
العجيب هو اختلاف الآراء وتباين النظريّات بشأن حقيقة المادّة؛ نعم، هذه المادّة نفسها التي يحنون الرؤوس تعظيماً لها، ويحصرون الموجودات فيها، فجعلوها مقابل الله الأزليّ الأبديّ عَلَماً يُثبتون لها أعلى صفات الألوهيّة من الأزليّة والأبديّة. ولقد جهدوا في الكفر بالله الربّ الخالق وساقوا أنفسهم أذلّاء تابعين لهذه المادّة الصمّاء عديمة الشعور.
لقد اتّفق رأي طبيعيّي العالم وماديّيه وكلمتهم ابتداءً على أنّ المادّة لا تفنى ولا تضمحلّ، وكانوا يتمسّكون بهذا الرأي ويصرّون عليه لدرجة يعجب المرء منها ويحار؛ ثمّ أثبت جوستاف لوبون أنّ المادّة تفنى وتضمحلّ وتتحلّل، وأنكر هانس ومالبرانش وطومسون من الأصل تلك الذرّات الصغار والجواهر التي اعتبرت المادّة مكوّنة من تركيبها، وقالوا إنّ حقيقة المادّة ليست أجزاءً صغاراً وذرّات دقيقة مرتبطة ومركّبة ببعضها، بل هي نوع من الحركة في الأثير، «1» أو نوع من الاضطراب والاهتزاز أو الأمواج التي توجد في الأثير.
ولقد نفى جوستاف لوبون حتى هذا النوع من الوجود للمادّة أيضاً، وكان رأيه أنّ المادّة هي مخازن للقوّة تتمكّن فيها لا غير، واعتبرها إسبِرِن دينلدر عبارة عن خُلل وفتحات توجد في انتظام دقائق الأثير.
وقد أنكروا في الحقيقة بهذا النمط من الآراء والنظريّات وجود المادّة، واستنكفوا عن معبودهم الأزليّ، فوجّهوا وجوههم إلى قبلة أخرى هي الأثير، هذا الأثير الذي كانوا ابتداءً ينكرون أصل وجوده وتحقّقه، ولا يعرفون له وجوداً إلّا بمقدار ما تستخدمه المادّة، وبمقدار الميدان لحركتها ومرآة تجلّي مظاهر قدرتها وقوّتها.
ثمّ بقي الأثير أيضاً مدّة ينتظر حلول يوم نحسه وإدبار حظّه لينزلوا به ما أنزلوه بالمادّة، وليهبطوا به من علياء عرشه وسلطان قوّته واقتداره، ويخلعوا عنه رداء الأزليّة والأبديّة، ويعلّقونه قهراً وجبراً على خشبة إعدام التجزئة والتفرقة والفناء والاضمحلال، وينكرون أصل وجوده تماماً كما فعل بوانكاره، حيث جاء وأبدل الأثير بآخر يحلّ محلّه ويقوم مقامه، فأناطوا إلى الأمر والنهي. نعم؛ وَكُلُّ آتٍ قَرِيبٌ.
وها نحن بعد مرور مائة وخمسين سنة مرّت - من زمن أينشتاين حتى اليوم - لا نسمع عن الأثير شيئاً، بل ونرى علم الفيزياء يرفض الأثير ولا يقرّ به.
وكما حكم جماعة بفناء المادّة واضمحلالها، فإنّ آخرين قد سلبوا عنها صفة بساطتها، فقالوا إنّ أجزاء المادّة وذرّاتها الصغيرة التي تشكّل جوهرها ليست بسيطة، بل إنّ كلًّا من هذه الذرّات الصغيرة التي تدعى بالجزيئات تمتلك نواة مركزيّة تدعى البروتون ومركّبة من ألف جزء من الشحنة الكهربائيّة الموجبة، يدور حول هذه النواة دقائق تحمل الشحنة الكهربائيّة السالبة يُدعى كلُّ منها ب - الإلكترون. «1» ثمّ جاء بعد ذلك آخرون وقالوا إنّ المادّة ليست إلّا أمواجاً حركيّة، فلا شيء منها في العالم إلّا نفس الحركة، وإنّنا نشاهد اختلاف الصور والأشكال والأشياء في الخارج لاختلاف نوع الحركة التي نسمّيها أمواجاً.
فلو كان هذا الاختلاف في المادّة الذي أوجدوه يتعلّق بالمادّة نفسها لما كان مهمّاً، لكنّ هذه الآراء الأخيرة تسبّب تحطّم وانهيار أساس بحث واستدلال الفلاسفة المادّيّين لقرون متمادية وعصور طويلة.
ومن بين المسائل التي صارت مورد بحث المحافل والمدارس هي مسألة أصل نوع الإنسان، وأنّه مِمَّ خُلق؟ فهل ولد من أب وأمّ معيّنين؟ أم تدرّج من طبقات الحيوانات السابقة الواحدة تلو الأخرى حتى انتهى إلى نوع البشر؟!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1). لقد توصّل الكيميائيّون سابقاً إلى أنّ الجزيء كأصغر قطعة من الأجسام، وهو عبارة عن ذرّة صغيرة لا تُرى بالعين المجرّدة، وإذا ما حاولنا تحطيمه فإنّه سيفقد خواصّه الأوّليّة، وإذا ما أردنا تقسيم هذا الجزيء فلن نحصل على جزيء آخر، إذ إنّه مركّب من دقائق صغيرة جدّاً تدعى بالذرّات. وكان علماء الفيزياء والكيمياء يعتقدون إلى ما قبل تسعين عاماً أنّ الجزيء هو أصغر تقسيمات المادّة، ثمّ توصّل الكيميائيّون عند تجاربهم على المحاليل المخفّفة الكيميائيّة، والفيزيائيّون في تجاربهم لإمرار تيّار كهربائيّ داخل محلول كيميائيّ، توصّلوا إلى وجود أقسام أصغر تتكوّن منها المادّة تدعى بالذرّات.
وتوصّلوا إلى أنّ الذرّة الواحدة التي يصغر قطرها عن جزء من عشرة آلاف جزء من الملّيمتر هي نفسها عالم عجيب، فلها مركز كالشمس يُدعى البروتون تدور حوله ذرّات تُدعى إلكترونات بسرعة هائلة تحمل جميعها الشحنة السالبة؛ وأنّ طاقة الذرّة كبيرة إلى الحدّ الذي يدّخر غرام واحد من التراب طاقة تزيد على حاصل عمل المحطة الكهربائيّة في طهران لمدّة سنة كاملة.
ولقد أوضحت التحقيقات الجديدة قبل أربعين سنة أنّ النواة هي أيضاً بدورها مركّبة من دقائق تحمل الشحنة الموجبة وهي البروتونات، ودقائق عديمة الشحنة تشبه الإلكترونات (النيوترونات). فهذه جميعها تكوّن الشحنة الكهربائيّة بمعنى الطاقة.
حقيقة التوكّل
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
الحق والباطل: ماء راسخ وزبد يزول
الشيخ جعفر السبحاني
معنى (أمس) في القرآن الكريم
الشيخ حسن المصطفوي
أصول التعامل الناجح مع الوالدين
السيد عباس نور الدين
ظاهرة الباريدوليا: لماذا نتوهم رؤية وجوه على الأشياء وما هي تطبيقاتها العمليّة الممكنة؟
عدنان الحاجي
{حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ..} كيف يُنسب اليأس للرسُل؟
الشيخ محمد صنقور
أَمَرْنا مُتْرَفِيها!
الشيخ محمد جواد مغنية
أنت أيضًا تعيش هذا النّمط الخطير من الحياة!
الشيخ علي رضا بناهيان
رأس العبادة، آدابٌ للدعاء
الشيخ شفيق جرادي
الملائكة وسائط في التدبير
السيد محمد حسين الطبطبائي
الحوراء زينب: قبلة أرواح المشتاقين
حسين حسن آل جامع
على غالق
حبيب المعاتيق
أيقونة في ذرى العرش
فريد عبد الله النمر
سأحمل للإنسان لهفته
عبدالله طاهر المعيبد
خارطةُ الحَنين
ناجي حرابة
هدهدة الأمّ في أذن الزّلزال
أحمد الرويعي
وقف الزّمان
حسين آل سهوان
سجود القيد في محراب العشق
أسمهان آل تراب
رَجْعٌ على جدار القصر
أحمد الماجد
خذني
علي النمر
حقيقة التوكّل
الحق والباطل: ماء راسخ وزبد يزول
معنى (أمس) في القرآن الكريم
طلاء شفّاف لتحويل النوافذ إلى ألواح شمسية بشكل غير مرئي
أصول التعامل الناجح مع الوالدين
ظاهرة الباريدوليا: لماذا نتوهم رؤية وجوه على الأشياء وما هي تطبيقاتها العمليّة الممكنة؟
آل سعيد: لا تفاقموا مشكلات المراهقين
حقيقة التّكبّر
معنى (فره) في القرآن الكريم
{حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ..} كيف يُنسب اليأس للرسُل؟