
الشيخ مرتضى الباشا
قال الله سبحانه: (وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَن يَشَاءُ وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ) الرعد: 13.
فما معنى (شديد المحال)؟
وجاء في وصف القرآن الكريم:
عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله): (فإذا التبست عليكم الفتن كقطع الليل المظلم فعليكم بالقرآن، فإنّه شافع مشفع، وماحلٌ مصدّقٌ، ومن جعله أمامه قاده إلى الجنة، ومن جعله خلفه ساقه إلى النار) الكافي 2: 599.
وأيضًا روى أهل السنة عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله): (القرآنُ شافعٌ مشفَّعٌ، وماحِلٌ مصدَّقٌ، من جَعلَه أمامَه قادَه إلى الجنَّةِ، ومن جعلَه خَلفَ ظهرِه ساقَه إلى النَّارِ) صحّحه الألباني، في (صحيح الترغيب) برقم 1423.
فما معنى (ماحل مصدّق)؟
وروي من أدعية السيدة الزهراء (عليها السلام) في يوم الاثنين: (اللهم إنّي أسألك قوة في عبادتك، وتبصّرًا في كتابك، وفهمًا في حكمك، اللهم صلّ على محمد وآل محمد، ولا تجعل القرآن بنا ماحلاً، والصراط زائلاً، ومحمدًا صلّى الله عليه وآله عنا موليًا) صحيفة الزهراء: 148.
فما معنى (ولا تجعل القرآن بنا ماحلاً)؟
قال ابن منظور: (والمِحالُ: الكَيْد، ورَوْمُ الأَمرِ بالحِيَل. ومَحِل به يَمْحَل مَحْلاً: كاده بسِعاية إِلى السلطان. قال ابن الأَنباري: سمعت أَحمد بن يحيى يقول: المِحال مأخوذ من قول العرب مَحَل فلان بفلان أَي سَعَى به إِلى السلطان وعَرَّضه لأَمر يُهْلِكه، فهو ماحِل ومَحُول. والماحِلُ: الساعي؛ يقال: مَحَلْت بفلان أَمْحَل إِذا سعيت به إِلى ذي سلطان حتى تُوقِعه في وَرْطة ووَشَيْتَ به) لسان العرب 11: 618..
وقال المحقق المصطفوي: (إنّ الأصل الواحد في المادّة: هو التضيّق من جهة النعمة والسعة مطلقًا. ومن مصاديقه: تضيّق في الطعام والغذاء. تضيّق في السنة وشدّة وجدب. تضيّق ويبس في الأرض والنبات. تضيّق واحتباس في المطر. تضيّق من جهة الصفات الباطنيّة وظهور الغضب والحدّة. وتضييق في عيش الناس وتشديد في حياتهم بالكيد والحيلة والمكر والتدبير السيّء والعقاب والسعاية والمعاداة.
فالأصل في المادّة ما ذكرنا، وهو يختلف بحسب اختلاف الموضوعات، ففي كلّ شيء يتحقّق التضيّق بحسب خصوصيّة حياته ووجوده) التحقيق في كلمات القرآن الكريم 11: 41.
والحاصل:
أولاً: قال عزّ وجلّ (وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ).كما أنّ الكفار يجادلون في الله، ليبطلوا كلمات الله سبحانه، وإفساد دعوة الأنبياء والمرسلين، فإنّ الله تعالى يقابل سعيهم ذلك بشدة التضييق عليهم لإبطال سعيهم، وإزهاق باطلهم، وكشف زيغهم وفسادهم.
نظير قوله تعالى (وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ) الأنفال: 30، (إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا وَأَكِيدُ كَيْدًا) الطارق: 15-16، (يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ) التوبة: 32.
ثانيًا: (فعليكم بالقرآن، فإنّه شافع مشفع، وماحلٌ مصدّقٌ، ومن جعله أمامه قاده إلى الجنة، ومن جعله خلفه ساقه إلى النار).
ذيل الحديث يشرح بدايته.
من اتبع القرآن الكريم، وعمل به، وجعله أمامه في الدنيا، فإنّ القرآن الكريم يشفع له يقوم القيامة، وشفاعته مقبولة عند الله سبحانه، وهذا معنى (شافع مشفع).
ومن أعرض عن القرآن الكريم، وهجره، وابتعد عنه، وخالفه، وجعله خلفه، فإنّ القرآن الكريم يأتي يوم القيامة يشتكي عليه عند الله، والله يقبل الشكوى ويصدّقه، ويكبّ ذلك الإنسان في النار، وهذا معنى (ماحل مصدّق).
قال عزّ وجلّ (ذَٰلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الْآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ) آل عمران: 58. فالقرآن الكريم، هو الذكر، وهو مصداق بارز من ذكر الله تعالى. وقال سبحانه (وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَىٰ قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَىٰ وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا قَالَ كَذَٰلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَٰلِكَ الْيَوْمَ تُنسَىٰ) طه: 124- 126.
ثالثًا: معنى (ولا تجعل القرآن بنا ماحلاً): أي لا تجعل القرآن شاكيًا ضدنا يوم القيامة. وهذا بمعنى الدعاء للتوفيق لإقامة علاقة إيجابية متينة بالقرآن الكريم، بحيث لا يكون هناك داعٍ ليشتكي ضدنا.
معنى (وفق) في القرآن الكريم
الشيخ حسن المصطفوي
الصدقات وعجائب تُروى
عبدالعزيز آل زايد
حقوق الرعية على الوالي عند الإمام عليّ (ع)
الشيخ محمد مهدي شمس الدين
صفة الجنة في القرآن الكريم
الشيخ محمد جواد مغنية
لماذا ينبغي استعادة أفلاطون؟ (1)
محمود حيدر
معـاني الحرّيّة (4)
الشيخ محمد مصباح يزدي
(الغفلة) أوّل موانع السّير والسّلوك إلى الله تعالى
الشيخ عبد الله الجوادي الآملي
النسيان من منظور الفلسفة الدينية (2)
الشيخ شفيق جرادي
(مفارقة تربية الأطفال): حياة الزّوجين بحلوها ومرّها بعد إنجابهما طفلًا من منظور علم الأعصاب الوجداني
عدنان الحاجي
يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ!
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
السيدة الزهراء: حزن بامتداد النّبوّات
حسين حسن آل جامع
اطمئنان
حبيب المعاتيق
أيقونة في ذرى العرش
فريد عبد الله النمر
سأحمل للإنسان لهفته
عبدالله طاهر المعيبد
خارطةُ الحَنين
ناجي حرابة
هدهدة الأمّ في أذن الزّلزال
أحمد الرويعي
وقف الزّمان
حسين آل سهوان
سجود القيد في محراب العشق
أسمهان آل تراب
رَجْعٌ على جدار القصر
أحمد الماجد
خذني
علي النمر
معنى (وفق) في القرآن الكريم
الصدقات وعجائب تُروى
حقوق الرعية على الوالي عند الإمام عليّ (ع)
صفة الجنة في القرآن الكريم
لماذا ينبغي استعادة أفلاطون؟ (1)
معـاني الحرّيّة (4)
عبير السّماعيل تدشّن روايتها الجديدة (هيرمينوطيقيّة أيّامي)
(الغفلة) أوّل موانع السّير والسّلوك إلى الله تعالى
معنى (منى) في القرآن الكريم
ثلاث خصال حمدية وثلاث قبيحة