغلام شفتيه بكلامٍ لم أعلمه، فإذا هو كأنّه طيرٌ قد طار منه.
قال الأعمش: فمرّ عَلَيَّ الغلامُ بعد أيّام، فقلت: أقسمتُ عليك بحقّ أمير المؤمنين لمّا علّمتني الكلام. فقال: ذاك دعاءُ المحنة لنا أهلَ البيت، وهو الدعاء الذي دعا به أمير المؤمنين عليه السلام لمّا نام على فراش رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم. وهو:
«يا مَن ليسَ معه ربٌّ يُدعى، يا مَن ليس فوقَه خالقٌ يُخشَى، يا مَن ليس دونَه إلهٌ يُتّقى، يا مَن ليس له وزيرٌ يُرشى، يا مَن ليس له نديمٌ يُغشى، يا مَن ليس له حاجبٌ يُنادى، يا مَن لا يزدادُ على كثرةِ السؤالِ إلا كَرَماً وَجُوداً، يا مَن لا يزدادُ على عِظَم الذّنوبِ إلا رحمةً وعفواً». واسأله ما أحببتَ فإنّه قريبٌ مجيب.
(انظر: بحار الأنوار: 92/291)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* الأعمش: هو سليمان بن مهران الأسدي الكاهلي، الحافظ الكبير أبو محمّد الكوفيّ. لُقِّب بـ «الأعمش» لضعفٍ في بصره. كان محدّثاً، مقرئاً، فقيهاً، مُفتياً، عالماً بالفرائض. عُدّ من أصحاب الإمام أبي عبد الله الصادق عليه السّلام، بل من خواصّ أصحابه، وذُكر أنّ تشيّعه من المتسالم عليه بين الفريقين.
روى في فضائل أهل البيت، وفي فضائل أمير المؤمنين خاصّة، أحاديثَ كثيرة. وثّقه: النّسائيّ، وابن معين، وغيرهما. وقال العجليّ: كان ثقةً ثبتاً في الحديث، وكان فيه تشيّع.
رُوي عن أبي معاوية الضرير، قال: بعث هشام بن عبد الملك إلى الأعمش أن اكتب لي مناقبَ عثمان ومساوئ عليّ! فأخذ الأعمش القرطاس وأدخلها في فم شاةٍ، فلاكتها، وقال لرسوله: قل له هذا جوابك.
قال عيسى بن يونس: ما رأيتُ الأغنياءَ والسلاطين عند أحدٍ أحقرَ منهم عند الأعمش، مع فقره وحاجته. تُوفِّي سنة ثمان وأربعين ومائة.
(موسوعة طبقات الفقهاء، مختصَر)
__
مجلة شعائر
الشيخ عبد الله الجوادي الآملي
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
الشيخ حسن المصطفوي
الدكتور محمد حسين علي الصغير
الشيخ محمد صنقور
الشيخ علي رضا بناهيان
الشيخ محمد مهدي الآصفي
الفيض الكاشاني
السيد جعفر مرتضى
الشيخ جعفر السبحاني
حبيب المعاتيق
فريد عبد الله النمر
حسين حسن آل جامع
عبدالله طاهر المعيبد
ناجي حرابة
أحمد الرويعي
حسين آل سهوان
أسمهان آل تراب
أحمد الماجد
علي النمر
علماء يكتشفون أن الكافيين يُفعّل مفتاحًا خلويًّا قد يُبطئ الشيخوخة
أيها الشباب احذروا
التشاور مع الشباب
آيات الله في خلق الجبال (1)
معنى (عضد) في القرآن الكريم
الشّيخ صالح آل إبراهيم: إصلاح النّفس أساس كلّ تغيير إيجابيّ
(سباحة في بحر الوجود) جديد الكاتب فاضل الجميعي
(فنّ التّخطيط الإستراتيجيّ بعدسة هندسة الفكر) جديد الكاتب عبد المحسن صالح الخضر
تشخيص المجاز العقلي في القرآن وعند العرب
معنى قوله تعالى: ﴿فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي﴾