قرآنيات

معلومات الكاتب :

الاسم :
الشيخ حسن المصطفوي
عن الكاتب :
من علماء إيران المعاصرين، ولد سنة 1336هـ وتوفي يوم الإثنين 20 جمادي الأولى 1426 هـ عن تسعين سنة، حاصل على شهادة الدكتوراه من كلية الالهيات في تبريز ( المعقول والمنقول). له مؤلفات عديدة منها: rn(التحقيق في كلمات القرآن).

معنى (كبر) في القرآن الكريم‌

مصبا - كبر الصّبي وغيره يكبر من باب تعب مكبرًا وكبرًا، فهو كبير، وجمعه كبار، والأنثى كبيرة، وفي التفضيل هو الأكبر، وجمعه الأكابر، وهي الكبرى، وجمعها كبر وكبريات. والكبيرة: الإثم، وجمعها كبائر، وجاء أيضًا كبيرات. وكبر الشي‌ء من باب قرب: عظم، فهو كبير أيضًا، وكبر الشي‌ء بضمّ الكاف وكسرها: معظمه. وكبر بالكسر اسم من التكبّر. وقال ابن القوطيّة: الكبر اسم من كبر الأمر والذنب كبرًا. والكبرياء مثله. وكابرته مكابرة: غالبته وعاندته. وأكبرته إكبارًا: استعظمته. وورثوا المجد كابرًا عن كابر، أي كبيرًا‌ شريفًا عن كبير شريف. ويكون أكبر بمعنى كبير، تقول الأكبر والأصغر أي الكبير والصغير.

 

مقا - كبر: أصل صحيح يدلّ على خلاف الصغر، يقال هو كبير وكبار وكبّار. والكبر: معظم الأمر. فأمّا الكبر: فهو القعد، يقال: الولاء للكبر، يراد به أقعد القوم في النسب، وهو الأقرب الى الأب الأكبر. ومن الباب: الكبر، وهو الهرم. والكبر: العظمة.

 

الفروق 150- الفرق بين العظيم والكبير: أنّ العظيم قد يكون من جهة الكثرة ومن غير جهة الكثرة، ولذلك يوصف اللّٰه تعالى بأنّه عظيم، وإن لم يوصف بأنّه كثير.

 

والفرق بين سيّد القوم وكبيرهم: أنّ سيّدهم هو الّذى يلي تدبيرهم، وكبيرهم هو الّذي يفضلهم في السنّ أو الشرف، قال تعالى- {بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ} [الأنبياء : 63] - فيجوز أن يكون الكبير بالسنّ أو بالفضل. والكبير في أسماء اللّٰه تعالى: هو الكبير الشأن الممتنع من مساواة الأصغر له. والكبير: الشخص الّذى يمكن مساواته للأصغر بالتجزئة، ويمكن مساواة الأصغر له بالتضعيف، والصفة بهذا لا يجوز على اللّٰه تعالى.

 

التحقيق

 

أنّ الأصل الواحد في المادّة: هو ما يقابل الصغر، كما أنّ العظيم يقابل الحقير، والكبر والصغر أمران متقابلان نسبيّان، فالكبير يمكن أن يكون صغيرًا بالنسبة إلى ما هو أكبر منه.

 

وأمّا العظيم والحقير: فيلاحظان في أنفسهما ومن حيث هما ولا يجتمعان في مورد وإنّهما ضدّان، وكلّ من الصغير والكبير قد يكون بلحاظ نفسه ومن حيث هو عظيمًا أو حقيرًا.

 

وأمّا الجليل: فهو لا يستعمل إلّا في المعنويّات، بخلاف الكبير و‌العظيم، فيستعملان في الأجسام والمادّيّات، وفي الروحانيّات والمعنويّات. فالكبر في المادّيّات: كما في: {وَلَا يُنْفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً وَلَا يَقْطَعُونَ وَادِيًا} [التوبة : 121]. {إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا} [الإسراء : 23]

 

وفي المعنويّات: كما في: {لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى} [النجم : 18] {لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى} [النجم: 18] وفي اللّٰه تعالى- كما في: {إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا} [النساء : 34] والكبر المطلق: كما في: {وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ} [القمر: 53] فالكبير من أسماء اللّٰه الحسنى: وهو الكبير المطلق الّذى لا حدّ لكبره ولا نهاية لكبريائه، وليس في وجوده أثر من الضعف والصغر، وهو الكبير في ذاته وبذاته وفي صفاته، وهذا المعنى يقرب من مفهوم العلوّ المطلق.

 

وقد ذكر في القرآن المجيد قرينًا بالعلي والمتعال في ستة موارد: {وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ} [لقمان : 30]. {فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ} [غافر: 12]. {عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ} [الأنعام : 73] فالعلي هو المتّصف بالعلوّ المطلق، ويناسب بعد هذا المعنى ذكر مفهوم وأمّا الاستكبار: فهو طلب الكبر، والطلب إمّا إرادي أو طبيعي: فالإرادي: كما في: {وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا} [نوح : 7]. {إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي} [غافر: 60] والطبيعي: كما في: {إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ} [البقرة : 34].

 

والتكبّر: تفعّل، ويدلّ على المطاوعة والأخذ والإظهار، في قبال التفعيل، أي اظهار الكبر من نفسه واختياره: {فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا} [الأعراف : 13]. {كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ} [غافر: 35] وهذه الصفة في العبد من رذائل الصفات الخبيثة، فإنّ العبد الذليل المملوك الفقير المحدود الضعيف لا ينبغي له أن يتكبّر.

 

وهذا بخلاف الربّ القادر الغني المالك العزيز المتعال، فإنّه ينبغي بمقتضى عظمته وجلاله بذاته: أن يظهر كبرًا، ولا يصحّ له أن يظهر منه ما يشعر بصغر وضعف وحدّ، سبحانه وتعالى عنه، فإنّ هذا خلاف الحقّ ويوجب انحرافًا في عقائد خلقه واضطرابًا.

 

{السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ} [الحشر: 23] ولا يخفى أنّ المتكبّر في مقام توصيف الربّ يذكر بعد اسم الجبّار، وأمّا في توصيف العبد فيذكر قبله: {كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ} [غافر : 35] فإنّ الجبّار هو القاهر الغالب النافذ، وهذا المعنى بعد صفة التكبّر غير ملائم، فإنّ النفوذ والقهر والغالبيّة بعد إظهار الكبر: يبلغ إلى التعدّي وإضاعة الحقوق والجابريّة، بخلاف ذكر الكبرياء بعد الجبّاريّة: فإنّ إظهار الكبر يصلح الجبّاريّة والقهر.

 

الكبر. والمتعال هو المستمرّ في العلوّ، فإنّ المفاعلة والتفاعل يدلّ على الاستمرار، والاستمرار في العلوّ يناسب ذكره بعد ذكر اسم الكبير، لا قبله.

 

ثمّ إنّ من وظائف العبد الواجبة في مقام العبوديّة والسلوك إلى رفيع مقام عزّ الربّ وقرب الجلال والجمال: أن يخشع ويخضع ويديم حالة الذلّ والفقر والعبوديّة التامّة، وأن يكبّر اللّٰه عزّ وجلّ ويعظّمه ويجلّله حقّ التجليل.

 

{قُمْ فَأَنْذِرْ (2) وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ} [المدثر : 2، 3]. {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا} [الإسراء : 111] ولا يخفى أنّ تحقّق حالة الذلّ والحقارة والعبوديّة للعبد متوقّف على معرفة جلال الربّ وعظمته وكبريائه، فبمقدار شدّة معرفة كبر الربّ يزيد رؤية الذلّ والفقر في نفس العبد ولنفسه، وما دام لم تتحصّل له تلك المعرفة: لا يمكن له حصول حالة العبودية.

_____________________________
‏- مقا = معجم مقاييس اللغة لابن فارس ، 6 ‏مجلدات ، طبع مصر . 139 ‏هـ.

- مصبا = مصباح المنير للفيومي ، طبع مصر 1313 هـ .

 

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد