قرآنيات

تفسير الآيات من 1 إلى 5 من سورة الأنبياء


الفضل بن الحسين الطبرسي ..
اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مَّعْرِضُونَ ﴿1﴾ مَا يَأْتِيهِم مِّن ذِكْرٍ مَّن رَّبِّهِم مُّحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ ﴿2﴾ لَاهِيَةً قُلُوبُهُمْ وَأَسَرُّواْ النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ هَلْ هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنتُمْ تُبْصِرُونَ ﴿3﴾ قَالَ رَبِّي يَعْلَمُ الْقَوْلَ فِي السَّمَاء وَالأَرْضِ وَهُوَ السَّمِيعُ يمُ ﴿4﴾ بَلْ قَالُواْ أَضْغَاثُ أَحْلاَمٍ بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ الأَوَّلُونَ ﴿5﴾
القراءة:
قرأ حمزة والكسائي وحفص قال ربي بالألف والباقون قل ربي.

الحجة:
من قرأ ﴿قال﴾ فإنه على إضافة القول إلى الرسول والخبر عنه ومن قرأ قل فإنه على الخطاب.

الإعراب:
﴿من ذكر﴾ في موضع رفع ومن مزيدة.
﴿من ربهم﴾ صفة لذكر فيجوز أن يكون في موضع جر على لفظه ويجوز أن يكون في موضع رفع على محل الجار والمجرور.
﴿استمعوه﴾ في محل النصب على الحال بإضمار قد وتقديره ما يأتيهم ذكر رباني إلا مستمعا.
﴿وهم يلعبون﴾ حال من الواو وفي استمعوه.
﴿لاهية قلوبهم﴾ حال من الواو في ﴿يلعبون﴾ وإن شئت كان حالا بعد حال وقوله ﴿وأسروا النجوى الذين ظلموا﴾ موضع الذين ظلموا يجوز أن يكون رفعاً على وجوه (أحدها) أن يكون على البدل من الواو في أسروا (والثاني) أن يكون مرفوعاً على الذم فيكون خبر مبتدأ محذوف أي هم الذين ظلموا (والثالث) أن يكون فاعل أسروا على لغة من يقول أكلوني البراغيث وتكون الواو في أسروا حرفا لعلامة الجمع كالتاء في قالت ولا يكون اسماً ويجوز أن يكون في موضع نصب على الذم بإضمار أعني.


المعنى:
﴿اقترب للناس حسابهم﴾ اقترب افتعل من القرب والمعنى اقترب للناس وقت حسابهم يعني القيامة كما قال ﴿اقتربت الساعة﴾؛ أي دنا وقت محاسبة الله إياهم ومسألتهم عن نعمه هل قابلوها بالشكر وعن أوامره هل امتثلوها وعن نواهيه هل اجتنبوها، وإنما وصف ذلك بالقرب لأنه آت وكل ما هو آت قريب، ولأن أحد أشراط الساعة مبعث رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فقد قال بعثت أنا والساعة كهاتين، وأيضا فإن الزمان يقرب بكثرة ما مضى وقلة ما بقي فيكون يسيراً بالإضافة إلى ما مضى ﴿وهم في غفلة﴾ من دنوها وكونها ﴿معرضون﴾ عن التفكر فيها والتأهب لها وقيل عن الإيمان بها وتضمنت الآية الحث على الاستعداد ليوم القيامة، ﴿ما يأتيهم من ذكر من ربهم﴾ يعني القرآن ﴿محدث﴾ أي محدث التنزيل مبتدأ التلاوة كنزول سورة وآية بعد آية ﴿إلا استمعوه وهم يلعبون لاهية قلوبهم﴾ أي لم يستمعوه استماع نظر وتدبر وقبول وتفكر، وإنما استمعوه استماع لعب واستهزاء، وقال ابن عباس معناه يستمعون القرآن مستهزئين غافلة قلوبهم عما يراد بهم، ﴿وأسروا النجوى﴾ أي تناجوا فيما بينهم يعني المشركين ثم بين من هم فقال ﴿الذين ظلموا﴾ أي أشركوا بالله ثم بين سبحانه سرهم الذي تناجوا به فقال ﴿هل هذا إلا بشر مثلكم﴾؛ أي أنه آدمي مثلكم ليس مثل الملائكة ﴿أفتأتون السحر وأنتم تبصرون﴾ أي أفتقبلون السحر وأنتم تعلمون أنه سحر نفروا الناس عنه بشيئين (أحدهما) أنه بشر (والآخر) أن ما أتى به سحر وقيل إن أسروا معناه أظهروا هذا القول فإن هذا اللفظ مشترك بين الإخفاء والإظهار، والأول أصح ثم أمر سبحانه نبيه فقال ﴿قال﴾ يا محمد ﴿ربي﴾ الذي خلقني واصطفاني ﴿يعلم القول في السماء والأرض﴾ أي يعلم أسرار المتناجين لا يخفى عليه شيء من ذلك ﴿و هو السميع﴾ لأقوالهم ﴿العليم﴾ بأفعالهم وضمائرهم ﴿بل قالوا أضغاث أحلام﴾ بل للإضراب عما حكى سبحانه، أنهم قالوه أولا وللإخبار عما قالوه ثانياً أي قالوا إن القرآن تخاليط أحلام رآها في المنام عن قتادة ﴿بل افتراه﴾ أي ثم قالوا لا بل افتراه أي تخرصه وافتعله ﴿بل هو شاعر﴾ أي ثم قالوا بل هو شاعر وهذا قول المتحير الذي بهره ما سمع، فمرة يقول سحر ومرة يقول شعر ومرة يقول حلم، ولا يجزم على أمر واحد وهذه مناقضة ظاهرة. ﴿فليأتنا بآية كما أرسل الأولون﴾ معناه فليأتنا بآية ظاهرة يستدركها الخاص والعام كما أتى بها الأولون من الأنبياء، قال ابن عباس بآية مثل الناقة والعصا وقال الزجاج اقترحوا بالآيات التي لا يكون معها إمهال وفي قوله سبحانه ﴿ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث﴾ دلالة ظاهرة على أن القرآن محدث لأنه تعالى أراد بالذكر القرآن بدلالة قوله ﴿وهذا ذكر مبارك أنزلناه﴾ وقوله ﴿إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون﴾ وقد وصفه بأنه محدث ويوضحه قوله ﴿ألا استمعوه﴾.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد