وإذا كان لنا أن نطابق بين العقل النبويِّ وحقيقة العقل الكلّيِّ، سيظهر لنا كيف أنَّ إلقاء الوحي على النفس القدسيَّة هو ضربٌ من الاصطفاء الإلهيِّ لأشخاص ترفَّعت نفوسهم عن دَنَسِ الطبيعة ودَرَنِ المعاصي، وتطهَّرت عن الرذائل الخُلقيَّة. فالله تعالى ينظر إليها بُحسن عنايته، ويُقبل عليها إقبالًا كليًّا، ويتَّخذ منها لوحًا، ومن العقل الكلِّيِّ قلمًا، وينقش من لدنه فيها جميع العلوم كما قال (وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا)
ولأنَّ الوحي حضورٌ مطويٌّ في مكنون الألوهية فإنَّ وجه الامتياز في التعرُّف عليه، هو في كونه علمًا سرَّانيًّا (من السرِّ)؛ أي أنَّه علم كامن في السريرة، ومعرفته على وجهين: إمَّا بالنظر والاستدلال، أو بالتصديق والتسليم. إلَّا أنَّه بوجهيه المذكورين يؤلِّف وحدة علميَّة، ولو تقدّم فيها الوجه العمليُّ كاختبار باطنيٍّ، على النظريِّ كتعبير لسانيٍّ لاحق عن التجربة. لهذا لا يمكن الفصل بين هذين الوجهين بحال من الأحوال.
ذاك يدل على أنَّ كلَّ أمر وحيانيٍّ يفكَّر فيه ويُنظر إليه بتعقُّل، هو أمرٌ عقليٌّ ولو لم يدخل في نطاق العقل الحاسب ونظامه الاستدلاليّ. ونميل إلى الاعتقاد أنَّ كلَّ قضيَّة تُقاربُ على قاعدة مفاهيميَّة، جدير بها أن تسمَّى قضيَّة عقلانيَّة. فعندئذٍ تصير قضيَّة الوحي والألوهيَّة طبقًا للمقتضيات الآنفة الذكر، قضيَّة ذات طبيعة عقلانيَّة.
تلحظ الميتافيزيقا البَعدية مائزًا جوهريًّا بين إله الفلسفة والله الموحي كما يعبّر عنه في الدين. من ذلك، سيعكف الآخذ بدربتها على التفريق بعمق بين وثنيَّة “الُّلوغوس” والتوحيد الوحيانيّ. ومن هذه المنزلة بالذات، تبتدئ إرهاصات هجرة عقليَّة مشرَّعة الآفاق ستحمله على الانتقال من ضيق الفلسفة كعقلٍ أدنى إلى سِعة الوحي. كمعرفة عليا.
حقل الاستغراب السلبي، وغايته نقد ظاهرة التبعية الفكرية من خلال دراسة أعمال الباحثين والمفكرين والأكاديميين في العالمين العربي والإسلامي، لا سيما وأن أولئك تماهوا مع المنهج الاستشراقي وأنتجوا منظومات تفكير انتهت إلى كونها نسخة محلية عن صياغات العقل الغربي الكولونيالي للشرق.
التفكير المشرقي والإسلامي اليوم مدعوّ إلى التحرر من غواية المفاهيم التي استورثها في غفلة من زمن، ثم استيقنها حتى ركزت في أعماق نظامه المعرفي. كانت ثنائيات مفاهيمية كمثل الإيمان والإلحاد، والغيب والواقع والدين الدنيا، والحدث والفكر، أشبه بحُجُب تشيّأ تفكير المستغربِ العربي بسببها، وترسّخ كسله، وحالت بينه وبين استقلاله الفكري مفاهيم ومصطلحات وفدت واستوطنت، حتى أرقدته في كهف الغربة.
في حقبة الحداثة الفائضة التي نشهد وقائعها اليوم، سنجد كيف تهافَتَ التأويلُ العقلانيّ لتصيرَ معه صورة الإنسان الحديث أقربَ إلى وجهٍ مشوَّهٍ وسط َلوحةٍ سيرياليّةٍ تعكس السخط على الذات وعلى العالم معاً. ففي عصر التقنية الجائرة ستتخذ المجتمعات المعاصرة سبيلها إلى انزلاقات باتت معها أدنى إلى أوعية متّصلة عصيَّة على فهمِ راهنِها والمقبلِ من أيامها.
لا شيء في عالم المفاهيم إلا وله حجَّةٌ وغاية. والذين يساجلون في تبرئةِ المفهوم من التحيُّز، ربما يغفلون، بدراية أو من دون دراية، عن النتائج المترتِّبة على آليات استخدامه. ففي حقل الاستخدام يَبينُ على نحو لا يقبل الرَّيْب، ما إذا كان هذا المفهوم أو ذاك محايداً، أو أنه مجرد ذريعة لإضفاء المشروعية على هوية المتحيِّز ونظامه القيمَي.
أخذ هيغل عن الأسلاف معثرته الكبرى. فكان بذلك أرسطياً بقدر ما كان ديكارتياً وكانطياً في تمارينه الفلسفيَّة. من بعدِ ما أضناه مبحثُ الوجود بذاته سيعرض هيغل عن ورطته اللاهوتيَّة ليحكم على الوجود بالخلاء المشوب بالعدم. فلا وجود عنده إلا ما هو ظاهرٌ وواقعٌ تحت مرمى الأعين. وفي هذا لم يأتِ بجديد يَفْرُق بينه وبين السلف. ليس ثمة على ما يبدو من مائز جوهري بينه وبينهم. أخذ عنهم دربتهم ثم عكف على مجاوزتهم حتّى اختلط الأمر عليه حدّ الشبهة.
شعر وهو يمضي في المخاطرة كأنما امتلك عقلاً حراً، بعدما ظن أنه تحرَّر تماماً من رياضيات ديكارت. راح يرنو إلى الإمساك بناصيتها ليدفعها نحو منقلب آخر. لكن حين انصرف إلى مبتغاه لم يكن يتخيل أن (الكوجيتو الديكارتي) رَكَزَ في قرارة نفسه ولن يفارقها قط. ربما غاب عنه يومئذٍ أن تخلِّيه عن منهج ديكارت الرياضي لن ينجيه من سطوة (الأنا أفكر) ولو اصطنع لنفسه منهجاً آخر.
من أظهر السمات التي يمكن استخلاصها من اختبارات العقل الغربي، أنه صنع مدائن الحداثة ثم ما لبث حتى وقع في أسرها. كما لو أنه آنَسَ إلى صنعته حتى صارت له أدنى إلى كهوف ميتافيزيقيَّة مغلقة. ومع أن مساءلة الذات في التجربة التاريخيَّة للحداثة أنتجت تقليداً نقدياً طاول مجمل مواريثها الفكريَّة وأنماط حياتها
عدنان الحاجي
الشيخ محمد جواد مغنية
السيد جعفر مرتضى
الشيخ محمد صنقور
محمود حيدر
الشيخ عبد الله الجوادي الآملي
الشيخ حسين مظاهري
الشيخ جعفر السبحاني
حيدر حب الله
السيد محمد حسين الطهراني
حبيب المعاتيق
حسين حسن آل جامع
شفيق معتوق العبادي
جاسم بن محمد بن عساكر
عبدالله طاهر المعيبد
رائد أنيس الجشي
ناجي حرابة
الشيخ علي الجشي
السيد رضا الهندي
عبد الوهّاب أبو زيد
كيف تؤثّر أذواقنا الشّخصيّة في إبداعنا؟
الاثنا عشريّة وأهل البيت عليهم السلام (1)
العوامل المساعدة على انتصار الإسلام وانتشاره (1)
دور صلاة الجماعة في البناء الاجتماعي
بالإيحاء.. كان الوجود كلّه (3)
سرّ القنوت والتّشهّد والتّسليم في الصّلاة (3)
بحث عن عالم البرزخ والنّفخ في الصّور والكوثر (3)
الإمام الهادي (ع) الشّخصيّة المؤثّرة، جديد الشّيخ عبدالله اليوسف
المعاهدات في الإسلام (3)
بحث عن عالم البرزخ والنّفخ في الصّور والكوثر (2)