الشيخ جعفر السبحاني ..
لقد تعلّقت المشيئة الربانية بأن تبقى واقعة الغدير التاريخية في جميع القرون والعصور كتاريخ حيّ يجتذب القلوب والأفئدة، ويكتب عنه الكتّاب الإسلاميون في كل عصر وزمان ويتحدثون حوله في مؤلفاتهم المتنوعة في مجال التفسير والتاريخ والحديث والعقائد، كما يتحدث حوله الخطباء في مجالس الوعظ ومن فوق صهوات المنابر، ويعتبرونها من فضائل الإمام علي الذي لا يتطرق إليها أي شك أو ريب.
ولم يقتصر هذا على الكتّاب والخطباء بل استلهم الشعراء من هذه الواقعة الكبرى التي فجرت بالتفكير حول هذه الحادثة، وبالإخلاص لصاحب الولاية ينابيع التعبير في وجودهم فأنشأوا أروع القصائد، وجادت قرائحهم بأنواع مختلفة من القصيد الجميل، وخلّفوا لمن بعدهم وبلغات مختلفة آثارًا أدبية ولائية خالدة.
ولهذا قلّما نجد حادثة تاريخية حظيت في العالم البشري عامة وفي التاريخ الإسلامي والأمة الإسلامية خاصة بمثل ما حظيت به واقعة الغدير، وقلما استقطبت اهتمام الفئات المختلفة من المحدّثين والمفسرين والكلاميين والفلاسفة، والشعراء والأدباء، والكتّاب والخطباء، وأرباب السير والمؤرخين كما استقطبت هذه الحادثة، وقلّما اعتنوا بشيء مثلما اعتنوا بها.
إن من أسباب خلود هذه الواقعة الكبرى ودوام هذا الحديث هو : نزول آيتين من آيات القرآن الكريم فيها ، فما دام القرآن الكريم باقيًا مستمرًّا يتلى آناء الليل وأطراف النهار تبقى هذه الحادثة في الأذهان والنفوس ولا تمحو خاطرتها من العقول والقلوب.
وحيث أن المجتمع الإسلاميّ في العصور الغابرة وكذا الطائفة الشيعية كانوا يعتبرون هذا اليوم عيدًا كبيرًا من الأعياد الدينية، وكانوا يقيمون فيها ما يقيمونه من المراسيم في الأعياد الإسلامية لهذا فإن هذه الحادثة التاريخية ( حادثة الغدير ) قد اتخذت طابع الأبديّة والخلود الذي لا تمحى معه خاطرتها من الأذهان والخواطر.
هذا ويستفاد من مراجعة التاريخ بوضوح أن اليوم الثامن عشر من شهر ذي الحجة الحرام كان معروفًا بين المسلمين بيوم عيد الغدير وكانت هذه التسمية تخطى بشهرة كبيرة إلى درجة أن ابن خلّكان يقول حول المستعلي بن المستنصر : فبويع في يوم غدير خمّ وهو الثامن عشر من شهر ذي الحجة سنة 436.
وقال في ترجمة المستنصر بالله العبيدي : وتوفي ليلة الخميس لاثنتي عشرة ليلة بقيت من ذي الحجة سنة سبع وثمانين وأربعمائة، قلت : وهذه هي ليلة عيد الغدير أعني ليلة الثامن عشر من شهر ذي الحجة وهو غدير خم.
وقد عدّه أبو ريحان البيروني في كتابه الآثار الباقية ممّا استعمله أهل الإسلام من الأعياد.
وليس ابن خلّكان وأبو ريحان البيروني، هما الوحيدان اللذان صرّحا بكون هذا اليوم هو عيد من الأعياد، بل هذا الثعالبيّ قد اعتبر هو الآخر ليلة الغدير من الليالي المعروفة بين المسلمين.
إن عهد هذا العيد الإسلامي وجذوره ترجع إلى نفس يوم الغدير لأن النبي (صلى الله عليه وآله) أمر المهاجرين والأنصار بل أمر زوجاته ونساءه في ذلك اليوم بالدخول على عليّ (عليه السلام) وتهنئته بهذه الفضيلة الكبرى.
يقول زيد بن أرقم : كان أول من صافح النبي (صلى الله عليه واله) وعليًّا : أبو بكر وعمر وعثمان وطلحة والزبير وباقي المهاجرين والأنصار وباقي الناس.
محمود حيدر
السيد محمد حسين الطبطبائي
السيد محمد باقر الحكيم
السيد محمد حسين الطهراني
الشيخ فوزي آل سيف
الشيخ حسين مظاهري
الشيخ عبدالهادي الفضلي
الشيخ محمد صنقور
السيد محمد باقر الصدر
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
عبد الوهّاب أبو زيد
الشيخ علي الجشي
حسين حسن آل جامع
ناجي حرابة
فريد عبد الله النمر
جاسم بن محمد بن عساكر
أحمد الماجد
عبدالله طاهر المعيبد
ياسر آل غريب
زهراء الشوكان