
المسيح نبي
تطالعنا الأناجيل الأربعة، وعلى طول دعوة المسيح، بالحديث عن أنه نبي وكاهن، وظيفته الوعظ والإرشاد، والدعوة إلى الله الواحد، طبقاً لشريعة موسى عليه السلام وهو ما كان تلاميذه يعملون به أيضًا، وكذلك كان شائعاً بين الناس أنه نبي مرسل لا أكثر .
لم يستطع أن يصنع معجزة في الناصرة لأنهم لم يؤمنوا به، وخرج منها بعد يومين وقال إنه ليس لنبي كرامة في وطنه 13.
وتوجه إلى الله في نهاية المطاف قائلًا : وهذه هي الحياة الأبدية أن يعرفوك أنت الإله الحقيقي وحدك، ويعرفوا يسوع المسيح الذي أرسلته 14.
وكذلك تلاميذه كانوا ينادونه بالمعلم والسيد وأقرهم على ذلك 15، وأحيى ميتاً وهو في طريقه إلى مدينة تدعى نايين فصرخ تلاميذه ورفاقه ورفاق الجنازة قائلين : لقد قام فينا نبي عظيم وافتقد الله شعبه 16.
واستمر تلاميذه ـ وهم أهل سره والعارفون بكل أحواله، فقد كان يعلمهم كل شيء، ويفسر لهم وحدهم كل الأمثال التي كان يذكرها في مقام الوعظ والبشارة، حتى أعطي لهم أن يعرفوا سر الملكوت ـ باعتقادهم بنبوته إلى ما بعد رحيله، فقد جرى حوار بينه وبين تلميذين من تلاميذه، بعد قيامته ! وسألهما عما يتحدثان به فقالا له إنهما يتحدثان عن الأمور المختصة بيسوع الناصري، الذي كان إنساناً نبياً مقتدراً في الفعل والقول أمام الله وجميع الشعب 17.
المسيح والجهاد
إن المسيحيين كانوا وما زالوا يرددون أن مهمة المسيح عليه السلام اقتصرت على الهداية إلى ملكوت السماء، وأن صلبه جاء تكفيراً عن خطايا البشر، ولكننا نجد في الكثير من نصوص الأناجيل أن عيسى عليه السلام كان مجاهداً وثائراً، سعى جاهداً لإنقاذ المستضعفين من مخالب الظالمين، وفي ما يلي نستعرض بعض النماذج :
1.السيف بدل السلام : لا تظنوا أني جئت لأحمل السلام إلى الأرض، ما جئت لأحمل سلاماً بل سيفاً، جئت لأفرّق بين المرء وأبيه، والبنت وأمّها، والكنّة وحماتها، فيكون أعداء الإنسان أهل بيته 18.
ونجده يؤكد على أصحابه أن يتبعوا نهج الكفاح المسلّح، فحينما علم أن إلقاء القبض عليه بات أمراً وشيكاً، وعلم أيضاً أنه سيعامل معاملة مجرم، وجّه هذه الكلمات لأصحابه من لم يكن عنده سيف فليبع رداءه ويشتره 19، ولكن دعوته هذه لم تجد آذاناً صاغية، مما حال دون الاستفادة من السلاح في تلك الظروف الحرجة مما حدا بالمسيح إلى مناشدة أصحابه بعدم مواجهة العدو وإذا واحد من الذين مع يسوع قد مد يده إلى سيفه، فاستله وضرب خادم عظيم الكهنة، فقطع أذنه، فقال له يسوع : اغمد سيفك، فكل من يأخذ بالسيف بالسيف يهلك " 20.
2.صليب الشهادة : يقدس المسيحيون الصليب كرمز لصلب المسيح الذي جاء تكفيراً عن خطايا البشر، وقد ورد عن المسيح قوله إن أراد أحد أن يأتي ورائي فلينكر نفسه ويحمل صليبه ويتبعني، ومعنى حمل الصليب هو الاستهانة بالحياة والاستعداد للتضحية في سبيل الله . وقد تمثّل ذلك في قول دعبل شاعر أهل البيت عليه السلام : إني أحمل خشبتي منذ أربعين سنة، ولا أجد من يصلبني عليها 21.
3.اختراق تنظيمات العدو : أوصى عيسى أتباعه وتلامذته مراراً بالإفصاح عن هويتهم أمام الناس، إلا أنه أذن لأحد تلامذته بالمشاركة في جلسات المجمع اليهودي سنهدرين مستخفياً، لأنه يصب في صالح الأهداف العليا للرسالة، وبقي يتابع هذه المهمة إلى أن أُلقي القبض على المسيح وتم صلبه ـ بحسب الظاهر ـ وتخلى عنه أتباعه، في هذه الظروف انطلق التلميذ المذكور إلى الحاكم الجائر وطلب منه جثمان عيسى حيث أخذه ودفنه باحترام بالغ .
جاء رجل اسمه يوسف، وهو عضو في المجلس، وامرؤٌ صالح بارّ لم يوافقهم على قصدهم ولا عملهم، وكان من الرامة، وهي مدينة لليهود، وكان ينتظر ملكوت الله 22.
4.الله وقيصر : قيل إنه جاء في الأناجيل أوكلوا عمل قيصر لقيصر وعمل الله لله . ولكن ينبغي أن يُعلم أن العبارة في الأناجيل هي أدوا لقيصر ما لقيصر، ولله ما لله وأنها وردت في حال التقية، فكما تنقل الأناجيل فترصّدوه وأرسلوا جواسيس يظهرون أنهم من أهل الورع، ليأخذوه بكلمة فيسلموه إلى قضاء الحاكم وسلطته، فسألوه : يا معلم نحن نعلم أنك على صواب في كلامك وتعليمك لا تُحابي أحداً، بل تعلّم سبيل الله بالحق، أيحلّ لنا أن ندفع الجزية إلى قيصر أم لا؟ ففطن لمكرهم فقال لهم : أروني ديناراً ! لمن الصورة التي عليه والكتابة؟ فقالوا : لقيصر، فقال لهم : أدّوا إذاً لقيصر ما لقيصر، ولله ما لله 23.
ــــــــــــ
*دروس في الأديان, سلسلة المعارف الإسلامية , نشر: جمعية المعارف الإسلامية الثقافية
13- انجيل متى : 13-54-58 ، وأجمع عليها الأربعة .
14- انجيل يوحنا :17-3-4.
15- انجيل يوحنا :13-13.
16- انجيل لوقا : 7-11-16.
17- إنجيل لوقا : 24-19.
18- متى : 10-34-36.
19- لوقا : 22-37.
20- متى : 26-51-52، مرقس : 14-47 ، لوقا :22-50-51 ، يوحنا : 18-10-11 .
21- عبد الله بن المعتز، طبقات الشعراء، ص 125.
22- لوقا : 23-50-51.
23- لوقا : 20-20-21 ، متّى :22-15-22 ، مرقس :12-13-17 .
شكل القرآن الكريم (2)
الدكتور محمد حسين علي الصغير
الهداية والإضلال
الشيخ شفيق جرادي
حقّانية المثنّى كمبدأ أنطولوجي (5)
محمود حيدر
كيف ننمّي الذكاء الاجتماعي في أولادنا؟
السيد عباس نور الدين
الذنوب التي تهتك العصم
السيد عبد الأعلى السبزواري
كلام في الإيمان
السيد محمد حسين الطبطبائي
الإسلام أوّلاً
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
لا تجعل في قلبك غلّاً (2)
السيد عبد الحسين دستغيب
معنى (لمز) في القرآن الكريم
الشيخ حسن المصطفوي
التحسس الغلوتيني اللابطني لا علاقة له بمادة الغلوتين بل بالعامل النفسي
عدنان الحاجي
اطمئنان
حبيب المعاتيق
الحوراء زينب: قبلة أرواح المشتاقين
حسين حسن آل جامع
أيقونة في ذرى العرش
فريد عبد الله النمر
سأحمل للإنسان لهفته
عبدالله طاهر المعيبد
خارطةُ الحَنين
ناجي حرابة
هدهدة الأمّ في أذن الزّلزال
أحمد الرويعي
وقف الزّمان
حسين آل سهوان
سجود القيد في محراب العشق
أسمهان آل تراب
رَجْعٌ على جدار القصر
أحمد الماجد
خذني
علي النمر
أظافر قدميك تكشف إذا كنت تعرضت لسبب غير مرئي لسرطان الرئة
شكل القرآن الكريم (2)
الهداية والإضلال
حقّانية المثنّى كمبدأ أنطولوجي (5)
كيف ننمّي الذكاء الاجتماعي في أولادنا؟
(قضايا مأتميّة) الكتاب الإلكترونيّ الأوّل للشّاعر والرّادود عبدالشهيد الثور
مركز (سنا) للإرشاد الأسريّ مشاركًا خارج أسوار برّ سنابس
شروق الخميس وحديث حول الأزمات النّفسيّة وتأثيرها وعلاجها
نشاط غير عادي في أمعائنا ربما ساعد أدمغتنا أن تنمو أكبر
الذنوب التي تهتك العصم