قراءة في كتاب

شبهات الملحدين والإجابة عنها

 

ربى حسين
في وقت برزت فيه أصوات كثيرة لأفكار ملحدة غابت عنها البصيرة لرؤية تجلّي الّله عزّ وجل كان على أهل الدّين والعلم الرّد على شبهات الملحدين والإجابة عنها، وعليه كان هذا العنوان لكتاب الشّيخ محمد جواد مغنيّة (رض).
ما الجديد في هذا الكتاب:
يوضح سماحته أن أصحاب شبهة الإلحاد يركزون كثيرًا على أنّ العلم ينافر الإيمان بالله ويناقضه متشبّثين بنتائج أثبتها علم الطّبيعة والأحياء، وعلم النفس فكان هذا الكتاب لتفنيد هذا الزّعم والوهم.
سارتر وفكرة الإلحاد:
تحت هذا العنوان أتى سماحته على تلخيص فكرة سارتر الّذي يعتبر أن لا وجود إطلاقًا قبل الإنسان وبعده لأي قوّة أو مبدأ أو شريعة خارجة عنه يسوغ لها أن تفرض نفسها عليه. وهنا سأل سماحته سارتر وغيره من العلماء إن اكتشفوا دليلًا قاطعًا على أن الإنسان بعد وجوده في هذه الحياة يستحيل أن يملك عقلًا نيّرًا يهديه ويرشده، مستغربًا كيف أنّه أباح للعقول أن تكتشف قوى الكون وعناصره كالمعادن والجاذبيّة والإلكترون ولم يبح لها الاستدلال بالشّواهد الكونيّة على وجود المدبّر والمبدع.
 

بين الملحدين والمؤمنين:
هؤلاء الملحدون آمنوا بوجود الأثير الذي يتألف منه الكون دون أن يروه، وآمنوا بوجود الذّاكرة ولم يلمسوها، وآمن عالم الفلك بوجود كواكب غائبة عنه إذن فبالأولى أن يكون الإيمان بالله ضروريًا بعد ظهور آثاره في خلقه التي تعجز الأوهام والألسن عن وصفه. ومن يرجع الأمور إلى الاعتماد على العقل فلا عقل له لأن مهمة العقل أن يرشدنا إلى ما لا يمكن إدراكه بالحس والتجربة.
وأضاف سماحته قائلًا من أين جاء العلم بوجود هذا الأثير الّذي سبق وجود الكون مع القطع واليقين بأنه لم يقع تحت الحس ولا دلّت عليه الآثار والقرآئن؟ ولو سلمنا جدلًا فمن الّذي أوجده. كما وناقش سماحته خطأ التفسير الميكانيكي للكون الذي يعتمد حسب رأي المتفلسفين على قانون الصّدفة، مستعرضًا بعض الفلسفات المتهافتات من قبل راسل والمثاليّون.
وبعدها عرج سماحته على تحديد الحقيقة الدينية والعلمية التي وإن اختلفت موضوعًا ومنهاجًا فإنهما تلتقيان على صعيد خدمة الإنسان ومصلحته، وقد أتى ضمن هذا الباب على نظريّة كارل ماركس مبيّنًا رأي الإسلام منها باحثًا في مسألة اللّادينيّة والعلمانيّة.

المادّة والحياة:
وعن إدراك أصل الحياة قال بعض المادّييين أن الحياة تنشأ وتتولّد تلقائيًّا من المواد الجامدة إما لعفويتها كتولّد الحشرات وإمّا لتركيب أجزاء الجسم الحي على شكل خاص كالأجهزة العلميّة. وهنا كان ردّ سماحته من العلم حيث بيّن أن دودة العفونة وحشرة القذارة تتولّد من جراثيم حيّة لا ينالها البصر المجرّد مستندًا إلى ما أثبته باستور بالتجربة القاطعة.
وعلى الشّق الثاني من النّظريّة أن الحياة ليست مظهرًا لازمًا لطبيعة المادة، ولا هي نتيجة حتميّة لتركيب الأجزاء على شكل خاص، وإلّا وجب أن لا يموت الحي نباتًا أو حيوانًا ما دام هذا التركيب قائمًا. وخلص إلى أن جوهر الحياة شيئ وجوهر المادّة شيئ آخر لكنهما يتفاعلان، ويؤثر كل بصاحبه.
 

حول الإسلام:
تمحور الحديث هنا حول الإسلام هذا الدّين الذي يسأل البعض عنه لماذا يجب أن يعتنقه، وكان الرّد  أنه يجب أن يتعرّف على سيرة النّبي تجرّد والنظر في دعوة رسول الله محمد(ص) ورسالته الفضلى لأنها هي بذاتها دليل، وقد أعطى عددًا الأمثلة عن مجرى حياته (ص) لتأكيد ذلك . 
ومن بعدها أفرد سمحته فصلًا كاملًا عن كتاب الظّاهرة القرآنيّة للكاتب الجزائري مالك بن نبي، والذي يهدف إلى إثبات نبوة محمد(ص) بالحس والعقل لا بالنصوص والمغيّبات. وعلى الرغم من أن الكتاب مترجم من الفرنسية، وأنّ أسلوبه عتيق يرجع إلى ما قبل المطابع والجرائد، إلا أن سماحته تحدث عن أبرز أفكاره كالظاهرة الدّينيّة، ما وراء الطبيعة، مبدأ النّبوّة، والقرآن الكريم البليغ قلبًا وقالبًا حيث ينقلك من الذّرّة في الصخرة إلى النجم السابع في الفلك، وينتهي بك بالحديث عن الأديان والتشريع.
 

حول البعث:
أجاب ضمن هذا الفصل على من أنكر البعث باعتبار أنّه غير ممكن لأنّ من فات مات أو لاعتبار أنه لم نجد له أي أثر يدل عليه ولم نسمع له صوتًا فكيف يسوغ الإيمان به.
وعلى الشّبهة الأولى كان جوابه أن قانون الطّبيعة يجيز حدوث الخوارق والمعجزات ولا يسوغ لأي عاقل أن يقول أن هذا مستحيل عقلًا لمن حدث وقال: كانت النّار بردًا وسلامًا على فلان وإذا أجاز العقل خرق القوانين الطّبيعيّة فبالأولى أن يجيز إعادة الحياة بعد الموت فهي ليست أكثر من أنها تخالف العرف والعادة.
أما على الشّبهة الثّانية فأجاب عنها أن الإسلام أوجب البعث لهدف الحساب والجزاء على فعل الخير والشّر وهو نتيجة حتميّة للعدالة الإلهيّة.

وأضاف أنّ علماء الطّبيعة اكتشفوا أن خلايا الجهاز العصبي تبقى حيّة بعد موته وأنّه عن طريقها يحس ويشعر بمن حوله لكنه لا يستطيع الحركة والحديث، وهذا ما يفسّر عذاب القبر وما تواتر على لسان أهل التّاريخ أنّ الرّسول الأعظم خاطب القتلى من قريش: هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقًّا.

بين الاجتهاد والتّعصّب:
 تحدّث سماحته ضمن فصل كامل عن بدعة الاجتهاد والتّعصّب في مورد النّص، كما تطرّق إلى التّعصّب عند اليهود باعتبارهم شعب الله المختار، إضافةً إلى ما سجّله التّاريخ من فجائع الكنيسة المسيحيّة في القرون الوسطى، لافتًا إلى مسألة فيتو الكنيسة ضدّ الإنجيل التي أصدرت نصًا صريحًا بتبرأة اليهود من دم المسيح وهي تناقض ما جاء به إنجيل متّى الإصحاح 17 فقرة 26، في وقت كانوا يلعنون اليهود في كل صلواتهم، وقد اتّضح مع الأيّام أن هدف التّبرأة دعم إسرائيل والصهيونيّة. وأضاف أنّ أول من خرج عن مبدأ المساواة واليد الواحدة وفتح باب القتال بين الصّحابة هما طلحة والزّبير في وقعة الجمل وقد دفع العالم الإسلامي ثمنًا فادحًا لهذه الواقعة المشؤومة، عارضًا أمثلة عن التّعصّب المذهبي المقيت.
وفي الفصل الأخير عرض طرفًا من مشكلات نهج البلاغة الّذي احتار فيه البعض عسى أن يكون حافزًا لعالم بياني قدير على أن يؤلّف كتابًا خاصًّا بهذا الموضوع الّذي ينطوي على أدق الحقائق وأعمقها، ومنها وحدة الذّات والصّفات، التّجارة بالصّدقة، الثّقة بالله، القضاء والقدر، ومشكلة الجبر والاختيار.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد

مواقيت الصلاة