
الشهيد مرتضى مطهري ..
لمحةٌ تاريخيّة
قد يستغرب بعض الناس ما في اعتقاد المسلمين من أنّ العلاقة بين الزوجين إحدى الأدلّة الواضحة على وجود الله سبحانه وتعالى، فقد جاء في القرآن الكريم قول الله تعالى:﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً﴾.
وفي هذا الشأن نقرأ ونسمع بوجود شرائع تعتبر العلاقة الجنسيّة شرّاً في الأصل، أو أنها تصوّر العلاقة الزوجيّة بين زوجين شرعيّين على أنها سبب للضياع والسقوط.
1 ـ العلاقة الزوجيّة قديماً
والأعجب من كل هذا ما ذكره وأكّد عليه الفيلسوف الاجتماعي برتراند/ راسل، وهو وجود مذاهب في العصور القديمة خالفت مسألة العلاقة الجنسيّة بين الزوجين، حيث اعتبرت أنّ الخبث والضياع ملازمان لكل علاقة زوجيّة. وفي هذا الإطار أيضاً ظهرت مذاهب دينية مسيحية كانت تدعو إلى التبتّل والعزوبة، ووُجدَت مذاهب أخرى أكدّت على الزهد والتنسّك. وانتشرت من إيران نحو الشرّق عقيدة تعتبر المادة أساسَ الضياع، وأنّ العلاقة الجنسيّة غير طاهرة.
وإذا كانت هذه الحالات موجودة في القديم، فما هو المنشأ في ظهور هذه الأفكار والعقائد؟ وما الذي يدفع البشر إلى سوء الظنّ بشيء تحبّه الطبيعة البشريّة وتميل إليه، بل وتدين بجزء من وجودها إليه؟
2 ـ منشأ فكرة خبث العلاقة
يُذكَر أنّ فكرة خبث العلاقة الجنسيّة قد بدأت بعد الصورة التي قدّمتها الكنيسة للحياة التي عاشها النبي عيسى المسيح عليه السلام. فاعتبروا أنه عاش عازباً بسبب الخبث الذاتي الموجود في العلاقة الزوجيّة. ومن هنا أصرّوا على انتخاب البابا من بين رجال لم يخالطوا النساء مطلقاً.
من جهة أخرى تعتقد هذه المجموعات أنّ التقوى التي يريد البشر الوصول إليها لا تجتمع مع الزواج الذي يحمل طبيعة دنيئة. والأعجب من هذا أنّهم كانوا يبيحون الزواج لأجل الإنجاب أو لأنّه أهون الشرّيْن للحيلولة دون العلاقات المتحللة بين الرجال والنساء.
ويمكن توضيح وفهم جميع الأفكار المتقدمة في خضم العقيدة التي راجت عند البعض الذي كان ينظر باحتقار إلى المرأة، واعتبرها إنساناً ناقصاً، وأنّها مخلوق بين الإنسان والحيوان، أو أنّها لا تمتلك نفساً إنسانيّة ناطقة، ويحرّم عليها دخول الجنة.
3 ـ المنطق الإسلامي والعلاقة الزوجيّة
إنّ هذه الأفكار توضح مدى الغرور المسيطر على هؤلاء واحتقارهم للمرأة. وبالنظر إلى ما تقدم، فإنّ المنطق الإسلامي لم تبدر منه أقلّ إشارة إلى خبث الرباط الجنسي المشروع أو الآثار الناجمة عنه، وبالعكس فقد سعى الإسلام لأجل تنظيم هذه العلاقة.
فالإسلام يرى أنّ مصلحة المجتمع المعاصر أو الأجيال القادمة هي وحدها التي تحدّد مسألة العلاقات الجنسيّة. وفي هذا المجال عمل على وضع أسس لن تؤدّي إلى الشعور بالحرمان أو الإحباط أو كبت الغريزة الجنسيّة.
ومن المؤسف أنْ يتجاهل بعض المفكرين الغربيين أمثال "راسل" رأي الإسلام عند توجيههم النقد لأصحاب الديانات في خصوص العلاقات الجنسيّة.
وعلى كلّ حال فالإسلام لا يرى أيّ تناقض بين العلاقة الشرّيفة والمبادئ المعنويّة والروحيّة، بل يرى هذه العلاقة جزءًا من طبائع الأنبياء وأخلاقهم.
يُروى أنّ أحد أصحاب الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم واسمه "عثمان بن مظعون" قد وصلت به العبادة إلى درجة أنّه كان يصوم كل يوم، ويمضي الليل كلّه بالصلاة، فنقلت زوجته حالته هذه إلى الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم الذي خاطبه قائلاً: "يا عثمان، لم يرسلني الله بالرهبانيّة، ولكن بعثني بالحنيفيّة السَمْحة أصوم وأصلي وألمس أهلي، فمَن أَحبَّ فطرتي فليستسنّ بسنّتي، ومن سنّتي النكاح...".
4- العلاقة الزوجيّة في الغرب المعاصر
وتجدر الإشارة إلى أنّ المسائل التي ذُكرتْ حول خبث العلاقة الجنسيّة والآثار الناجمة عنها تتعلّق بماضي الغرب، حيث نشهد في زماننا تحولاً كبيراً ومختلفاً على مستوى الأخلاق والضوابط الجنسيّة، فاليوم يتحدّث الجميع عن قدسيّة العلاقة الزوجيّة، ويرون ضرورة إطلاق الحريّة للميول والرغبات ورفع القيود كافة في هذا المجال.
ولم يكن المسلمون بمأمن من هذه الأفكار الغربيّة، سواء الماضية أو الحاضرة، فقد نفذت بيننا بصورة أو بأخرى، ودخلت أفكارهم الجديدة إلى حياتنا كانسياب السيل.
وإذا كان الإسلام أكدّ على وجود ضوابط تحكم العلاقة العاطفيّة بين الرجل والمرأة، فقد اعتُبرت جزءاً أساسيّاً من الأخلاق بالمعنى العام. وتشتمل هذه الضوابط على العادات والاستعدادات والوسائل الإنسانيّة التي ترتبط بالغريزة العاطفيّة.
وبعبارة أخرى، فإن الحالة الأخلاقيّة هذه يُعَبَّر عنها من خلال الحياء لدى الرجل والمرأة، وغيرة الرجل على عرضه، والعفّة والإخلاص عند المرأة بالنسبة لزوجها، وهكذا أيضاً ستر العورة وستر جسد المرأة عن غير المحارم، ومنع الزنا، وتحريم النظر الشهوانيّ إلى غير الزوجة، ومنع التزاوج بين المحارم... ومسائل أخرى عالجها الإسلام في إطار الأخلاق التي عمل على إشاعتها بين الأفراد.
معنى (ودق) في القرآن الكريم
الشيخ حسن المصطفوي
هل قاتلت الملائكة؟
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
فينومينولوجيا الغيب، بَداؤها عينُ خفائِها (2)
محمود حيدر
مناجاة الذاكرين (7): أستغفرك من كلّ لذّة بغير ذكرك
الشيخ محمد مصباح يزدي
ما الذي يهمّ أنت أم أنا؟ يتذكر الأطفال ما هو مهم للآخرين
عدنان الحاجي
بين الأمل والاسترسال به (1)
الشيخ محمد مهدي شمس الدين
{وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ..} لا تدلُّ على تزكية أحد (2)
الشيخ محمد صنقور
العزة والذلة في القرآن الكريم
الشيخ عبد الله الجوادي الآملي
ماذا نعرف عن القدرات العظيمة للّغة العربية؟
السيد عباس نور الدين
لا تبذل المجهود!
عبدالعزيز آل زايد
الإمام الهادي: غربة على شفير السّمّ
حسين حسن آل جامع
سيّد النّدى والشّعر
حبيب المعاتيق
أيقونة في ذرى العرش
فريد عبد الله النمر
سأحمل للإنسان لهفته
عبدالله طاهر المعيبد
خارطةُ الحَنين
ناجي حرابة
هدهدة الأمّ في أذن الزّلزال
أحمد الرويعي
وقف الزّمان
حسين آل سهوان
سجود القيد في محراب العشق
أسمهان آل تراب
رَجْعٌ على جدار القصر
أحمد الماجد
خذني
علي النمر
معنى (ودق) في القرآن الكريم
هل قاتلت الملائكة؟
أهمّ عشرة اكتشافات علمية في الفيزياء لعام 2025
تزكية النّفس أوليّة مقدّمة على كلّ شيء
فينومينولوجيا الغيب، بَداؤها عينُ خفائِها (2)
مناجاة الذاكرين (7): أستغفرك من كلّ لذّة بغير ذكرك
سياسة المتوكل مع الإمام الهادي (ع) (2)
الإمام الهادي: غربة على شفير السّمّ
معنى (سبل) في القرآن الكريم
فينومينولوجيا الغيب، بَداؤها عينُ خفائِها (1)