قرآنيات

معلومات الكاتب :

الاسم :
الشيخ حسن المصطفوي
عن الكاتب :
من علماء إيران المعاصرين، ولد سنة 1336هـ وتوفي يوم الإثنين 20 جمادي الأولى 1426 هـ عن تسعين سنة، حاصل على شهادة الدكتوراه من كلية الالهيات في تبريز ( المعقول والمنقول). له مؤلفات عديدة منها: rn(التحقيق في كلمات القرآن).

معنى (سيل)‌ في القرآن الكريم

مقا - سيل: أصل واحد يدلّ على جريان وامتداد، يقال سال الماء وغيره يسيل سيلاً وسيلانًا. ومسيل الماء إذا جعلت الميم زائدة: فمن هذا، وإذا جعلت الميم‌ أصليّة فمن باب آخر.

 

مصبا - السيل معروف، وجمعه سيول، وهو مصدر في الأصل من سال الماء يسيل سيلاً من باب باع وسيلانًا: إذا طفا وجرى، ثمّ غلب السيل في المجتمع من المطر الجاري في الأودية، وأسلته إسالة: أجريته. والمسيل: مجرى السيل، والجمع مسايل ومسل، وربّما قيل مسلان. وسال الشي‌ء: خلاف جمد، فهو سايل. وقولهم لا نفس لها سائلة: مرفوعة، لأنّها خبر مبتدأ في الأصل، ولا يجوز النصب على أنّها صفة تابعة لنفس، لأنّ الصفة يجوز حذفها ويبقى الكلام بعدها مفيدًا، وإذا حذفت سائلة: بقي المعنى فاسدًا.

 

التحقيق

 

أنّ الأصل الواحد في هذه المادّة: هو جريان في المائعات أشدّ كمًّا وكيفًا فوق جريان طبيعيّ، والشدّة في كلّ مورد بحسبه.


فيقال سال القطر، وسال الماء، وسال النهر، وسال الشّطّ.


وفي سرى: أنّ السير هو حركة في الظاهر مادّيًّا، والسرى هو حركة في خفاء وسرّ بلا إعلان. والسلك حركة في خطّ مطلقًا.


{أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَابِيًا} [الرعد : 17].


الأودية جمع الوادي وهو كلّ منفرج فيما بين الجبلين أو غيرهما يكون مجرى للسيل، ونسبة السيلان إلى الأودية مجاز، وهذا التعبير شايع كثيرًا في العرف، فيقال جرى النهر، ولا يقال جرى ماء النهر، والمجاز في النسبة إذا كان متداولًا ومستعمًلا في العرف لغرض منظور: يجوز في الكلام المعجز الإلهيّ، لعدم طروّ شبهة فيه مع إعمال الغرض.


وهذا مثل يشار به إلى نزول الماء الروحاني من سماء العالم العلوي، وجريانه في المجاري المختلفة، في كل مرتبة بحسبها.


. . . {كَذٰلِكَ يَضْرِبُ اللّٰهُ الْحَقَّ والباطل} . . . . {كَذٰلِكَ يَضْرِبُ اللّٰهُ‌ الأمثال}.


ومن وجوه اللطف في التعبير ولأودية: أنّ نفس الأودية أيضًا من مصاديق السيلان، بل من أتمّ المصاديق، فإنّ الفيض المنبسط والرحمة السائلة من الحقّ المتعال في المرتبة الأولى: هو نور الوجود، وقد قال تعالى- {مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ} [الأنبياء : 30].


ونور الوجود يفيض منه تعالى على المهيّات المقدّرة المعيّنة والأودية المصوّرة اللازمة المحدودة، بحسب ما كانت مقدّرة في النظام، ثمّ بعدها يسيل منه تعالى أنواع العلم والرحمة والقدرة وغيرها.


ولعلّ التعبير بالسيلان: إشارة الى جريان الفيض دائمًا من مرتبة عالية إلى ما دونها، غير متوقّف في وادي ومورد.


وعلى هذا المعنى فلا يكون في التعبير إسناد مجازيّ أيضًا.

 

{فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ } [سبأ : 16] .


{وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ} [سبأ : 12] .


ولا يبعد أن يكون القطر صيغة فعل من القطر وهو الجريان الضعيف قطرة قطرة، من أيّ جنس كان. وهذه الإسالة إمّا بإرادة اللّٰه تعالى من دون واسطة في مورد خاص أو بالإطلاق أو بإجازته وتقويته ونظره.
_____________________
- مقا = معجم مقاييس اللغة لابن فارس ، 6 ‏مجلدات ، طبع مصر 139 ‏هـ .
- مصبا = مصباح المنير للفيومي ، طبع مصر 1313 هـ .

 

 

 

 

 

 

 

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد