ناقة صالح جاء وَصْفُها في القرآن بأنّها معجزةٌ، صَاحَبَتْ دعوةَ صالح حين طَلَبَها قومُه للتصديق: (قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً) (1) وهكذا طَلَبت ثَمود تلك الخارِقة فاستجاب الله لعبده صالح وأَعطاه هذه الخارِقة في صورة ناقة، ولا يَذكر تفصيلاً عنها سِوى كونها بيّنةً من ربّهم وأنّها ناقة الله وفيها آية منه.
قال سيد قطب: ومِن هذا الإسناد نَستلهم أنّها كانت ناقةً غير عاديّة، أو أنّها أُخرِجت لهم إخراجاً غير عاديّ ممّا يَجعلها بيّنةً من ربّهم وممّا يجعل نَسْبتَها إلى الله ذات معنى، ويَجعلها آيةً على صدقِ نبوّته، ولا نَزيد على هذا شيئاً ممّا لم يَرِد ذِكره من أَمرها في هذا المصدر الـمـُستَيقَن، قال: ولا نَخوض في وَصْفِها كما خاضَ الـمـُفسّرون القُدامى؛ لأنّه ليس لدينا سندٌ صحيحٌ نَعتمد عليه في هذا الوَصْف، فنكتفي بأنّها كانت خارِقةً كما طَلبت ثَمود (2).
نعم جاءت الإشارة إلى جانب خارِقيّتِها بشأن قِسْمَة الماء بينهم وبينها: (إِنّا مُرْسِلُوا النّاقَةِ فِتْنَةً لَهُمْ فَارْتَقِبْهُمْ وَاصْطَبِرْ * وَنَبّئْهُمْ أَنّ الْمَاءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ كُلّ شِرْبٍ مُحْتَضَرٌ) (3)، (قَالَ هذِهِ نَاقَةٌ لّهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مّعْلُومٍ * وَلاَ تَمَسّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَظِيم) (4)، قال الحسن: كانت ناقةً من النوق، وكان وجه الإعجاز فيها أنّها كانت تَشرب ماءَ الوادي كلّه في يومٍ (5)، وهو ماءٌ معيّنٌ كان مُخَصَّصاً للشرب.
هذا جُلّ وَصْفِ تلك الناقة الخارِقة حَسبما جاء إجماليّاً في هذا الـمـَصدر الوثيق، أمّا كيف أُخرِجت الناقة، وكيف كان إرسالُها تأَكل في أرضِ الله بِلا أنْ تتعرّض لسوءٍ، وكيف كانت قِسْمَة الماء بينها وبين القوم، والماء لديهم كثير (أَتُتْرَكُونَ فِي مَا هَاهُنَا آمِنِينَ * فِي جَنّاتٍ وَعُيُونٍ * وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ...)؟! (6).
قال الشيخ مُحمّد عَبده - ما مُلخّصه -: دلَّ مجموعُ الآيات على أنّ آيةَ الله في الناقة أنْ لا يَتعرّض لها أحدٌ مِن القَوم بسوءٍ في نفسها، ولا في أَكلها ولا في شُربها، وأنّ ماءَ ثَمود قِسْمَة بينهم وبين الناقة؛ إذ كان الماءُ قليلاً، فكانوا يَشربونه يوماً وتَشربه هي يوماً، ورُوي أنّهم كانوا يَستعيضونَ عنه في يومِها بِدَرِّ لبنِها الوفير، وهي آية لهم!
ولعلّ الماء كان مُعيّناً خاصّاً لشُربهم دون سَقي الأرض والمواشي؛ إذ ذُكِر في سورة القمر مُعرَّفاً بلام العهد: (وَنَبّئْهُمْ أَنّ الْمَاءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ)، وفي الحديث: أنّ النبيّ (صلّى الله عليه وآله) دلَّ المسلمينَ على البِئر التي كانت تَشرب منها الناقة حين مَرّوا بديار ِقومِ صالح في غزوة تَبوك، وأَمَرهم أنْ يَستَقوا منها ويُهَرِقوا ما استَقَوا من غيرها من تلك الآبار، قال العلماء: وقد عَلِمَها بالوحي (7).
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1). ) الأعراف 7: 73.
وصِيغةُ الطَلبِ جاءت في سورة الشعراء 26: 153 - 154 (قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ * مَا أَنْتَ إِلاّ بَشَرٌ مِثْلُنَا فَأْتِ بِآيَةٍ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ).
(2). راجع: في ظِلال القرآن، ج 8، ص 212 وج 19، ص 92.
(3). القمر 54: 27 - 28.
(4). الشعراء 26: 156 - 157.
(5). مجمع البيان، ج 4، ص 440.
(6). الشعراء 26: 146 - 148.
(7). راجع: تفسير المنار، ج 8، ص 502 - 503، وشَطَب على ما وَرَد في الروايات مِن أَوصافٍ في خَلق الناقة وفصيلِها
الشيخ عبد الله الجوادي الآملي
محمد رضا اللواتي
عدنان الحاجي
السيد عباس نور الدين
الشيخ محمد صنقور
الشيخ باقر القرشي
الشيخ محمد جواد مغنية
الشيخ محمد مهدي شمس الدين
الشيخ محمد هادي معرفة
السيد محمد حسين الطهراني
حسين حسن آل جامع
الشيخ عبد الحميد المرهون
الشيخ علي الجشي
ناجي حرابة
عبدالله طاهر المعيبد
جاسم بن محمد بن عساكر
أحمد الماجد
عبد الوهّاب أبو زيد
فريد عبد الله النمر
ياسر آل غريب
علي الأكبر ونموذج الشباب الناجح
صفات القرآن في نظر المعصومين (1)
بين الدين والعلم
تأثير بأبأة الأطفال في تحفيز التفاعل اللغوي وتطوره
لماذا يحتاج القادة إلى اكتشاف أساليب جديدة؟
عليّ الأكبر لم يكن الأكبر!
علي الأكبر: نشأته وترعرعه عليه السلام
جدتي زكية، جديد الكاتبة ولاء الشيخ أحمد
ضرورة التربية
بين عليّ (ع) وبعض أبنائه