من التاريخ

معلومات الكاتب :

الاسم :
السيد جعفر مرتضى
عن الكاتب :
عالم ومؤرخ شيعي .. مدير المركز الإسلامي للدراسات

الإمام علي (ع) وشيعته (2)

ـ ومن خصائص الشيعة العلم والفقه.

 

ـ الجود والكرم. ويدل على هذا، وعلى سابقه: ما روي من أنه دخل عبد الله بن صفوان على عبد الله بن الزبير، وهو يومئذ بمكة فقال: أصبحت كما قال الشاعر: فإن تصبك من الأيام جائحة،لا أبك منك على دنيا ولا دين... فقال: وما ذاك يا أعرج؟ فقال: هذا عبد الله بن عباس يفقه الناس، وعبيد الله أخوه يطعم الناس، فما أبقيا لك؟

 

فأحفظه ذلك، فأرسل صاحب شرطته، عبد الله بن مطيع، وقال له: انطلق إلى ابني عباس، فقل لهما: أعمدتما إلى راية ترابية قد وضعها الله، فنصبتماها؟ بددًا عني جمعكما، ومن ضوى إليكما من أهل الدنيا، وإلا فعلت وفعلت. فقال ابن عباس: ثكلتك أمك، والله ما يأتينا من الناس غير رجلين: طالب فقه، أو طالب فضل. فأي هذين تمنع؟! فقال أبو الطفيل:

 

لا در در الليالي كيف تضحكنا، منها خطوب أعاجيب وتبكينا، ومثل ما تحدث الأيام من غير، يا ابن الزبير عن الدنيا تسلينا،كنا نجيء ابن عباس فيقبسنا، علمًا، ويكسبنا أجرًا ويهدينا، ولا يزال عبيد الله مترعة، جفانه، مطعمًا ضيفًا ومسكينا، فالبر، والدين، والدنيا بدارهما، ننال منها الذي نبغي إذا شينا، إن النبي هو النور الذي كشفت، به عمايات باقينا وماضينا، ورهطه عصمة في ديننا ولهم، فضل علينا وحق واجب فينا، ولست فاعلمه أولى منهم رحمًا، يا ابن الزبير ولا أولى به دينا، ففيم تمنعهم عنا وتمنعنا، عنهم وتؤذيهم فينا وتؤذينا، لن يؤتي الله من أخزى ببغضهم، في الدين عزا ولا في الأرض تمكينا (1)

 

فابن الزبير يعتبر راية العلم، وراية الجود من الروايات الترابية التي اكتسبها أتباع أبي تراب منه «صلوات الله وسلامه عليه».

 

ـ ومن خصائص الشيعة ابتعادهم عن العصبية، فقد قال كثير عزة، حينما قتل آل المهلب بالعقر: ما أجل الخطب!، ضحى آل أبي سفيان بالدين يوم الطف، وضحى بنو مروان بالكرم يوم العقر، ثم انتضحت عيناه باكيًا. فبلغ ذلك يزيد بن عبد الملك، فدعا به، فلما دخل عليه قال: «عليك بهلة الله، أترابية وعصبية»؟! (2).

 

وموقف أهل البيت «عليهم السلام» من العصبيات، ومن التمييز القبلي والعنصري، معروف وواضح. والموقف المغاير من غيرهم واضح أيضًا. وهذا موضوع طويل الذيل، لا مناص لنا من إرجاء الإفاضة فيه إلى فرصة أخرى (3).

 

ـ وكذلك، فإن من خصائص الشيعة «رضوان الله تعالى عليهم»، الابتعاد عن الشراب، فقد ذكروا أن جماعة من الشعراء اجتمعوا ببغداد على نبيذ لهم، وفيهم منصور النمري؛ فأبى منصور أن يشرب معهم، فقالوا: إنما تعاف الشراب لأنك رافضي (4).

 

وقال الجاحظ: «لكل صنف من الناس نسك، فنسك الخصي غزو الروم ونسك الخراساني الحج إلى أن قال: ونسك الرافضي ترك النبيذ وزيارة المشهد» (5).

 

ـ قال الزمخشري: «ليلة الغدير معظمة عند الشيعة، محياة فيهم بالتهجد؛ وهي الليلة التي خطب فيها رسول الله بغدير خم على أقتاب الإبل، وقال في خطبته: من كنت مولاه فعلي مولاه» (6).

 

ـ ومن خصائص الشيعة براعتهم في الأدب والشعر.

 

ـ ومن خصائصهم أيضًا الفاعلية والحيوية، والنشاط في مجال العمل على مستوى التغيير في الأمة. ويدل على هذا الأمر وسابقه قول ابن هاني الأندلسي في مدحه لأبي الفرج الشيباني: شيعي أملاك بكر إن هم انتسبوا، ولست تلقى أديبًا غير شيعي، من أنهض المغرب الأقصى بلا أدب، سوى التشيع والدين الحنيفي (7)

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الأغاني ط ساسي ج 13 ص 168 ، وأنساب الأشراف أيضا ج 3 ص 32.

(2) الأغاني ج 8 ص 6.

(3) راجع كتابنا «سلمان الفارسي في مواجهة التحدي».

(4) الأغاني ج 12 ص 23.

(5) محاضرات الراغب المجلد الثاني ج 4 ص 418.

(6) ربيع الأبرار ج 1 ص 84 85.

(7) راجع : ديوان ابن هاني ، الطبعة الأولى. لكن في طبعة سنة 1405 ه‍. ق ، دار بيروت ص 381 : من أصلح ، بدل من أنهض.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد