السيد عبدالله شبر
إن صفات الكمال والجمال لا تنحصر لأن الخلو عن الكمال نقص، وكل نقص منفي، وكل كمال ثابت له تعالى وإلا لاستحال كونه صانعًا، لأن كل صانع لا يمكن أن يكون صانعًا إلا إذا كان كاملاً في صنعته، فلا بد أن يكون صانع جميع العالم كاملاً بكل كمال بالذات من جميع الجهات.
والمقصود من الصفات الثبوتية نفي أضدادها، إذ صفاته تعالى لا كيفية لها ولا سبيل إلى إدراكها، فالقصور منها جلب أضدادها فهي سلوب في الحقيقة، فمعنى كونه تعالى قادرًا عالمًا أي ليس بعاجز ولا جاهل، لأن العجز والجهل نقصان لا يليق بالكامل بالذات من جميع الجهات وهكذا في جميع الصفات، وأما أن يكون المقصود منها إبطال الحدين أي أنه تعالى ليس معطلاً في القدرة والعلم وغيرها وليس شبيهًا بقادر منا، فإن كون زيد موجودًا سميعًا بصيرًا لا لذاته بل من غيره. وقد جمع اللّه بينهما في قوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: 11].
وكيف كان فقد اتفقت عبارات أهل الكلام في مقدار عددها واختلفت عباراتهم في اعتبار معدودها، فجعلها المحقق الطوسي في تجريده ثمانية وهي القدرة، والعلم، والحياة، والإرادة، والإدراك، والكلام، والصدق، والسرمدية، وجعلها بعضهم هذه، لكن اعتبر موضع الإدراك السمع والبصر ولم يعتبر الصدق، واعتبر البقاء موضع السرمدية، ولا يخفى أولوية اعتبار الإدراك فإنه أعم من السمع والبصر، وكأنه لما رأى أن معنى كونه مدركًا أنه عالم بالمدركات اكتفى عنه بالعلم وآثر ذكر السميع والبصير لورودهما في القرآن العزيز، والإدراك وإن ورد كذلك إلا أنه ورد خاصًّا بالإبصار، والغرض جعله صفة عامة. وأما عدم اعتبار الصدق فلعله للاكتفاء عنه بذكر العدل فإنه يرجع إليه بنوع من الاعتبار.
وجعلها العلامة قدس سره في كتبه الكلامية أيضًا ثمانية: القدرة، والعلم، والحياة، والإرادة، والكراهية، والإدراك، وأنه قديم أزلي باق أبدي، وأنه متكلم، وأنه صادق، فزاد اعتبار الكراهية، ومن اكتفى بذكر الإرادة رأى أن الكراهية هي إرادة الترك، ولذا عدّهما العلامة واحدة وزاد اعتبار القدم والأزلية والأبدية لأنها تفصيل معنى السرمدية، والتفصيل أولى من الإجمال خصوصًا في مقام تعداد صفات الكمال، فإن تعداد الثناء بأربع صفات أبلغ منه بصفة تجمع معنى الأربع، وأما عدّها واحدة فلرجوعها إلى معنى واحد وهو السرمدية.
وبالجملة فوجه الاقتصار على هذه الثمانية مع أن صفاته تعالى كثيرة جدًّا، أن الغرض بيان الصفات الذاتية الحقيقية وما عدا المذكورات، إما إضافة محضة كالخالق والرازق والحفيظ ونحوها، أو ترجع إلى المذكورات كما لا يخفى على أنه يمكن أيضًا رد جميع الصفات إلى القدرة والعلم، فإن الإرادة والكلام يرجعان إلى القدرة وما سواهما إلى العلم، بل يمكن رد الجميع إلى وجوب الوجود.
ومثل هذا قال الشهيد الثاني رحمه اللّه قال: وعلى هذا فيمكن أن يقال يكفي في معرفة اللّه تعالى اعتقاد وجوب وجوده وقدرته وعلمه، بل اعتقاد وجوب وجوده وبالجملة فالحق أن صفاته تعالى اعتبارات نحدثها عند عقولنا عند مقايسة ذاته تعالى إلى غيرها، ونظرًا إلى آثاره الصادرة عنه تعالى أنه لما أوجد مقدورًا صادرًا عنه تعالى اعتبر له قدرة كما في الشاهد، وهكذا حيث وجد هناك معلومًا اعتبر له علم إلى غير ذلك وإلا فذاته المقدسة لا صفة لها زائدة عليها وإلا لزم كونها محلًّا لغيره إن قامت به، وقيام صفته بغيره إن لم تقم به، وكلاهما بديهي البطلان وعدم قيامها بشيء بل بنفسها أظهر بطلانًا، فالكل راجع إلى كمال الذات المقدسة وغنائها.
لكن لما كانت عقول الخلق متفاوتة في الاستعداد حتى إنه تدرك كثرة عصمة من اطلعت على كثرة صفاته الجميلة كما هو الواقع في الشاهد لو حظت هذه الصفات والاعتبارات ليتوصل بها الخلق إلى معرفة خالقهم على حسب استعدادهم، ثم إنه قد ينكشف عليهم بسببها أنوار كبريائه عند الإحاطة بحقائقها وأنها ليست إلا اعتبارات فلا يجدون في الوجود إلا ذاتًا واحدة واجبة مقدسة كما أشار إليه أمير المؤمنين عليه السّلام بقوله (وتمام توحيده نفي الصفات عنه لشهادة كل صفة أنها غير الموصوف وبشهادة كل موصوف أنه غير الصفة) وحينئذ فلا حرج في اختلاف العبارات في تعداد هذه الصفات، فإن الغرض منها تقريب معرفة الواحد إلى أفهام التوحيد.
الشيخ محمد صنقور
الشيخ جعفر السبحاني
الشيخ حسن المصطفوي
السيد عبد الأعلى السبزواري
الشيخ محمد مهدي النراقي
الفيض الكاشاني
الشيخ شفيق جرادي
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
السيد محمد حسين الطبطبائي
الشيخ حسين الخشن
حبيب المعاتيق
فريد عبد الله النمر
حسين حسن آل جامع
عبدالله طاهر المعيبد
ناجي حرابة
أحمد الرويعي
حسين آل سهوان
أسمهان آل تراب
أحمد الماجد
علي النمر
ابن الحنفية وتوهُّم الإمامة!
العدل في الكتاب والسّنّة
بيان الصفات الثبوتية
معنى (بيع) في القرآن الكريم
{لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ}
التوحيد يقتلع جذور الخوف من غير الله تعالى
الذريعة إلى تصانيف الشيعة: مرجعية موسوعية نادرة لكتب الإمامية
بواعث الغيبة
الصبر في المصائب
ظاهرة العنف: المفهوم والملابسات التاريخيّة